يديعوت : إسرائيل والضفة تتحولان دولة واحدة: ستبكي الأجيال القادمة

ميخائيل ملتشتاين.jpeg
حجم الخط

بقلم: ميخائيل ميلشتاين


منذ سبعة أشهر تركز إسرائيل بشكل جارف (ومبرر) على الأزمة الداخلية التي تغير صورتها. لكن في ظل الانشغال المكثف بالمسألة القضائية، تُدفع إلى الأمام في "يهودا" و"السامرة" سياقات تؤدي على نحو مواظب إلى تغيير الطابع الجغرافي والديمغرافي لإسرائيل وتنطوي على تحدٍ وجودي جسيم للدولة.
منذ أداء الحكومة اليمين القانونية وهي تحث الخطى التي تؤدي إلى شطب الخط الأخضر، وتغيير الواقع الديمغرافي في المنطقة، ودمج الاقتصاد الفلسطيني بالإسرائيلي.
في هذا السياق يبرز إقرار بناء نحو 12 ألف وحدة سكنية في "يهودا" و"السامرة" (ارتفاع كبير بالنسبة للعقد الماضي)، وتقصير إجراء إقرارات البناء في المنطقة، وفي أعقاب إلحاق قسم من الإدارة المدنية بالوزير سموتريتش وتقليص مسؤولية وزير الدفاع عن الاستيطان اليهودي في "يهودا" و"السامرة"، وشرعنة عشر بؤر استيطانية، وإلغاء قانون فك الارتباط عن شمال "السامرة".
يدور الحديث عن تحقق تدريجي، من تحت الرادار، لرؤية سموتريتش بعيدة المدى التي في أساسها: إحلال السيادة في "يهودا" و"السامرة"، ومضاعفة الاستيطان اليهودي في المنطقة (الذي يبلغ اليوم نحو نصف مليون نسمة)، والتوحيد الإداري بين البلدات في "يهودا" و"السامرة" وتلك التي في إسرائيل، وإزالة السلطة الفلسطينية، التي تعرف كعدو مرير.
وهكذا، فإن إسرائيل التي توظف جهدها في الصراع الداخلي تجد نفسها منذ الآن – دون وعي أو إرادة – في مسار سريع إلى دولة واحدة.
هذا واقع ينشأ دون تخطيط إستراتيجي مرتب، أو إعلانات على الملأ، أو بحث جماهيري، بل من خلال الحياة اليومية للبيروقراطية، شق الطرق وإصدار التصاريح.
في الخلفية، يظهر تميز بارز في تحقيق "سلام اقتصادي" في أساسه المفهوم الذي يقول إن تحسين نسيج حياة الفلسطينيين يضمن الاستقرار الأمني على مدى الزمن، فيما أنه عملياً يتم تسريع دمج الكيانين.
عندما يجري في إسرائيل بحث في المسألة الفلسطينية فإنه يجري على أساس نظريات الماضي المترددة بين رؤية الدولتين ومواصلة إدارة النزاع.
عملياً، يتسع على نحو دائم خط التماس بين الجماعتين السكانيتين وتزداد المسؤولية الإسرائيلية عن ثلاثة ملايين فلسطيني يعيشون في "يهودا" و"السامرة".
وهكذا تقترب الجماعتان السكانيتان من نقطة اللاعودة الجغرافية، السياسية، والاقتصادية، بحيث لا يتاح انفصال مادي بينهما وبرعايته سينشأ واضع بلقاني خطير.
تجتذب الأزمة الداخلية معظم قوى المجتمع، وستجعل من الصعب التصدي المصيري لمواضيع جوهرية أخرى.
إسرائيل التواقة إلى الشفاء والمصالحة ستخشى على ما يبدو الانشغال بمسائل خلافية حادة تثير مرة أخرى دعوات للعصيان المدني أو تؤثر سلباً على استقرار المنظومة العسكرية، كالبحث في تسوية مستقبلية مع الفلسطينيين، وبخاصة تلك التي تترافق وتغييرات إقليمية في "يهودا" و"السامرة".
في ختام "حرب الاستقلال" كان كثيرون توجوا قرار بن غوريون عدم التسليم باحتلال الضفة الغربية في أثناء المعركة كـ "بكاء للأجيال".
هذا التعبير يمكن أن نحله اليوم على غياب البحث في المسألة الفلسطينية الآخذة في التعقد والسنوات الخمس الضائعة التي بددناها على صراع داخلي في ظل إهمال الانشغال بمسائل جوهرية، بما فيها التهديد الإيراني وترتيب علاقات اليهود والعرب في إسرائيل.
إذا ما وعندما تخرج إسرائيل من الأزمة الداخلية فإنها ستبدو مختلفة عما كانت عليه عندما دخلت إليها، من ناحية اجتماعية وحزبية، لكن أيضاً من ناحية سياسية وجغرافية.
عندها ستقف – وهي تكاد مشلولة القوى – أمام تحديات وجودية تفوق تلك التي تتصدى لها في هذه اللحظة. هذا فهم ينطوي على صرخة وجودية يجب أن يستوعبها أساساً رئيس الوزراء: أن يضع جانباً مسائل تبدو ظاهراً محملة بالمصائر، وعلى رأسها الإصلاح القضائي، وأن يركز الجهد في مواضيع جوهرية ستؤثر بلا قياس وقريباً على مستقبل الدولة، وعلى رأسها الموضوع الفلسطيني الذي سبق أن أثبت في الماضي أنه لا يمكن الهروب من البحث فيه أو عدم الحسم بشأنه.

عن "يديعوت "