بين الحدث الخطير في "يهودا" و"السامرة"، ليلة الجمعة، وعملية إطلاق النار القاسية في قلب تل أبيب، أول من أمس، أثبتت نهاية الأسبوع الأخير أن تحذيرات المستوى الأمني الأعلى بالنسبة للساحة الفلسطينية تتحقق.
وعلمت "يديعوت أحرونوت" أن رئيس "الشاباك"، رونين بار، وضع أمام رئيس الوزراء – حتى قبل أحداث نهاية الأسبوع – إخطارا استراتيجيا حول الوضع في "المناطق".
وكما كشف النقاب عنه هنا قبل تسعة أيام فقط، حذر الجيش بنيامين نتنياهو بشكل مشابه بالنسبة لإيران و"حزب الله".
سمع الأخير المرة تلو الأخرى بأن الهدوء مخادع، وأنه مطلوب تغيير في الميل تجاه محدثي الإرهاب، غير أن إسرائيل المنقسمة ستجد صعوبة في أن تنفذه.
فضلاً عن ذلك: أعداؤنا، علنا وفي الغرف المغلقة أيضاً، يفسرون الخلاف في إسرائيل نقطة ضعف. لا يطلب جهاز الأمن العمل فقط استنادا إلى إحساس داخلي، وهذه المرة أيضا لا تتحدث المعطيات هكذا، بل تصرخ.
في نصف السنة الأخيرة بلغ متوسط الإخطارات اليومي 200 (ثلاثة أضعاف السنة السابقة)، وعدد العمليات التي أحبطت في الدقيقة التسعين من قبل طاقم "تكيلا" في "الشاباك" و"يمام" هو من منزلتين.
لقد بلغ عدد إحباطات العمليات القاسية في صيغ مختلفة (عمليات انتحارية، عبوات ناسفة، إطلاق نار، اختطاف، دهس) أكثر من 450 في المتوسط. اكثر من 1700 مشبوه بالمشاركة في "الإرهاب" اعتقلوا.
من المهم التشديد على أننا لسنا في الأيام القاسية مثل التي مرت علينا في الانتفاضة الثانية، لكن في المقابل، في الفترة الحالية تتصدى المنظومة ليس فقط لإخطارات بعمليات فلسطينية، بل أيضا بتصاعد الإرهاب اليهودي الذي يشعل بدوره "الإرهاب" الفلسطيني. وحسب ما عرضه رئيس "الشاباك" في تقويم الوضع، فإن الإرهاب اليهودي يشعل "إرهابا" فلسطينيا ويدخل إلى الدائرة الإجرامية الكثيرين ممن لم يكونوا هناك قبل ذلك.
يدعي بار بأن المس بالأرواح، الذي يشهده الفلسطينيون، بل والمس الشديد بالممتلكات، سيؤدي إلى عمليات ثأر وسيجبي دما يهوديا، مثلما حصل بعد قتل عائلة دوابشة في دوما. رئيس الأركان هو الآخر ادعى بأن هذه الأحداث تزيد الدافعية لـ "الإرهاب".
هذه الأحداث، التي سميت "تدفيع ثمن"، تمس بشرعية أجهزة الأمن الفلسطينية التي يفترض أن تحبط أعمال "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، اللتين تخرجان كاسبتين: تريد إيران أن تنشغل إسرائيل بـ "المناطق" وهكذا تجبي ثمنا من إسرائيل عن إخفاقاتها في ساحات أخرى. إضافة إلى ذلك، فإن قوات هائلة من الجيش الإسرائيلي توظف في "المناطق": ليس أقل من 20 كتيبة (الذروة تبلغ 26) والنتيجة، كما يمكننا أن ننشر لأول مرة، هي مس بمنظومة تدريب القوات البرية. بالنسبة للحرب التالية هذا ليس اقل حرجا.
هنا ينبغي أن نقول أموراً قاسية عن مسؤولية القيادة السياسية: نقل صلاحيات الإدارة المدنية إلى الوزير بتسلئيل سموتريتش، وانعدام إنفاذ القانون في موضوع البؤر الاستيطانية غير القانونية، وقلة الأوامر الإدارية لأهداف "الشاباك"، وريح الإسناد التي يتلقاها مستوطنو التلال من وزراء كبار وأعضاء ائتلاف ممن ينشغلون بمهاجمة قائد المنطقة الوسطى بكلمات لا تطاق، كل هذا لا يساعد، على أقل تقدير، الجيش وأذرع الأمن، في السيطرة على الفوضى.
وهنا ليس مطلوبا مجرد "إعادة احتساب المسار"، بل عودة إلى المسار القديم، ذاك الذي أغلقته القيادة السياسية في وجه جهاز الأمن. وعندما لا يكون قانون ونظام، فإن هذا ينطبق على الجميع.
وعندما يكون الجيش الإسرائيلي مطالباً بأن يطارد "فتيان التلال" الذين يحملون براميل الوقود فإنه يتضرر في قدرته على إحباط "الإرهاب". هكذا مثلا يمكن أن نرى الخلل الأمني الذي انتهى، أول من أمس، بمقتل رجل دورية الأمن، حن أمير، ضحية العملية في تل أبيب. حين يصل "مخرب" من جنين إلى مركز المركز، فإن هذا خلل للجيش ولـ "الشاباك".
لكن يجب أن نقول بصدق: في الحجوم الحالية للإرهاب اليهودي يجب مضاعفة الجيش الذي على أي حال هذه ليست مهمته بل مهمة شرطة لواء "يهودا" و"السامرة" و"الشاباك"، وليست مهمة مقاتل في لواء "كفير".
هكذا أيضاً نجد أن الجيش مشغول حتى قمة رأسه بسبب احتمال المس بأهليته في ضوء نية رجال احتياط عدم الامتثال في أعقاب التشريع القضائي وكأن "حزب الله" في هذه الأثناء لا يسخن الحدود اللبنانية من خلال سلسلة استفزازات. كيف يقول الكليشيه؟ لا شيء جيد يهددنا.
في هذه الأجواء ينعقد الكابينت السياسي – الأمني للبحث في أهلية الجيش الإسرائيلي التي من شأنها أن تتضرر في ضوء التشريع الذي يدفع به الكابينت قدما.
الوضع على الحدود اللبنانية أيضاً، وفي السلطة الفلسطينية وفي الساحة الفلسطينية عموماً، سيطرح على البحث.
الإدارة الأميركية، التي لم تجد بعد الفرصة المناسبة لزيارة نتنياهو في البيت الأبيض، قالت في نهاية الأسبوع لمسؤولين كبار في القيادة الأمنية والسياسية بأنها تتوقع أن تقر إجراءات ذات مغزى لتعزيز السلطة الفلسطينية. في ضوء تركيبة الكابينت والأحداث التي وقعت في نهاية الأسبوع الماضي، بانتظار نتنياهو عائق آخر ليس واضحاً إذا كان يريد أو يستطيع اجتيازه.
عن "يديعوت"