يديعوت : لم أعد أفتخر بإسرائيل

1e9c094a44e54cf4a61bb860b36aae7a.jpg
حجم الخط

بقلم: ياعيل غيرمان*

 

 



في السنة التي كنت فيها سفيرة إسرائيل في باريس اطلعت، ضمن أمور أخرى، على مدى التقدير لإسرائيل في الخارج.
فقد أعرب سفراء ومندوبون أجانب أمامي، المرة تلو الأخرى، عن تقديرهم لدولتنا وعن أملهم في أن تساعد إسرائيل في الجهود لجعل العالم مكاناً أفضل مثلما في مكافحة مشكلة المناخ والطاقة.
عملياً، كان أحد أحلامي هو المساعدة في تجنيد العلم الإسرائيلي لصالح إيجاد حل لأزمة المياه في أفريقيا كي تتمكن هذه القارة من اجتياز الأزمة المتوقعة لها في هذا المجال ومنع التوقعات بموت ملايين البشر والكائنات الحية.
تفاخرت دوماً بدولتنا، وبالناس، وباكتراثهم في أزمنة الطوارئ، وبالإنسانية، وبالعدد الكبير من المتطوعات والمتطوعين، وبإحساس الوحدة، وبتاريخنا الرائع، وبالإنجازات التكنولوجية والاقتصادية والثقافية.
وحسب بحث لـ OECD فإننا نوجد في المكان الثاني في تصنيف الدول المتعلمة وفي المكان الخامس في كمية المنشورات العلمية للفرد وفي المكان الأول في المساهمات الإيثارية.
5 في المئة من الشركات الكبرى في العالم، أي تلك التي تساوي أكثر من مليار دولار، هي إسرائيلية، رغم أننا نشكل نحو 0.12 في المئة من سكان العالم.
وهكذا، تفاخرت دوماً بدولتنا الصغيرة والخاصة، حتى كانون الثاني 2023.
منذ كانون الثاني 2023، فإنني ومعي ملايين الإسرائيليين ننظر بدهشة، وبأسى شديد، وبكرب عميق إلى دولتنا، ابنة الـ 75، تذوي كدولة يهودية وديمقراطية وتصبح دكتاتورية ظلامية.
نشعر بأن الأرض تسحب من تحت أقدامنا، وأن الاقتصاد ينهار، والقيم العالمية تصبح مسخرة وهزءاً، وأمننا يتضعضع حتى الخطر الوجودي.
تمطرنا الكنيست بعشرات القوانين السامة، ويجلس أبناؤنا على طاولة الجمعة ويطرحون أسماء دول سينتقلون إليها من هنا.
ليس لنا بلاد أخرى. ألف سنة تاريخ تراجيدي علمتنا أنه لا مكان طيباً وآمناً أكثر من بلادنا الصغيرة، لنا ولكل يهود العالم.
عندما أرفع رأسي في الظلام أرى شعاع نور واحداً يلمع في الأفق: المحكمة العليا. فهي تطلعنا ومصدر أملنا.
هي التي يمكنها أن تضع حداً للكابوس المتواصل منذ كانون الثاني 2023. يمكنها أن توقف التسونامي المجنون غير المعقول الذي يهدد بإغراقنا.
يمكنها أن تعيد علة المعقولية التي حمتنا من الفساد، وسلب الصندوق العام والإدارة غير السليمة.
يمكنها أن تنقذنا من التدين ومن إقصاء النساء ممن يعربدن في الباصات وفي الشوارع. وأساساً، يمكنها أن تلجم تركيز القوة في أيدي السلطة التنفيذية وتحولنا إلى دكتاتورية عديمة القيم الأساسية.
نتطلع إلى محكمة تعيد لنا الدولة التي ولدنا فيها وربينا فيها أبناءنا الذين لم يعد بعضهم إلى الديار.
الدولة التي نريد أن نرى أحفادها يترعرعون فيها بحرية وفخر، الدولة التي نرغب في أن نموت فيها أحراراً منتصبي القامة.
على قضاة المحكمة العليا أن يوقفوا مصدر الطوفان، وأن يعيدوا الدولة إلى صورتها الأصلية: تلك الدولة التي حلم بها هرتسل وتحدث عنها بن غوريون وجابوتنسكي وبيغن: دولة يهودية وديمقراطية.

عن "يديعوت"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*سفيرة إسرائيلية سابقة في فرنسا.