رغم صعود الصين كقوة اقتصادية كبيرة تناطح اقتصادات الولايات المتحدة وأوروبا فإنّ عملتها الوطنية "اليوان"، ما زالت غير قادرة على منافسة عملات هذه الدول في الأسواق العالمية.
حصل اليوان على 6.4 درجة من أصل 100 درجة كعملة يمكن تدويلها؛ وذلك استنادا إلى استخدامه في التجارة الدولية واحتياطات الصرف الأجنبي، حسبما ذكر تقرير من جامعة "رينمين" الصينية" يقيس تدويل العملة، نشرته صحيفة "سوث تشينا بوست مورنينج" .
وتدويل العملة هو الاستخدام الواسع للعملة خارج حدود بلد إصدارها، ويُحدد مستوى تدويل العملة حسب طلب الدول الأخرى لتلك العملة بناءً على مقدار الأعمال القائمة بين الدول أو القيمة المُتصورة للعملة
يفسّر باحثان، سياسي واقتصادي، التحصنيات التي تمنح الدولار واليورو قوتهما أمام اليوان، لافتين إلى أنه ليست بينها قوة الاقتصاد في حد ذاتها.
جاء في تقرير الصحيفة الصينية تشخيص حال اليوان مقابل منافسيه، كما وضع روشتة تعزز من قيمة اليوان في الخارج:
الدولار واليورو في صدارة الأوراق المالية الأكثر قوة، واليوان يأتي خلفهما.
الدولار واليورو بلغا 50.5 و25.16 على التوالي في قائمة العملات المستخدَمَة عالمية، بينما حصل اليوان على 6.4 درجة، وهي نسبة متدنية للغاية.
الأرجنتين والبرازيل وروسيا بدأت في استخدام اليوان (ضمن اتفاق التبادل التجاري بالعملات الوطنية مع الصين)، لكن الشكوك بشأن استقرار هذه التعاملات لا تزال قوية.
يتم استخدام اليوان الآن ضمن مبادرة الحزام والطريق، وهي مبادرة بنية تحتية عابرة للقارات انضمت إليها أكثر من 60 دولة، لكنها تواجه عقبات تخص قابلية تحويل اليوان، وضوابط الصين على رأس المال.
يتعيّن على الصين أن تدفع باتجاه المزيد من اتفاقيات التجارة الحرة، الثنائية والإقليمية، لتعزيز فرص التجارة، وخلق ظروف ملائمة لاستخدام اليوان في الخارج.
هناك ضرورة لتعزيز التبادلات مع الدول المتقدمة في التحول الاقتصادي منخفض الكربون، والتنمية المالية الخضراء، والاستفادة من إمكانات اليوان لخدمة التعاون المناخي العالمي.
يجب أن تشارك الصين بنشاط في صياغة قواعد التجارة الرقمية المستقبلية، والحوكمة الاقتصادية الرقمية العالمية، وإفساح المجال كاملا لمزايا في التحول الرقمي وتطوير العملة الرقمية للبنك المركزي الصيني.
هناك ضرورة لاتحاد البنوك المملوكة للدولة والشركات الصناعية العملاقة في إعطاء الأولوية لاستخدام العملة الصينية في التجارة والمشروعات الخارجية.
"سر القوة"
يلفت الخبير الاقتصادي، يوسف التابعي، إلى عوامل أخرى تتحكّم في في تحديد سر قوة العملة حتى تأخذ ثقلا عالميا، بخلاف كون بلد هذه العملة ذا اقتصادي قوي أم لا.
يضيف موضحا، أنه إذا قارنا اليوان باليورو والدولار فهناك أمور يجب الوعي بها:
• أولها أن الدولار احتل مكانته الكبيرة، ليس بسبب قوة أميركا الاقتصادية، لكن بسبب ربطه بالنفط، فاتفاق بيع النفط بالدولار حصّن العملة الأميركية من أي تقلبات سياسية.
• في المقابل، فإن اقتصاد الصين هذه الفترة نستطيع أن نقول إنه أقوى بكثير من الاقتصاد الأميركي والأوروبي، لكن اليوان ليست لديه ركيزة عالمية قوية تجعله بقوة الدولار.
• اليورو هو الآخر يكتسب قوته من قوة الدولار بسبب التحالف بين أميركا وأوروبا، ونستطيع أن نقول إن واشنطن هي مَن وضعت مكانة اليورو عالميا.
• لكن بالنسبة إلى الصين، فحتى أصدقاؤها لا يمكن أن يثقوا باليوان بسبب سطوة الدولار.
• هذه السطوة تتمثّل أيضا في الأنظمة الائتمانية وأنظمة الصرف التي تتحكم فيها أميركا، وتربطها بالدولار وكذلك بالعقوبات.
• مثال على ذلك ما حدث مع روسيا؛ فالروبل كان اتخذ طريقا للتداول العالمي بشكل كبير، لكن العقوبات بعد حرب أوكرانيا، أخرجته من منظومات الصرف العالمية، وأصبح عديم القيمة نسبيا.
• كذلك الحال بالنسبة إلى اليوان؛ فقدرته على التدويل محدودة؛ كونه هو الآخر يعتمد على أنظمة صرف عالمية مركزها أميركا، وفي أي لحظة يتم فرض عقوبات سيضعف هو الآخر.
مركز الطاقة العالمي: لا يمكن لليوان الصيني استبدال الدولار
أنظمة الصرف المحلية
يتفق الخبير في الشؤون الصينية، مازن حسن، مع التابعي في أن السيطرة الأميركية على أنظمة الصرف "تعرقل تقدم اليوان".
وكذلك في أن التقلبات السياسية وتهديد خصوم بكين لها بالعقوبات "يُصعّبان مهمة اليوان في الصعود".
لذا يرى حسن أنه على الصين أن "تعتمد على أنظمة صرف محلية، وتصدّرها لحلفائها أو زبائنها لتعزيز قوتها"، مشيرا إلى أهمية نجاح بكين مؤخرا في إبرام صفقات تجارية يكون الدفع فيها باليوان.
المصدر: سكاي نيوز عربية