اسرائيل اليوم : الحرب مع "حزب الله": الجيش الإسرائيلي يستعد لـ"السيناريو الكابوسي"

تنزيل (9).jpg
حجم الخط

بقلم: ليلاخ شوفال

 

 




- 6 الاف صاروخ في اليوم الأول و1500 – 2000 صاروخ يومياً
- 500 قتيل إسرائيلي هلال الحرب، ونحو 1500 إصابة في اليوم


في ظل الصراعات الداخلية في إسرائيل مع وضد الإصلاح القضائي، تشهد الأحداث الحدودية الشاذة بين إسرائيل و"حزب الله" في الأسابيع والأشهر الأخيرة ارتفاعاً بارزاً في احتمال الحرب على حدود إسرائيل – لبنان.
هذه المرة، كما يقدرون في إسرائيل، لن تنحصر الحرب في ساحة واحدة فقط، بل ستكون متعددة الجبهات ومتداخلة، ومن غير المستبعد أن تنضم غزة أيضاً إلى المعركة، وستكون إسرائيل مطالبة أيضاً بأن تتصدى لـ"الإرهاب" في الضفة، وعنف وإغلاق طرق في الساحة داخل الخط الأخضر. وكذا بتهديدات أبعد، ستأتي من إيران أو من دول أخرى في المنطقة.
لأجل فهم السلوك الإسرائيلي تجاه استفزازات "حزب الله"، والتخوف من الحرب التالية، هناك حاجة للتعرف على السيناريو الذي يستعدون له في إسرائيل في المجال المدني، والذي تعرّفه محافل الأمن بالسيناريو الـ"خطير – معقول" للحرب. فضلاً عن الإصابات المحددة للبيوت وآلاف المصابين، فإن التخوف الإستراتيجي في جهاز الأمن هو الضرر لتواصل أداء الدولة لمهامها، لشبكة الكهرباء، الاتصالات، الإنترنت، سلسلة توريد الغذاء والقدرة على توريد الخدمات للمواطنين عقب عدم الامتثال للعمل.
حسب السيناريو الـ"خطير – معقول" في يوم واحد من القتال ستضطر إسرائيل لتواجه نار آلاف الصواريخ، وفي اليوم الأول من الحرب سيطلق على إسرائيل نحو 6 آلاف صاروخ. ولاحقاً سيهبط العدد ويقل في أثناء أيام الحرب حتى 1500 – 2000 صاروخ في اليوم.
التقديرات في أوساط خبراء الأمن هي أنه في كل يوم ستكون نحو 1500 إصابة توصف كفاعلة في الأراضي الإسرائيلية، وذلك بعد أن تحسم من الأعداد الهائلة النار الثابتة التي ستقع في أراض مفتوحة والاعتراضات الناجحة من "القبة الحديدية" التي مع كل الاحترام لها ولمستخدميها، طفيفة احتمالات أن تنجح في أن تقدم معدلات اعتراض عالية كتلك التي اعتدنا عليها في جولات القتال الأخرى في الجنوب.
ولغرض المقارنة فقط، في حملة "درع ورمح" الأخيرة في القطاع أطلقت إلى الأراضي الإسرائيلية نحو 1470 صاروخاً في كل الأيام الخمسة أيام الحملة، في "حارس الأسوار" كلها (أيار 2021) أطلق إلى إسرائيل نحو 4500 صاروخ في أيام الحملة العشرة. وفي "الجرف الصامد" كلها (صيف 2014) التي استمرت نحو 50 يوماً، سجل 3850 صاروخاً (متوسط نحو 90 في اليوم). وكما يمكن أن نرى، فإن الأعداد في المعركة الشمالية أعلى من ذلك بنسب كبيرة.

الساحة الإسرائيلية الداخلية
في ضوء حجوم النار المتوقعة، حسب آخر سيناريو لجهاز الأمن، في المعركة المتداخلة التي سيقودها "حزب الله" سيقتل نحو 500 مواطن في الجبهة الداخلية (العدد لا يتضمن الجنود القتلى) وآلاف أخرى سيصابون. لكن رغم الأعداد المذهلة، فإن ما يقلق حقاً جهاز الأمن أكثر من أي شيء آخر هو القدرة الدقيقة المتعاظمة حولنا.
تشير محافل أمنية إلى أن أحد الدروس المهمة من الحرب التي تدور رحاها في أوكرانيا هو فاعلية المسيّرات الإيرانية.
في إطار السيناريو الـ"خطير – معقول" في جهاز الأمن لا يستبعدون إمكانية أن ينجح "حزب الله"، إيران، أو مبعوثوهم في أن يضربوا منشآت إستراتيجية معروفة وثابتة في إسرائيل، مثل محطات كهرباء، بشكل يجعل إسرائيل تعيش في الظلام ساعات طويلة، وربما أياماً. حسب السيناريو، ستعلق إسرائيل في الظلام بين 24 و72 ساعة.
التخوف الشديد هو من ضربة دقيقة لمحطات توليد الطاقة بشكل يضر جداً بالقدرة الإسرائيلية على إنتاج الكهرباء. ودون كهرباء، ستتشوش أيضا جداً الاتصالات، شبكة الخلوي، وحتى قدرة الأخطار من نار الصواريخ. الجواب على هذا التحدي، كما تقول محافل الأمن، ليس مكتملاً بعد، والنية هي ضمن أمور أخرى زيادة الحماية الفاعلة لتلك المواقع وإلصاق "قبة حديدية" ووسائل أخرى بها، مع سياسة اعتراض متشددة.
تحدٍ لا يقل أهمية ستكون الساحة الداخلية، ومن غير المستبعد أن تتصدى إسرائيل لعشرات عديدة من أعمال الإخلال بالنظام في الوقت ذاته. ولأجل إخلاء المحاور لحركة السير للقوات وللتصدي لأعمال الإخلال بالنظام في الجبهة الداخلية لأجل عدم عرقلة القتال في الجبهة، أقام الجيش الإسرائيلي 16 كتيبة في الاحتياط.
من ناحية المواصلات، في جهاز الأمن يشيرون إلى إمكانية ألا يكون دخول إلى الموانئ والمطارات في إسرائيل. سيتوقف الطيران الأجنبي وستكون المحاور مغلقة. تخوف آخر هو من عدم امتثال أبناء الأقليات لعملهم الحيوي كسائقي شاحنات. هذه الوضعية ستقطع سلسلة التوريد في إسرائيل، والتقدير هو أن الضرر سيكون دراماتيكياً. وحسب التقديرات، فإن نحو 50 في المئة من المواطنين سيتغيبون عن عملهم، 60 – 70 في المئة سيتغيبون عن مرافق تُعرف كـ"حيوية" و"القطاع الحيوي" سيعاني من نحو 20 في المئة من التغيبات.
تحدٍ إضافي ستضطر الدولة لأن تواجهه هو عشرات آلاف المواطنين ممن سيحاولون إيجاد ملجأ في مواقع تحت الأرض (أنفاق الكرمل مثلاً) أو ينتقلون جنوباً للدفاع عن أنفسهم من النار. كما لا تستبعد إمكانية اشتعال آلاف بؤر الحرائق، ولبضع موجات من هجمات السايبر. المسؤولية عن مواجهة التحدي العظيم في الجبهة الداخلية ترتبت منذ أكثر من سنة، وهي تتوزع بين قيادة الجبهة الداخلية وبين سلطة الطوارئ الوطنية.

منع التدهور
السيناريو الوطني موضع الحديث، الذي يعرض هنا، هو سيناريو يتعلق بالمجال المدني، ولهذا فهو لا يذكر بما يكفي من العمق خطة "حزب الله" "لاحتلال الجليل"، وعملياً التسلل إلى أراضي إسرائيل، للخطف، للقتل ولاحتلال المناطق المجاورة للحدود.
على خلفية هذا السيناريو الكابوسي يمكن أن نفهم انعدام الرغبة في الانجرار إلى الحرب، وسياسة الرد المعتدلة، بل ربما المعتدلة جداً في ضوء استفزازات "حزب الله" على طول الحدود.
يفهم نصر الله جيداً صورة الوضع، وكذا حقيقة أن الشرعية الإسرائيلية تلقى التحدي الشديد بسبب الشرخ والصدع الداخليَّين في إسرائيل، وبإذن إيراني يختار أن يرفع مستوى الرهان. إسرائيل قوية جداً لكن لا شك أن صورة الوضع المفزعة تردعها، وفي القيادة يحاولون عمل كل شيء لأجل عدم التدهور إلى مواجهة، وإن كان التقدير هو أن احتمال الحرب، أو على الأقل بضعة أيام قتالية، ارتفع بشكل كبير. غير أنه عملياً يدفع التردد الإسرائيلي والوضع الداخلي المعقد نصر الله لأن يزيد أكثر فأكثر الثقة بالنفس وإعداد التربة وأعمال أخرى من شأنها بسهولة أن تجر الطرفين إلى حرب.
من المعقول الافتراض بأنه إذا رغبت إسرائيل في أن تبادر إلى خطوة ما كي تقلص التهديد على الجبهة الإسرائيلية الداخلية وأن تحسن شروط بدء الحرب التالية لصالحها، فإنها لن تتمكن من عمل ذلك في المناخ السياسي الحالي حين يشكك الكثيرون في دوافع الحكومة ورئيسها. ولكن في ضوء الوضع الأمني المتحدي جداً لا يمكن لإسرائيل أن تسمح لنفسها بأن تواصل المناكفة الداخلية، وفي جهاز الأمن قلقون جداً من آثار استمرار الشرخ الداخلي على الوضع الأمني.

عن "إسرائيل اليوم"