أظهرت نهائيات كأس العالم للسيدات في كرة القدم المقامة في أستراليا ونيوزيلندا نقصا في المدربات، ليس فقط في المونديال بل بشكل عام، حيث اقتحم المدربون الرجال هذا المجال.
ومع اقتراب المونديال من ربع النهائي، باتت الهولندية سارينا فيجمان التي تشرف على منتخب إنجلترا المدربة الناجية الوحيدة على خط التماس، علما أن بطولة كأس العالم للسيدات المكوّنة من 32 منتخبا انطلقت مع 12 مدربة.
يشكل ذلك نسبة 37.5 في المئة، وهي النسبة نفسها التي سُجلت في مونديال فرنسا 2019، عندما كانت 9 من المنتخبات الـ 24 بإشراف مدربات.
قال الأمريكي راندي والدروم (66 عاما) مدرب المنتخب النيجيري الذي خسر أمام إنجلترا بقيادة فيجمان بركلات الترجيح في دور الـ16: "هي ليست مشكلة دولية فقط لكن على كل المستويات في لعبة السيدات".
وتابع: "نحن بحاجة إلى المزيد من المدربات في هذه الرياضة".
في إنجلترا، حيث تتمتع كرة القدم للسيدات باحترافية عالية، أنهت 5 من أصل 12 فريقا في الدوري الممتاز للسيدات الموسم الماضي تحت إشراف مدربة.
وفي بعض الدول، بما في ذلك نهائيات كأس العالم، دخلت كرة القدم النسائية عالم الاحتراف أخيرا، بينما لا تزال رياضة للهواة في بلدان أخرى.
يعتقد كثيرون أن انغماس المزيد من المدربات سيتضاعف بمجرد أن تترسخ أكثر كرة القدم للسيدات.
وقالت جيما جراينجر مدربة ويلز لشبكة "سكاي سبورتس" في وقت سابق من هذا العام: "بطبيعة الحال هناك المزيد من المدربين".
وتابعت: "دخلت كرة القدم عند الرجال حقبة الاحتراف منذ فترة أطول ونشاهد انتقال المدربين إلى لعبة السيدات، هذا ما نعيشه في هذه اللحظة".
فيجمان الرائدة
الأمل هو أن تنمو النسبة في السنوات المقبلة، خصوصا إذا تحوّلت اللاعبات الحاليات إلى مدربات في المستقبل عندما يضعن حدا لمسيرتهن في الملاعب.
ورغم أن نسبة المدربات في كأس العالم هذه هي نفسها كما كانت قبل 4 سنوات، إلا أن هناك مؤشرات على إحراز تقدم منفرد.
وأكبر مثال على ذلك شوي تشينجشيا التي دافعت عن ألوان المنتخب الصيني في النسخة الأولى من كأس العالم للسيدات عام 1991 قبل أن تشرف على تدريبه في هذه النسخة، لتصبح أول مدربة في الصين.
قالت فيجمان: "ما نأمله هو أن يصبح هذا التوازن صحيحا في المستقبل، ونحن نعمل على ذلك، على الأقل في إنجلترا".
وأضافت: "أعلم في الكثير من البلدان الأخرى أيضا، أنه يجب إعطاء فرص لمزيد من النساء في اللعبة وآمل أيضا المزيد من المدربات في اللعبة".
وتعتبر ويجمان (53 عاما) حاملة مشعل المدربات بعدما توّجت بكأس أوروبا مع "الطواحين" الهولندية عام 2017 قبل أن تقود بلادها إلى نهائي كأس العالم بعد ذلك بعامين.
ثم فازت بكأس أوروبا للمرة الثانية في مسيرتها العام الماضي مع منتخب إنجلترا.
وتبدو إنجلترا أبرز المرشحات للفوز بالمونديال في أستراليا ونيوزيلندا، وإذا تمكنت من الظفر باللقب، فستصبح فيجمان ثالث مدربة على التوالي تحقق هذا الإنجاز.
علما بأن الولايات المتحدة فازت بكأس العالم مرتين متتاليتين في 2015 و2019 تحت قيادة المدربة جيل إليس.
ويُضاف لهذه الإنجازات، ما تحقق في النسخ الـ3 الأخيرة في الأولمبياد، حيث نجحت الإنجليزية بيفيرلي بريستمان (كندا) وسيلفيا نايد (ألمانيا) والسويدية بيا سوندهاج (الولايات المتحدة) في تطويق عنقهن بالميدالية الذهبية.
كما كان نهائي مونديال 2019 للسيدات، الثاني بعد 2003، يجمع مدربتين في المنتخبين كليهما. في حين لن يتكرر ذلك في المونديال الحالي بعدما مُنيت مدربات النرويج هيجي ريس وسويسرا إنكا جرينجز وجنوب أفريقيا ديزيريه إليس بالهزيمة في دور ثمن النهائي.
عقلية الأولاد الكبار
قال والدروم الذي أمضى معظم مسيرته في تدريب الفرق النسائية على مستوى الكليات في الولايات المتحدة، إن هناك حاجة إلى الاستثمار وتغيير طريقة التفكير.
وأضاف مدرب ترينيداد وتوباجو السابق: "ليس الأمر أن الرجال لا ينبغي أن يكونوا مدربين".
وأردف: "أعتقد أنهم إذا أحبوا لعبة السيدات واستثمروا فيها، فعندئذ يجب أن تتاح لنا الفرصة للقيام بذلك".
وتابع: "لكننا بالتأكيد بحاجة إلى استثمار أكبر في تدريب السيدات"، مؤكدا أن الأمر يتعلق أيضا بـ "تغيير عقلية الأندية القديمة. يمكن للمرأة أن تدرب ويمكنها أن تكون فعالة للغاية".
وضمن السياق ذاته، قال المدرب الجامايكي لورن دونالدسون إنه لا ينبغي قراءة أي شيء في هيمنة المدربين الرجال في المراحل الأخيرة من بطولة هذا العام.
وتابع عن مسألة بقاء مدربة واحدة في ربع نهائي مونديال أستراليا ونيوزيلندا: "هي مجرد واحدة من تلك الأشياء التي حدثت، حيث بقيت مدربة واحدة، وقد تنتفض وتفوز بكل شيء، من يدري؟".