ما أن أتمت وسائل الإعلام التقاط صورة وفود الفصائل مع الرئيس محمود عباس، نجم الحفل السياسي الأول في "لقاء العلمين"، حتى خرج عشرات آلاف من أهل قطاع غزة الى شوارعها من بيت لاهيا شمالا حتى رفح جنوبا، تحت مظلة راية وطنهم الوحيدة التي يعترفون بها رمزا، وشعارهم الذي بات جزءا من ثقافة غضب، بدنا نعيش، خروج كأنه منح من ذهب الى شاطئ المتوسط المتآخي بالساحل مع بحر القطاع، فرصة نهاية "خلوتهم غير الشرعية"، فأعلن الغاضبون بيانهم الأول يوم 30 يوليو 2023, أن الصمت لم يعد سلاحا للوطنيين.
عشية إعلانات الغضب حاولت حماس، عبر إعلامها وذبابها العام، مستندة الى قوة إعلام الجماعة الإخوانجية، وبغض وسائل وجدت لخدمة الفتنة والتخريب، لتسخيف النداءات الشبابية، وتشويه مضمونها وصلت الى استخدام لغة هي الأحط في قاموس العربية، وسريعا خلعوا كل "نقاب المكذبة الأخلاقية" وقذفوا في مصارف قطاع غزة "اردية الدين" التي يلتحفون بها، ليصفوا فعل الخروج من أجل قول لا نريد "الموت" قبل أجل، ولا حياة هوان وذل بخديعة وشعارات منحت أهلها كل مظاهر الفساد واللصوصية وثراء غير مسبوق، ومصادرة الحق لصالح الباطل، اجتماعيا وحياتيا وقبلها سياسيا وطنيا.
لم ترتعش قوة الدفع التي كانت تنتظر عبارة "شلة العلمين" نلقاكم في "فسحة سياسية قادمة"، فانطلقت لتهز المشهد الكامل، وتصبح هي الحدث الأبرز وطنيا، رغم كل محاولات تشويه وتضليل وصمت إعلامي غير مسبوق، كشف بشكل واضح أن "الحكم الإخوانجي" هو ضرورة لمشاريع جوهرها طمس معالم الاستقلالية الوطنية الفلسطينية، لصالح مشاريع تهويديه عبر تقاسم وظيفي مع دولة الكيان.
ولأن "الجوع كافر" ولا خسارة معه سوى كسر "الذل والهوان"، خرج أهل قطاع غزة، وأصاب حكم الردة الوطنية، برعشة لم تحسب حسابهاـ وغرقت في كيفية تعاملها مع "مفاجأة الغضب" التي استهترت بها بغطرسة قوة وخيبة فكر وانحدار تقدير، فلجأت بداية الى "الطريقة الليكودية" التي يستخدمها حزب رئيس "التحالف الفاشي" في دولة الكيان، بزج بعض منهم وسط حراك الغضب، محاولة لحرف المسار والقيام بفعل تخريبي يكون مبررا لتدخل قوات الترهيب، وهتافات تشويشيه قدر المستطاع، وكأن الأمر تباين بين "شارع وشارع"، وليس رفضا لمسار حاكم أذل المواطن بما لم يكن يوما في قطاع غزة، ما قبل يونيو 2007.
ومع فشل "المناورة الليكودية" كشفت أجهزة أمن الحكم الانفصالي الارتدادي حقيقتها ورعبها، فكانت قواتها بكل المسميات، قسام، داخلي، شرطة مدنية وعسكرية ومخبرين (على طريقة المستوطنين)، محاولة لكسر قوة الغضب الشعبي، الذي امتد لساعات ليصبح قطاع غزة مضيئا بإرادة الغاضبين مقابل "إرهاب المرتعشين".
بضع ساعات هزت اركان حماس، حكما وأجهزة وحركة وأدوات، وأدركت أن أبرز معالم "حراك أهل قطاع غزة" الجديد، كسر حاجز الخوف وأن جيلا خرج ليقول بوضوح كامل، أن مكذبة الكلام والشعارات ولى زمنها، ولا خيار سوى تصويب ما تم سرقته عبر 16 عاما، وطنيا، إنسانيا وحياتيا، وكل ما يلصق بها شعارات واستخدام دولة الكيان "جدارا واقيا" سقطت ولا مكان لها.
ومع سقوطها سقطت فصائل بالجملة، وأكدت أنها جزء تكميلي وربما عضوي من الحكم الإخوانجي القائم في قطاع غزة، توافقا فكريا سياسيا، أو مصلحة انتهازية أو رهبة ورعبا، ولكنها أكدت أن علاقتها بالشعب خدعة كبرى، ولعل أول الساقطين حركة فتح، بكل مكوناتها التي بات الجبن والخوف مظهر جيني، فافترقت عن لقبها المحبب "أم الجماهير"، حركة تخلت منذ زمن عن أهل غزة رافعة الثورة والكيانية الوطنية، لحسابات غير فلسطينية.
أن يصبح موت الغزي بقصف صاروخي من عدو يهودي، وجرافة حكم حمساوية، وانعدام الكهرباء ومشهد توسلي جديد أسموه "منحة قطرية" ليصح هناك وكالة غوث لاجئين وشنطة منح متعففين، فتلك مسألة استمرارها لن يدوم.
وكي لا يصبح المشهد الغزي "دمويا" أكثر، وجب على كل وطني أن يحمي حراك الحياة، من بطش وترهيب، وان تكسر فصائل "العرة الوطنية" طاسة الرعب وتنحاز الى من يجب الانحياز لهم، وقوفا في مواجهة حاكم جائر ظالم كسر مكونات كرامة الإنسان، دونها طلاق بلا رجعة من "الوطنية الفلسطينية" ولتتقوقع في شرنقة حزبيتها المشبعة بالسواد.
ملاحظة: حصد الرئيس عباس كل ما أراده من "لقاء الفسحة السياسية السياحية في العلمين"..أكد أنه مرجعية "الكل الفصائلي" من الفرقة الإخوانجية الى فصيله الفتحاوي..تسابقوا لالتقاط صورة معه..عليهم تشكيل لجنة برم منهم تقدم تقاريرها له...بعد هيك اللي بيحكي عليه منهم لازمه "لط بشو ما تلاقوا بطريقكم"!
تنويه خاص: بيان "فسحة السياحة الكلامية" في العلمين نسى فلسطين وتذكر فصائلها، وبدل ما يدعم طلبها في الأمم المتحدة، دعم رحلات سياحية جديدة..وبختك ياوطن!