في الذكري ال 17 لحرب تموز التي شنتها دولة الاحتلال الإسرائيلي على حزب الله عام 2006 نستطيع ان نقول ان من اهم نتائجها بانه قد لا تحاول دولة الاحتلال الدخول في حرب جديدة ضد حزب الله لأنها لا تملك القدرات القتالية التي تستطع من خلالها تحقيق نصر على مقاتلي الحزب بالجنوب اللبناني , ونتيجة لهذا تبنى الاحتلال استراتيجية منع وصول الأسلحة والصواريخ الدقيقة والذخائر لحزب الله عبر سوريا بتخريب سوريا وادخالها في دائرة دم لا تنتهي بالإضافة الى التعرض لقوافل السلاح التي تنتقل من ايران الي لبنان عبر سوريا براً وجواً وقد شنت قوات الاحتلال العديد من الغارات الجوية التي استهدفت قوافل سلاح مرسلة لحزب الله لكن دون ان يوضح أي من المراقبين مدى نجاعة تلك الغارات التي لم تتوقف حتى قبل أيام ودون ان يكشف أي من المسؤولين في حزب الله عن مدى تطوير حزب الله لمنظومته العسكرية, اما المسؤولين العسكرين في دولة الاحتلال فانهم كانوا يتباهوا بذراع القوات الجوية الطويلة ويصرحوا بلا مواربة انهم استطاعوا ان يدمروا قوافل صواريخ وسلاح متجهة الى حزب الله بلبنان وحىي انهم في كثير من الأحيان تباهوا بقدرة جيش الاحتلال على رفع مستوى الردع في منطقة الشمال أي على جبهة حزب الله.
كان الاحتلال يعتقد ان جبهة لبنان جبهة هادئة الى حد ما وان حزب الله غير معني باي مواجهة لذلك كان يضع جيش الاحتلال العمل في الضفة الغربية على سلم الأولويات في معادلة التعامل مع الجبهات وهي الجبهة التي تشكل تحديات كبيرة في المرحلة الحالية , اما جبهة غزة فالاحتلال يعتبرها جبهة متفجرة وقابلة للانفجار في أي وقت الا انه استطاع بعد المواجهة الاخيرة مع الجهاد الإسلامي ان يبرد هذه الجبهة الى ابعد حد حتى ان كل الاحداث التي حدثت في جنين ونابلس والقدس ومسيرة الاعلام لم تجعل المقاومة في غزة تتدخل فيما يبدو ان حماس تريد غزة هادئة ولا تريدها جبهة مشتعلة مقابل بعض التسهيلات المؤقتة . اليوم ومنذ ان استطاع حزب الله اسناد مفاوضات لبنان في مسالة ترسيم الحدود البحرية وبالتالي حقق لبنان ما يريد من ذلك وحصل على حقه في ابار النفط التي تقع ضمن حدود مياهه الإقليمية واحتفظ بحق التنقيب دون ان يكون لدولة الاحتلال أي مشاركة واعتبرت كثير من الأوساط ان ذلك شكل نصرا للبنان واللبنانيين.
الاحتلال بدأ ببعض الاستفزازات لقوات حزب الله في الجنوب اللبناني بعد ضم الجزء اللبناني الشمالي من (قرية الغجر) التي تقع ضمن الأراضي اللبنانية بنصب انشاءات له هناك ووضع سياج شائك وجدار اسمنتي حول البلدة وقام حزب الله بنصب ثلاث خيام في مواقع متقدمة على الحدود الشمالية في منطقة مزارع شبعا اللبنانية المحتلة ما اعتبرته دولة الاحتلال امرا يصعب القبول به وبادرت بالاتصالات الدبلوماسية عبر الوسطاء الدولية لإزالة الخيام الا ان حزب الله اصر على ابقاء واحدة منها وازال اثنتين ومازالت هذه الازمة تشكل حالة تحد للاحتلال الإسرائيلي فهو غير قادر على الدخول في مواجهة لو قام بقصف الخيام وغير قادر على الصمت على ما يجري لأنه يعتبر ذلك استفزازا كبيرا لقواته. وكل ما يجري الان هو محاولة إسرائيلية لعدم اللجوء لجولة قتال جديدة لان حالة الجيش لا تسمح في دولة الاحتلال الدخول في معارك طويلة قد تنعكس سلباً على حكومة نتنياهو وتسقطها.
الأمين العام لحزب الله السيد (حسن نصرالله) في كلمته بمناسبة 17 عاما على حرب تموز كشف كذب حكومة الاحتلال بادعائها بانها منعت وصول الأسلحة الدقيقة عبر سوريا لمقاتلي الحزب عبر الغارات الجوية والمراقبة المستمرة لمسارات تهريب السلاح بإعلانه ان لدي الحزب صواريخ بعيدة المدى فائقة الدقة تستطيع الوصول الى كافة المناطق الاستراتيجية في دولة الاحتلال ولدى الحزب قائمة بنك اهداف لكل المواقع الاستراتيجية في دولة الاحتلال تتضمن القواعد العسكرية العلنية والسرية والمطارات ومحطات القطارات ومحطات توليد الطاقة ومحطات تحلية المياه والموانئ ومفاعل ديمونا وقال نصر الله للإسرائيليين "اذا لم يكن لديكم قائمة بالمواقع الاستراتيجية فان الحزب مستعد لإرسالها لكم وهذه بالفعل رسالة دقيقة تؤكد تفوق الحزب الاستخباراتي وتؤكد حديثة بان أي معركة قادمة بين دولة الاحتلال وحزب الله ستعيد إسرائيل للعصر الحجري في حال اختارت إسرائيل الحرب , ولعل هذا رد أيضا على بعض المسؤولين العسكريين الذين هددوا بإعادة لبنان للعصور الوسطى في حال استمر حزب الله بتهديد دولة الاحتلال وقال نصر الله اذا تطورت المعركة الى معركة مع محور المقاومة لن يبقى شيء اسمه إسرائيل ويستطيع خبراء الاحتلال ان يحسبوا كم صاروخا دقيقا تحتاج المقاومة لاستهداف البنية التحتية الأساسية.
بعض قادة الاحتلال اعتبروا تلك التصريحات جزءا من المعركة وهي شكل من اشكال الحرب النفسية لكنها رسائل حرب باردة حتى اللحظة يرسلها (نصر الله) تؤكد حزب الله خلال المرحلة الماضية منذ العام 2006 حتى اليوم طور قدراته القتالية الى ابعد حد وعلى إسرائيل ان تختبر ذلك اذا ارادت تغيير قواعد الحرب الباردة ,تدرك دولة الاحتلال صعوبة ذلك , لذا لجات الي الطرق الدبلوماسية لإزالة الخيام ووقعت قبل ذلك الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية وستقوم بذات الأسلوب لتوقيع اتفاق على توقيع اتفاق حول ترسيم الحدود البرية وستترك لبنان ينقب عن البترول في حدوده الإقليمية وسيرفع علم لبنان على سفن التنقيب كما حدث مؤخرا في (قانا) . رسائل دقيقة ارعبت الاحتلال الذي يتفادى ان تتطور الأمور لمواجهة عسكرية في الشمال فإسرائيل اليوم في أضعف صورة وجيشها لا يستطيع ان يقاتل في معركة مفتوحة أكثر من 24 ساعة وهذه الرسائل تدلل ان الحرب بين الطرفين يمكن ان تندلع لكن باعتقادي لن تكون على غرار العام2006 لان الطرفين يعيشان حالة حرب باردة وفي ذات الوقت فان الوسطاء والحلفاء غير معنيين ان تتطور الأمور لحرب حقيقية لأسباب كثيرة منها انشغال العالم في الحرب الروسية الأوكرانية وعدم جاهزية دولة الاحتلال.