حذّر مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها اليوم الثلاثاء في مدينة رام الله برئاسة الدكتور رامي الحمد الله رئيس الوزراء، من الانتقادات والحملة التي بدأتها إسرائيل لإفشال الأفكار الفرنسية لعقد مؤتمر دولي للسلام، بحجة أن فرنسا ستعترف بدولة فلسطين في حال فشل المفاوضات التي ستنطلق عقب المؤتمر.
وأكد المجلس أن الحكومة الإسرائيلية مصممة على إفشال أي مبادرة أو أفكار لرفضها الإقرار بحقوق شعبنا التي أقرتها الشرعية الدولية، كما أن تبادل الأدوار بين المسؤولين الإسرائيليين في عرض خططهم ومبادراتهم التي كان آخرها خطة رئيس المعارضة الإسرائيلية، والدعوة التي أطلقتها حركة ما يسمى "إنقاذ القدس اليهودية" لبناء جدار داخل القدس الشرقية بهدف فصل (28) قرية عن القدس،كلها تهدف إلى ترسيخ الاحتلال، وإفشال أي جهد يعيق الحكومة الإسرائيلية عن مواصلة مخططاتها الهادفة إلى إحكام مشروعها الاستيطاني الاستعماري في الضفة الغربية، واستكمال تهويد وضم مدينة القدس، ومواصلة السيطرة على اقتصادنا ونهب مقدراتنا ومواردنا الطبيعية والتحكم في كل مجريات حياتنا.
وأكد المجلس على أن الفلسطينيين إذ يطالبون بعقد مؤتمر دولي للسلام، فإنهم يتطلعون إلى جهود الأشقاء العرب، ودعم الأصدقاء في العالم، في مجلس الأمن الدولي ليس لقبول فكرة المؤتمر الدولي فحسب، وليس لمجرد الاحتفال بإطلاق المؤتمر، وإنما توفير الضمانات الدولية الكفيلة بإطلاق عملية سياسية لتسوية الصراع تستند إلى القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، من أجل إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وحل قضية اللاجئين وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194، وفق جدول وسقف زمني ملزم، وضمن إطار دولي للمتابعة، يتخللها وقف تام للاستيطان وإطلاق سراح أسرانا الأبطال في السجون الإسرائيلية.
وناشد المجلس أحرار العالم والمؤسسات الحقوقية والإعلامية بإعلاء صوتها وفضح جريمة سلطات الاحتلال ومؤسساته القضائية المتواطئة برفض الإفراج عن الأسير الصحفي محمد القيق الذي يص رع الموت بعد إصابته بحالات تشنج وضيق في التنفس ودوخة شديدة مستمرة، مع إصراره على استمراره بالإضراب عن الطعام لليوم السابع والسبعين احتجاجاً على اعتقاله الإداري التعسفي. وأكد المجلس أن هذه الجريمة، وسياسة الاعتقال الإداري غير القانوني ما هي إلا نموذج واضح على الجرائم التي ترتكبها سلطات الاحتلال تجاه أسرانا الأبطال وعن خروقاتها وانتهاكاتها للقانون الدولي والإنساني، واتفاقية جنيف الرابعة والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وحمّل المجلس الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن حياة الأسير القيق، بسبب المماطلة الطويلة والمراوغة في الاستجابة لمطلبه بإنهاء اعتقاله الإداري.
أدان المجلس حملة التحريض التي يقودها رئيس الوزراء الإسرائيلي ضد أعضاء الكنيست العرب والعقوبات التي فرضتها لجنة السلوك في الكنيست عليهم، لمتابعتهم قضية احتجاز جثامين الشهداء المقدسيين. وأكد المجلس أن على رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي يتغنى بالديمقراطية وحقوق الإنسان وبدلاً من حملته المسعورة الإفراج الفوري وغير المشروط عن جثامين الشهداء، ليس فقط جثامين شهداء الهبة الشعبية التي تحتجزها سلطات الاحتلال منذ عدة أشهر، وإنما جثامين الشهداء الذين تحتجزهم سلطات الاحتلال في مقابر الأرقام منذ عشرات السنين في انتهاك لكل القيم الإنسانية وللأعراف والمواثيق الدولية.
واستنكر المجلس المغالطات والادعاءات الإسرائيلية بشرعية المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وفق القانون الدولي، وبأنها مادة للتفاوض حسب اتفاق أوسلو. وأكد المجلس على أن كل الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية بما فيها القدس غير شرعي وغير قانوني، كونه أقيم على الأرض الفلسطينية التي احتلت عام 1967، وقد تم الاتفاق مع الحكومة الإسرائيلية على أن الاستيطان الذي كان قائماً عام 1994 سيكون موضوع التفاوض في سياق الموقف الفلسطيني الثابت بأن الاستيطان غير شرعي وغير قانوني، كما أن الاتفاقيات الموقعة قد نصت بوضوح على أنه لا يجوز لأي من الطرفين القيام بأي أعمال أحادية تجحف بنتائج مفاوضات الوضع الدائم، وأن الاستيطان هو العمل الأحادي المقصود في هذا السياق.
إضافة إلى أن اتفاقية جنيف الرابعة، قد نصت ع ى أنه لا يجوز لدولة الاحتلال أن ترحّل أو تنقل جزءاً من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها، كما أن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، قد عرف قيام دولة الاحتلال على نحو مباشر أو غير مباشر، بنقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتلها على أنه جريمة حرب، إضافة إلى أن القرار (465) الصادر عن مجلس الأمن الدولي سنة 1980 قد نص على أن: سياسة إسرائيل وأعمالها لتوطين قسم من سكانها ومن المهاجرين الجدد في الأراضي الفلسطينية وغيرها من الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس تشكّل خرقاً فاضحاً لاتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب، كما دعا هذا القرار إسرائيل إلى تفكيك المستوطنات القائمة.
ورحب المجلس بالبيان الصادر عن الاتحاد الأوروبي، الذي عبر عن القلق الكبير من تزايد عمليات هدم منازل الفلسطينيين في الضفة الغربية ودعا إسرائيل إلى وقف هدمها، ومعارضته لسياسة الاستيطان الإسرائيلي وبشكل خاص في المناطق المسماة (ج). وأعرب المجلس عن تقديره للموقف الأوروبي المنسجم مع القانون الدولي، ومع سياسة الاتحاد الأوروبي الثابتة تجاه عدم شرعية الاستيطان.
وأكد المجلس أن تجاهل الحكومة الإسرائيلية للأصوات الدولية التي تدين الاستيطان والسياسات القمعية ضد الشعب الفلسطيني، يفرض على المجتمع الدولي اتخاذ سلسلة من الخطوات الرادعة لإسرائيل وانتهاكاتها، ويتطلب موقفاً دولياً حازماً من الاحتلال وجرائمه، والخروج من دائرة الشجب والاستنكار، خاصةً أن الحكومة الإسرائيلية باتت تتعايش مع تلك الإدانات، وتواصل عمليات التوسع الاستيطاني وعقوباتها الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، كما تواصل خروقاتها وانتهاكاتها للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، وتتصرف كأنها دولة فوق القانون دون مساءلة أو محاسبة.
وشدد المجلس على أن إسرائيل تتحمل المسؤولية أيضاً عن تدهور الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية، لا سيما الحملة المسعورة التي نفذتها والحصار الذي فرضته على بلدة قباطية في جنين وأكد المجلس أن استمرار إسرائيل في سياسة الإعدامات الميدانية والعقوبات الجماعية، وإقامة الحواجز وحصار وعزل المدن والقرى والمخيمات سيزيد من تصعيد الأوضاع الأمنية. وجدد المجلس التأكيد على طلب القيادة الفلسطينية بضرورة توفير حماية دولية لأبناء شعبنا في وجه هذه الممارسات والانتهاكات اليومية التي ينفذها جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين.
وحذّر المجلس من الحفريات الإسرائيلية جنوب وجنوب غرب المسجد الأقصى المبارك، وفي ساحة البراق، مطالباً بضرورة التدخل الدولي لإلغاء تنفيذ قرار الحكومة الإسرائيلية بإقامة منصات لصلاة اليهود على أرض الأوقاف الإسلامية في منطقة باب المغاربة بالقرب من جدار المسجد الأقصى الغربي وتوابعه من القصور الأموية في الواجهة الغربية الجنوبية. وشدد المجلس أن محاولات الاعتداء على ساحة البراق إنما هي عدوان حقيقي يستهدف المسجد الأقصى والأوقاف الإسلامية، مؤكداً أن حائط البراق جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى وكل ما يقع أمامه من الجهة الغربية أو الشمالية أو الجنوبية إنما هو وقف إسلامي ملكيته للمسلمين وحدهم.
وعلى صعيدٍ آخر، أعرب المجلس عن تمنياته بنجاح الجهود المبذولة لتحقيق المصالحة، وإعادة الوحدة للوطن، وأكد رئيس الوزراء في هذا السياق أن الحكومة جاهزة لتقديم استقالتها لدعم تشكيل حكومة وحدة وطنية، وأنها ستقدم كل ما من شأنه دعم جهود تحقيق المصالحة الوطنية، وستتحمل مسؤولياتها كاملة إلى حين تشكيل حكومة جديدة. مؤكداً أن مواجهة تحديات المرحلة يقتضي إيلاء بيتنا الداخلي كل الجهد، ومنحه أعلى درجات الاهتمام الوطني، على صعيد المصالحة الوطنية، وإنهاء الانقسام وتوحيد الجهد والبرنامج الوطني، وتوفير كل مقومات الصمود والمقاومة والبقاء على الأرض، حتى نتمكن معاً من حماية مشروعنا الوطني، وتعزيز قدرتنا على مواجهة التحدي الأكبر المتمثل في إنهاء الاحتلال، ومواجهة مشاريع الاستيطان وتهويد لقدس، وإنجاز قيام دولتنا الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي إطار استعراضه لمسيرة تطوير قطاع التعليم، أشاد المجلس بقرار وزارة التربية والتعليم العالي ووزارة العمل لإحياء المجلس الأعلى للتعليم المهني والتقني، وإطلاق وزارة التربية والتعليم العالي لبرنامج النشاط الحر في 100 مدرسة حكومية لاستضافة نشاطات رياضية وفنية وعلمية بصورة اختيارية أيام السبت.
كما رحب المجلس بقرار وزارة التربية والتعليم العالي إطلاق حملة "انتصر للتعليم في القدس" لحماية التعليم في المدينة المقدسة في ظل الهجمة الإسرائيلية التي تستهدف طلابنا ومؤسساتنا التعليمية. كما أكد المجلس التزامه بحقوق المعلمين وما تبقى لهم من علاوة طبيعة الخدمة وفق ما طرحه وزير التربية والتعليم العالي، كما رحب المجلس بالاتفاق القاضي بإنهاء إضراب الجامعات مؤكداً حرصه على انتظام الدوام لحماية المسيرة التعليمية.
وتوجه المجلس بالشكر والتقدير إلى دولة اليابان لتقديمها مبلغ 78 مليون دولار لدعم تنفيذ مشاريع تنموية في الضفة الغربية وقطاع غزة ودعم الخزينة العامة، ومعبراً عن تقديره العميق وتقدير شعبنا الفلسطيني وقيادته للدعم الياباني المتواصل، وللموقف الياباني الداعم دوماً لشعبنا وقضيته العادلة.
وأشاد المجلس بالمرأة الفلسطينية وبكفاحها ودورها الريادي في مختلف المجالات والميادين. وأكد على المضي قدماً بالعمل في كل ما من شأنه حماية مكانة المرأة، وترسيخ شراكتها الحقيقية بما يحقق لها المساواة والعدالة الاجتماعية، ويمكنها من تعزيز دورها في المشاركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومواقع صنع القرار. وأكد المجلس على قراره رقم (11) لسنة 2012 الخاص بشأن اعتماد الحد الأدنى للأجور في فلسطين، والذي تقرر البدء بتطبيقه بتاريخ 1/1/2013، داعياً أرباب العمل إلى الالتزام بتطبيق القانون وإنهاء كافة أشكال التمييز ضد النساء العاملات.
وقرر المجلس الموافقة على تخصيص مبلغ مالي لصالح وزارة الأشغال العامة والإسكان، لمساعدة أصحاب المنازل المدمرة من سكان الكرفانات، في المحافظات الجنوبية.
كما قرر المجلس التنسيب إلى سيادة الرئيس باستملاك قطعة أرض من أراضي مدينة رام الله، لصالح بلدية رام الله لغايات إنشاء مدرسة عليها.
وصادق المجلس على العرض المقدم بشأن تطوير حقل بترول رنتيس وتفويض رئيس سلطة الطاقة باستكمال الإجراءات لإصدار التراخيص اللازمة لتطوير الحقل.
وصادق المجلس على دليل إجراءات العمل مع الأطفال مجهولي النسب وغير الشرعيين، كما قرر إحالة مشروع قانون المكتبة الوطنية الفلسطينية، ومشروع نظام المجلس الوطني للطفل، إلى أعضاء مجلس الوزراء، لدراستهما وتقديم الملاحظات بشأنهما، تمهيداً لاتخاذ المقتضى القانوني المناسب في جلسة مقبلة.