هارتس : إلغاء "علّة المعقولية": انتصار ينبئ بهزيمة كبرى للائتلاف

ميراف.jpeg
حجم الخط

بقلم: ميراف ارلوزوروف



دمّر أسد عجوز ومريض، هذا الأسبوع، خلال ساعتين إرثاً عمره تقريباً 30 سنة من النشاط العام. بدلاً من الراحة في المنزل بعد زراعة جهاز لتنظيم ضربات القلب، جر الأسد العجوز نفسه الى الكنيست، وسمح لمجموعة من المتطرفين بإملاء تحركاته وجره الى تدمير كل ما آمن به حتى الآن.
قبل خمس سنوات لم يكن هذا ليحدث لبنيامين نتنياهو. في ذروته كان نتنياهو سيستغل الفرصة التي سنحت له للمصالحة ويملي مرة اخرى كرئيس حكومة رسمي خطواته.
كان نتنياهو سيتبنى الحل الوسط فيما يتعلق بتأجيل سن القوانين، وسيقوم بعقد صفقة سرية مع آريه درعي من اجل أن يجعل الحاخامات يطلقون دعوة لوحدة الشعب عشية 9 آب، على خلفية الذكريات الأليمة من الكراهية المجانية التي أدت الى دمار الهيكل، وكان سيرسل سموتريتش وبن غفير وياريف لفين للتمرغ في الصورة المتطرفة، حيث لا يوجد لأي منهم بديل سياسي عدا الوجود في حكومته.
على الفور بعد ذلك كان سيستمتع بالحصول على دعوة لزيارة البيت الأبيض، وربما كان سيحرك من جديد خطوات سياسية امام السعودية، ويضع نفسه مرة اخرى كساحر سياسي وكمنارة للشعوب.
بدلاً من ذلك فإن الاسد العجوز والمريض يتوقع أن يتعلم الآن، بطريقة صعبة، حدود القوة. إن انتصار سن قانون الغاء ذريعة المعقولية بشكل احادي الجانب في كنيست فقط اعضاء الائتلاف هم الذين يوجدون فيها، هو بالطبع انتصار باهظ الثمن، انتصار في معركة ينبئ بالهزيمة في الحرب.
بالنسبة لملايين الإسرائيليين في الشوارع، ووفي ظل تفكك جيش الاحتياط، وربما ايضا الجيش النظامي، وانهيار الشيقل، وبحث القطاع التجاري عن الهروب من الاستثمار في إسرائيل، فإن الهزيمة مكتوبة مسبقاً على الحائط.

صب الزيت على نار الاحتجاج

ثمن الهزيمة سيتعلمه ليس فقط نتنياهو، بل ايضا شركاؤه السياسيون. تسبب العمى بثمل القوة للأحزاب الحريدية بالكارثة الأفظع بالنسبة لها. الحريديون سيشتاقون الى حكومة بينيت – لابيد ومشروع قانون التجنيد المعتدل الذي قدمته تلك الحكومة، والذي كانت ستتم المصادقة عليه في حينه تقريبا بدون معارضة الجمهور. الآن مشروع قانون مشابه سيجعل نصف الشعب يعتلي المتاريس، وبالاساس سيثير في الجيش ردوداً مضادة فظيعة.
قدمت الأحزاب الحريدية، أول من أمس، بغباء، مشروع قانون الاساس: تعلم التوراة كخدمة مهمة، الذي تتفاخر فيه بالقول إن "الذين اخذوا على عاتقهم التفرغ لدراسة التوراة لفترة طويلة سيعتبرون مثل الذين يقدمون خدمة مهمة لدولة إسرائيل وللشعب اليهودي، وأن هذا سيكون له تداعيات على حقوقهم وواجباتهم". أو باختصار، تتفاخر هذه الاحزاب بالقول إن تعلم التوراة يساوي الخدمة العسكرية. لذلك فان كل من يتعلم التوراة معفي من الخدمة العسكرية.
يصعب تخيل غباء اكثر من مشروع القانون هذا الذي يعتبر بمثابة صب الزيت على نار الاحتجاج العلماني. هكذا فان افضل ابنائنا اضطروا الى وقف التطوع في خدمة الاحتياط على خلفية الانقلاب النظامي وتحطيم الاتفاق الذي يقف في مركز الخدمة في جيش الشعب. والآن من المؤكد أن التفكك قد وصل ايضا الى الجيش النظامي. كل ما يجب أن يحدث هو ارسال رسالة الى ابناء الـ 18، الى بضعة آلاف أو عشرات آلاف من أبناء الصف الـ 12، الذين سيعلنون بأنه على ضوء تهرب الحريديين من الخدمة في الجيش، هم ايضا مضطرون الى الاعلان وبألم بأنهم لا ينوون التجند للخدمة الالزامية. واذا حاولت الحكومة الدفع قدما بهذا التشريع الذي لا اساس له في قانون الاساس: تعلم التوراة، فان رسالة ابناء الـ 18 هذه ستأتي عاجلا أم آجلا، ولن يكون لنتنياهو الساحر أي رد على ذلك.
التهديد الحقيقي للتجند للخدمة النظامية هو السلاح الوحيد الذي لا يمكن لأي حكومة إسرائيلية أن تقف امامه. وأول من سيدفع ثمن ذلك هم الحريديون. سيدفع نتنياهو و"الليكود" نحو ذلك، وستتلاشى أحلامهم في الاعفاء من التجنيد الاجباري.
الانجاز الذي كان يمكن للحريديين الحصول عليه من حكومة وسط معتدلة لا توجد أي احتمالية في الحصول عليه من حكومة يمينية متطرفة ومسيحانية. لأنها لم تعد تحظى بثقة الجمهور. مع قليل من الحكمة السياسية فان الحريديين كانوا سيفهمون ذلك، وربما سيكونون حذرين من اشعال الارض أكثر. فقط في هذه الاثناء يبدو أنهم سيضطرون الى تعلم الدرس بالطريقة الاقسى.

ازمة اقتصادية تخدم مصالح مسيحانية
لن يكون هذا الدرس الوحيد الذي سيتم تعلمه. وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، أكد في الاشهر الاخيرة مرة اخرى أنه لم تكن ولن تكون هناك ازمة اقتصادية، لأن التهديد بالازمة هو حملة لليساريين الخونة.
"لا أعتقد أن رجال الاقتصاد خبراء كبار في موضوع الدستور"، قال في نقاش في اللجنة المالية للكنيست في نيسان الماضي. "اذا حدث أي ضرر للاقتصاد، وأنا لا أعتقد ذلك، فهذا سيكون بسبب جميع انواع حملات الاكاذيب التي تخلق عنصرا سلبيا في الاقتصاد".
لكن للتأكيد، ومن اجل أن لا يظهر كمجنون تماما اذا وجدت مع ذلك أي ازمة اقتصادية صغيرة فان سموتريتش أعد لنفسه مهربا. "بطبيعتها، تؤدي الخلافات السياسية الشديدة الى الاحتجاج، ويمكن أن تخلق عدم يقين مؤقت"، كتب سموتريتش ونتنياهو في بيان مشترك في نيسان الماضي. "هذه اخطار يجب أخذها في الحسبان وهي تعتبر ضمن التقديرات الاقتصادية لدولة إسرائيل". بكلمات اخرى، الازمة الاقتصادية هي أمر جيد اذا كانت تخدم مصالحنا المسيحانية في تنفيذ الانقلاب النظامي في إسرائيل.
عندما نشرت هذه الجملة في نيسان أثارت التساؤل حول سلامة عقل نتنياهو "السيد اقتصاد"، الذي آمن دائما بأن قوة إسرائيل العسكرية تستند الى قوتها السياسية والاقتصادية. ولكن لم يتم طرح تساؤلات مشابهة بخصوص سموتريتش الذي يعتبر شخصا مسيحانيا ومهووسا. في هذه الاثناء ستضطر مسيحانية سموتريتش هي ايضا الى مواجهة صعوبات الواقع.

عن "هآرتس"