من الصعب علينا ان نحدد اي نوع من الأسر من الممكن لها ان تخرج لنا فردا ذات صفات وطباع محددة وذلك لصعوبة التقييم التربوي الفعلي ولقلة المعرفة اللازمة بالممارسة التربوية والتحكم والسيطرة على العوامل المؤثرة في نمو الفرد داخل الاسرة.
وكثيرا ما نرى نماذج فاشلة في مجال التربية حتى في الحالات التي يكون فيها الكبار على درجة كبيرة من الذكاء والاستعداد، لأن المشكلة ليست مشكلة أحد الوالدين فقط ولكنها مشكلة احد الوالدين والطفل معا. وهي تأتي نتيجة مجموعة من الاحداث المتبادلة.
يجب ان يتم التدخل التربوي بصورة متكاملة ووفق سلسلة من التقديرات والتقييمات، ولايجب ان يتم بصورة عشوائية، ويجب على الكبار ان يدركوا ضرورة الوضوح فيما يتعلق بالموضوعات المحورية او المفاهيم التوجيهية للحدث، وان يفكروا في توجيه قيمة معينة تحتاج الى إجماع أسري، حول مفهوم المجتمع واثر المجتمع على نشاط الأبناء الشخصي وعلى طريقة فهمهم وعيشهم للعادات الخاصة ولأدوارهم في الحياة، ويستطيع الطفل من خلال تقليده للكبار وقربه منهم وتقمصه لشخصياتهم، وان يكتسب العديد من القيم.
هناك اختلاف واضح في القيم والمشاعر التي تسود كل اسرة، فهناك بعض العائلات التي تبرز فيها مشاعر الحب والخلق والابتكار وحب المغامرة واخرى تسودها روح المنافسة والاستغلال. وهناك عائلات اخرى تعطي اهمية كبيرة لوجودها داخل المجتمع وعائلات تبرز فيها قيمة العلاقات الشخصية. فليفكر اذا الكبار وليعكس كل منهم طريقته الخاصة في اكتسابه للعادات والتقاليد من خلال تقييم هذه الطريقة من وجهة نظر تربوية تحدد امكانية تكاملها مع الموضوعات التربوية. وعلى الكبار كذلك ان يبحثوا عن الوضع الاجتماعي للطفل في عملية النمو الانساني.
وفي النهاية فان العملية التربوية تهدف الى زيادة طاقة الفرد ليخلق منه شخصية ذات مقاومة، اي يصبح شخصا قادرا على اختيار الاحداث ونماذج النسيج الثقافي، بالاضافة الى الاختيا رمن بين ما هو موجود اصلا في المجتمع. وبالتالي يكون الفرد قادرا على القبول او الرفض على اساس قيمة ما هو موجود في المجتمع من خلال وعي تربوي يساعده على التفكير العميق والتحليل والتصرف وفق معيار اخلاقي ليتوفر للفرد الشخصية الصلبة والمنيعة لمواجهة كافة التغيرات في الحياة والمناخ الاجتماعي عند كبره. ان حياة الشخص تبدا مع قدرته على الاتصال بالبيئة وامتلاك امر نفسه ومزاولة نشاطاته ليرتقي بنفسه بعد ذلك الى مركز هذه البيئة ومن ثم يكتسب شخصيته المميزة.