اجتماع الفصائل ... مدماك آخر في حائط القطع

lFDcS.png
حجم الخط

بقلم حمدي فراج

 

في قراءة سريعة ، غير متسرعة ، لاجتماع أمناء الفصائل ، كان هناك رابحون و خاسرون ، و من ابرز الرابحين كانت السلطة الفلسطينية صاحبة الدعوة ، و حركة الجهاد الإسلامي التي غابت مع سبق الإصرار لكن بدون ترصد ، اذ قرنت حضورها باطلاق سراح المعتقلين السياسيين ، و هو مطلب متواضع لا يستقيم الإبقاء على حبسهم مع أي حد من حدود ما يسمى بالوحدة الوطنية ، و قد وصل الامر "بالقيادة العامة" في محاولتها التوسط بين السلطة والجهاد المطالبة باطلاق بعض هؤلاء المعتقلين و ليس كلهم ، وان الجهاد وافقت على اطلاق هذا البعض .

 

كان ينبغي على فصائل مقاومة كالجبهة الشعبية مقاطعة الاجتماع بمجرد تبرير السلطة لاعتقال هؤلاء المناضلين بانهم جنائيون ، ان عدم الاكتفاء باعتقالهم ، بل محاولة إضفاء الجنائية والاجرامية على نضالهم يكفي للتأكد من ان الاجتماع ذاهب في اتجاه مغاير لما أمل البعض منه و تمنى ، بمن في ذلك أبناء كثيرون من حركة فتح ، التي تمنت في قرارتها ان يتم انقاذها من مأزقها التي ابتليت به عشية التوقيع على اتفاقية السلام قبل ثلاثة عقود .

 

فازت الجهاد لانها غابت ، متماهية بذلك مع بقية مواقفها العقدية والمبدئية ، و فازت السلطة للتمكنها الجهر بمواقفها التي لطالما حاولت تمويهها ، جهرت امام الأمناء بكل شيء تقريبا ؛ لا مكان في منظمة التحرير لمن لا يعترف بالشرعية الدولية ، لا للكفاح المسلح او أي كفاح غير سلمي ، و لا قانون في الدولة الا قانون واحد و كذلك السلاح ، دون ان يكون هناك أي دولة بعد . اما القضايا الثقيلة موضوع الخلاف كالاعتراف بإسرائيل و التنسيق معها او حتى موضوع الانتخابات ، فهي ليست الا جدل عقيم لا محل له في النقاش.

 

أين حركة حماس من هذا المعمان ؟ لم يكن حضور حماس امرا مستغربا ، خاصة بعد اللقاء التركي ، و يرى البعض في شقها السياسي "التركي وغيره" انه يمارس مع إسرائيل بالسر ما تمارسه فتح و السلطة بالعلن ، لكن حضورها اجتماع الفصائل قد يشعل ضوءا أحمر لدى الجهاد ، فهذه ليست المرة الأولى التي تتخلى فيها عنها و تتركها وحيدة فريسة براثن و نواجذ الاحتلال رغم الخطاب الإعلامي الديني الاسلاموي الذي يتحفون به آذان بسطاء الناس فلسطينيين و عرب ومسلمين ، ما قد انطلى ربما على حزب الله الذي كان له الأثر الأكبر في تقريب الحركة من سوريا قبل اقل من عام .

 

فازت أيضا فصائل اليسار اليميني التي تريد في المقام الاول الإبقاء على امتيازاتها و مخصصاتها ، فهؤلاء كأولئك الذين قالوا لعلي : قلوبنا معك و سيوفنا عليك . اما فصائل اليمين اليساري ، فهؤلاء كانوا سعداء بغياب الجهاد ، و كم تمنوا لو غابت الشعبية و حماس أيضا ، هؤلاء مصلحتهم الوحيدة اليوم هو الإبقاء على الانقسام ، الذي بدا واضحا انه قد تعمق اكثر من السابق ، و به يكون مدماكا آخر قد ارتفع في حائط القطع مع الجماهير .