هذا ليس مقالا تشاؤميا كما سيهيأ للبعض من كتبة السلطان العربي الذين بالكاد يفكون الخط ، وهو مبني على تقرير للأمم المتحدة متعلق بالعراق ، وعلى تهديد وزير الجيش الإسرائيلي متعلق بلبنان ، الأول عن "الحر الشديد" الذي لامسه المسؤول الاممي لدى زيارته البصرة مؤخرا ، والذي يشير الى ما أسماه "بدء حقبة الغليان العالمي" حيث لامست درجات الحرارة هناك حدود الخمسين درجة مئوية . خلال العقد القادم على ابعد تقدير ، سيتفاقم الوضع أكثر فأكثر ، ولسوف تستهدف هذه "الحقبة الغليانية" أطفالنا وشيوخنا على وجه التحديد، ولسوف يموتون أمام أعيننا ونحن ننظر اليهم، كما حصل مع "الكورونا" قبل عامين ، وإذا نجح العلماء في إيجاد اللقاح الخاص بالفايروس ، فإنهم لن ينجحوا في موضوع الحر والغليان، لأنه موضوع يطول المناخ في العالم قاطبة ( الأرض والسماء والشمس والهواء والمياه) ، ولم يبدأ في هذا الفصل او هذه السنة ، بل منذ عشرات السنين ، منذ اول تفجير نووي تجريبي في العالم ، واليوم لدينا أكثر من "٦٠" دولة نووية قامت بتفجير قنابلها التجريبية تحت الأرض والمحيطات والصحاري ، ناهيك عن تحويل الارض الى مصنع كبير والسماء تزدحم بالطائرات العملاقة والنفاثة والصواريخ، بالستية وفرط صوتية وعشرات أنواع الأقمار الصناعية الحربية والتجسسية والتكنولوجية ... الخ .
اما وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت فقد هدد لبنان بملء الفم انه سيعيده الى العصر الحجري ، وهو من وجهة النظر الموضوعية ، قادر على ذلك ، ليس فقط من باب ان دولته تمتلك أسلحة نووية واسلحة دمار شامل منذ "٧٠" سنة ، بل امتلاك عقلية نفي الآخر ، بالسلاح مرة و "السلام" مرات ، لقد قالت رئيسة وزراء هذا الكيان غولدا مائير شيئا في هذا السياق "الكبار يموتون والصغار ينسون"، وبعد نحو "٣٠" سنة على إقامة دولتهم – يسمونه الاستقلال – نجحوا في تحييد اكبر دولة عربية (مصر) و اخرجوها من الصراع ، ثم بعد حوالي "٢٠" سنة من حرب أكتوبر "آخر الحروب" نجحوا في تحييد اكبر فصيل في الثورة الفلسطينية "فتح" عبر اتفاقية أوسلو .
في عام إقامة الدولة (الاستقلال) ، اعادونا بالفعل الى العصر الحجري ، حوالي خمسين مخيما في الدول الشقيقة المجاورة ، خيام على مدى البصر ، يموت الأطفال والشيوخ من البرد والثلج ، حفاة عراة جياع ، وما زالت نكبة هذا الشعب مستمرة حتى يومنا الحاضر . أما لبنان الذي لا تقل حضارته عن حضارة فلسطين وتاريخه و العراقة والكتابة وبناء السفن واللون الأحمر، وسويسرا الشرق، فلسانه اليوم ان عودته الى العصر الحجري افضل وأشرف له من مجاورته لكم، ولكنه في هذه المرة لن يعود وحده .