هارتس : الاتفاق مع السعودية: يصعب على إسرائيل تقديم تنازلات للفلسطينيين كما تأمل واشنطن

IcJSU.jpg
حجم الخط

بقلم: امير تيفون

 


مع تقدم الاتصالات بين الولايات المتحدة والسعودية ظهر خلاف كبير بين الإدارة الأميركية وإسرائيل حول التنازلات التي ستطلب لصالح الفلسطينيين. تتحدث شخصيات إسرائيلية رفيعة بشكل علني عن بادرات حسن نية ضئيلة، لن تزعج الشركاء في ائتلاف رئيس الحكومة من اليمين المتطرف: التعهد بالامتناع عن الضم الرسمي لـ "المناطق" وسلسلة من التسهيلات الاقتصادية لرفاه الفلسطينيين.
في بداية الأسبوع قال نتنياهو في مقابلة مع "بلومبرغ" بأنه في الموضوع الفلسطيني سيُطلب من إسرائيل على الأكثر إعطاء إشارة "في". وزير الخارجية الإسرائيلية، إيلي كوهين، نشر، أول من أمس، مقالاً في "وول ستريت جورنال"، اقترح فيه على الولايات المتحدة أن توقع مع السعودية على اتفاق دفاع يشبه الاتفاق الذي يوجد لها مع كوريا الجنوبية. كلمة "فلسطينيين" لم يتم ذكرها في النص.
لكن في الجانب الأميركي يعرضون صورة مختلفة تماما. حسب الإدارة الأميركية، ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، معني بالتوقيع على اتفاق مع إسرائيل، ليس فقط لأنه الحاكم الفعلي للسعودية، بل لأنه زعيم العالم السني كله. وحسب الادارة الأميركية فان الاتفاق الذي سيتضمن بادرات حسن نية رمزية فقط يتوقع أن يتعرض للانتقاد من قبل الفلسطينيين والأردن والجزائر، وربما من قبل دول عربية اخرى، ولن يخدم وبحق هدف ابن سلمان. ايضا الانتقاد المحتمل من قبل ايران، الذي بحسبه تكون السعودية تنازلت عن الفلسطينيين، من شأنه بالنسبة للأميركيين أن يشكل مشكلة لولي العهد السعودي.
من السابق لأوانه تحديد أي طرف من الطرفين هو محق في هذا النقاش. لكن يجب الآخذ في الحسبان عاملا آخر وهو الرأي العام الأميركي، بالأساس في أوساط مؤيدي الحزب الديمقراطي. نتنياهو وابن سلمان مكروهان على "قاعدة" حزب جو بايدن، وأي اتفاق سيعززهما يتوقع أن يتعرض للانتقاد الشديد من قبل الجناح اليساري في الحزب. قال اثنان من السناتورات لهما تأثير، أول ن أمس، للصحيفة بأن أي اتفاق يتجاهل الفلسطينيين سيجد صعوبة في الحصول على الاغلبية المطلوبة في مجلس الشيوخ.
هذا الواقع السياسي واضح للادارة الأميركية، لكن من غير المعروف تقريبا للوزراء في حكومة نتنياهو، الذين لا يعرفون الساحة الأميركية ولا يلتقون مع كبار اعضاء الادارة، وهم يتعاملون باستخفاف مع يهود الولايات المتحدة. اذا تقدمت حقا الاتصالات من اجل التوصل الى اتفاق فان نتنياهو سيضطر الى اتخاذ قرار بشأن كيف سيتعامل مع هذه الصعوبة التي يمكن أن تقوض ائتلافه.
العنوان، أول من أمس، في "وول ستريت جورنال"، الذي يقول إن الاتفاق بين السعودية والولايات المتحدة قد تبلور، أوضح لماذا نتنياهو بحاجة ماسة الى اختراقة امام السعودية. بعد بضع دقائق على قيام المواقع الإخبارية في إسرائيل بالاقتباس عن التقرير تعزز الشيقل أمام الدولار، والبورصة في تل أبيب تلونت بالأخضر. في الاستوديوهات بدؤوا في مناقشة مسألة هل سيؤدي الاتفاق الى تشكيل حكومة وحدة في إسرائيل، وتغير جدول الاعمال السياسي تقريباً في لحظة.
صمد كل ذلك ساعة بالضبط الى أن اصدر البيت الابيض بيان نفي، وقامت الصحيفة بتعديل العنوان. عاد الشيقل الى سعره الطبيعي، وفي النشرات الاخبارية في المساء تم التأكيد على جزء آخر في التقرير الأميركي، الذي بحسبه عبر ولي العهد السعودي عن التشكك حول الاتفاق مع إسرائيل في الوقت الحالي. ورغم ذلك، وفّر الانفعال المؤقت إطلالة على ما يمكن أن يحدث في المستقبل في حالة تحول الاتفاق مع السعودية من تخمين الى واقع قائم.
الى جانب التسهيلات للفلسطينيين تقف أمام الطرفين صعوبات اخرى. فالسعودية وضعت طلبات غير مسبوقة أمام الولايات المتحدة، بدءاً باتفاق دفاعي مشترك، مروراً بمنظومات سلاح أميركية لا توجد في أي دولة من دول الشرق الاوسط باستثناء إسرائيل، وانتهاء بدعم أميركا لمشروع نووي سلمي في المملكة. هذه الخطوات تحتاج الى اغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ الأميركي، التي هي بعيدة عن أن تكون مضمونة. في الحزب الجمهوري لن يسارعوا الى تقديم إنجاز سياسي لبايدن قبل الانتخابات في السنة القادمة، في حين أنه في الحزب الديمقراطي هناك عداوة حقيقية للسعودية.


عن "هآرتس"