تصاعد المقاومة من شمال الضفة إلى جنوبها

تحليل: بعد فشلها الأمني في الضفة.. هل اقترب موعد سقوط حكومة نتنياهو؟

حكومة نتنياهو
حجم الخط

رام الله - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

من حوارة شمالاً إلى الخليل جنوباً، تتوسع عمليات المقاومة الفلسطينية، رغم القبضة الأمنية التي تتعامل بها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد المقاومة التي تركزت على مدار العامين الماضين في شمال الضفة؛ لكِن امتدادها رغم كل الترسانة العسكرية المتطورة لدى الاحتلال، يعكس فشل المنظومة الأمنية "الإسرائيلية".

وعلى الرغم من أنَّ هوية مُنفذي العمليات مجهولة، حيث يصفهم الاحتلال بـ"الذئاب المنفردة"، إلا أنّه يغدق في الاتهامات للفصائل بتشكيل خلايا للمقاومة، ويتهم إيران بتوفير المال لشراء السلاح، الأمر الذي دفعه للإعلان عن اجتماع مرتقب، يوم غدٍ الأربعاء، لمناقشة الأمر، في محاولة لتجميل صورته أمام الرأي العام "الإسرائيلي"، بعد تصاعد العمليات ضد المستوطنين في الضفة.

ما سبق يطرح تساؤلات حول أسباب تصاعد المقاومة في الضفة رغم الهجمة الأمنية الاحتلالية ضدها؟ وهل تنجح إجراءاتها الأمنية في تحجيم عمليات المقاومة؟ وهل ستؤدي هذه العمليات لإسقاط حكومة نتنياهو؟.

عوامل رئيسية وراء تصاعد عمليات المقاومة

من جهته، رأى المختص في الشأن الإسرائيلي، محمد أبو علان، أنَّ العوامل الرئيسية التي دفعت إلى تصعيد عمليات المقاومة في الضفة الغربية من شمالها إلى جنوبها، تتمثل في فشل الإجراءات الأمنية "الإسرائيلية" بقطع سلسلة عمليات المقاومة التي بدأت بشكل مكثف في شهر مارس من العام 2022، وعدم وجود حلول أمنية مع المقاومة الفلسطينية.

وقال أبو علان، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ استمرار العمليات في الضفة مؤشر أيضاً على أنَّ المقاومة أصبح لديها القدرة على المبادرة في اختيار الزمان والمكان لتنفيذ العمليات"، مُضيفاً: "كذلك المقاومة باتت قادرة على توفير موارد لتنفيذ العمليات -الأمور اللوجستية-؛ بمعنى أصبحنا حسب ما يُنشر في الإعلام، نُشاهد أسلحة أتوماتيكية تُستخدم في تنفيذ عمليات المقاومة ولم يعد الأمر يقتصر على "الكارلو" الذي كان "يعلق" كما كان يُوصف باللهجة العامية".

وأشار إلى أنَّ غياب أيّ أفق سياسي لحل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، أحد أهم أسباب استمرار العمليات، فسياسة حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف أدت لرفع وتيرة عمليات المقاومة، وكذلك ممارسات المستوطنين ضد منازل الفلسطينيين كحرق القرى.

حكومة نتنياهو تُحمل نفسها مسؤولية الفشل في الضفة

وبالحديث عن تحميل "إسرائيل"، إيران المسؤولية عن تصاعد العمليات في الضفة من خلال إغراقها بالأموال لشراء الأسلحة، أوضح أبو علان، أنَّه "لا يوجد طرف غير متهم أمام الاحتلال الإسرائيلي، فبعد عملية الأمس في الخليل، بالقرب من مستوطنة كريات أربع، اتهم إيران بدفع المال وحماس والجهاد، بتشكيل خلايا وحزب الله، وكذلك يتهم السلطة التي تدفع رواتب لعائلات الشهداء والأسرى التي وقعت معه اتفاقيات سلام، ويدعو لتعديل قوتها؛ الأمر الذي يُدلل على أنَّ حكومة نتنياهو وكافة حكومات الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة توجه الاتهامات لذات الأطراف".

وكانت كتائب شهداء الأقصى - فلسطين، الجناح العسكري لحركة فتح، قد أعلنت أمس الإثنين، مسؤوليتها بشكل رسمي عن تنفيذ العملية الفدائية في محيط مستوطنة كريات أربع - شارع 60 الاستيطاني، بمدينة الخليل يوم أمس، والتي أدت لمقتل مستوطنة وإصابة أخر بجروح خطيرة.

وأكمل أبو علان: "في المقابل حتى لو لم يوجه نتنياهو الاتهام لأي طرف؛ فتحالف إيران مع حماس والجهاد الإسلامي، ليس بالأمر السري"، مُشيراً إلى أنَّ قيادة حماس في لبنان وبالتحديد صالح العاروري كان له لقاءات مع حزب الله وأمينها العام حسن نصرالله، وكذلك زار إيران؛ الأمر الذي يؤكد أنَّ التحالف قائم فعلاً وليس بحاجة لاتهام إيران".

ولفت إلى أنَّ المستوى السياسي الإسرائيلي، يوجه الاتهامات لقادة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، ولوزير الحرب، يوآف غالانت، بالتقصير في حماية المستوطنين في الضفة الغربية، وأنّهم يتبعون سياسية ناعمة مع الفلسطينيين ولا ينتبهوا لأمن المستوطنين؛ بمعنى هذه الحكومة باتت تتهم نفسها بالمسؤولية عن تصاعد عمليات المقاومة في الضفة، لأنَّ هذه الحكومة عندما كانت في المعارضة خلال عام 2022 الماضي كان عدد القتلى 32 قتيل طوال العام، لكِن اليوم حتى شهر أغسطس من العام 2023، فقد بلغ عدد القتلى من الإسرائيليين 35 قتيلاً، بمعنى عدد القتلى في النصف الأول من العام 2023 تجاوز العدد خلال العام 2022.

وأردف: "بالتالي فإنَّ حكومة نتنياهو تشعر بالفشل المضاعف بشأن تصاعد عمليات المقاومة في الضفة، إلى جانب تواصل الاحتجاجات الشعبية بشأن التعديلات القضائية، ولذلك هم يبحثون عن مبررات لإبعاد المسؤولية عنهم"، مُتطرقاً إلى ما نشرته صحيفة يديعوت أحرنوت صباح اليوم، بأنَّ نتنياهو يتهم إيران بالوقوف خلف العمليات في الضفة، في حين أنَّ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قضية تسبق دخول إيران على خط دعم المقاومة الفلسطينية.

وخلص إلى أنَّ كل مكونات دولة الاحتلال سياسة وأمنية وإعلامية تبحث عن مبررات لفشل المنظومة الأمنية في توفير الأمن الشخصي للإسرائيليين لمنع وقوع هذه العمليات.

حكومة نتياهو.. لن تسقط بسهولة

وحول قدرة عمليات المقاومة التي يقف خلفها من يُطلق عليهم الاحتلال "الذئاب المنفردة"، على إسقاط حكومة نتنياهو، رأى أبو علان، أنَّ غالبية منفذي العمليات في الضفة بدون هوية تنظيمية، لكِن هذا لا ينفي تلقيهم الدعم من الفصائل؛ لأنَّ الأسلحة تحتاج لمبالغ طائلة؛ وبالتالي من غير المستبعد تلقيهم الدعم منها.

واستبعد أبو علان، في ختام حديثه،  سقوط حكومة نتنياهو؛ لأنَّ وصول اليمين الإسرائيلي للسلطة، فرصة لا تعوض في المستقبل؛ بمعنى نتنياهو وسموترش وبن غفير والأحزاب اليمنية؛ سيتمسكون بهذه الحكومة بأسنانهم وأظافرهم؛ لأنَّ كل المؤشرات تقول حال ذهب المجتمع الإسرائيلي لانتخابات جديدة لن تعود هذه الحكومة بتشكيلتها الحالية للسلطة في دولة الاحتلال، وحسب المؤشرات فإنَّ المعارضة الحالية ستحصل على نحو 64 إلى 65 مقعد، أي بنفس قوة الحكومة الحالية؛ وبالتالي هذه الحكومة لن تسقط بسهولة.