الملتمسة رقم 6 هي رضيعة عمرها ثلاث سنوات. الملتمسة رقم 5 هي قاصر ابنة 11. الملتمسة رقم 4 هي طالبة متميزة في مدرسة الخوارزمي الثانوية. الملتمس رقم 3 هو عامل نظافة في مستشفى هداسا عين كارم. الملتمس رقم 1 هو عامل صيانة، والملتمسة رقم 2 هي زوجته. جميع هؤلاء يعيشون معاً في شقة متواضعة في مخيم شعفاط للاجئين في القدس. تنوي إسرائيل هدم بيتهم. وقد قدموا التماساً للمحكمة العليا في محاولة لا أمل بنجاحها لإلغاء هذا المصير المهين.
المحكمة العليا بانعقادها كمحكمة عسكرية عليا لإسرائيل صادقت، الخميس الماضي، على الهدم.
لم يكن هناك أي شيء متوقع من هذه المحكمة. مرة في كل بضعة أسابيع يتجند قضاة المحكمة العليا لخدمة الاحتياط.
يحدث هذا عندما يناقشون الالتماسات ضد جهاز الأمن، في الحقيقة هم لا يرتدون الزي العسكري مثلما كان يجب أن يكون، ولا يضعون الأوسمة العسكرية على أكتافهم.
ولكن المحكمة ملونة بالخاكي وهي تعمل مثل المحكمة العسكرية في عوفر. يصعب تمييز الفروقات بين قضاة المحكمة العليا وبين آخر القضاة العسكريين الذي يصادق بأمر عسكري على كل ظلم.
يوجد للمحكمتين هدف فكري واحد وهو المصادقة وشرعنة وتبييض كل ما يطلبه "الشاباك" والجيش، ورفض كل التماس يطالب بالقليل من العدالة وحقوق الإنسان وقدر من الإنسانية في ظل الاحتلال.
تطفئ منارة العدل المصابيح، ويهبط الظلام إلى أن تعود المحكمة العليا للانشغال بقضايا مدنية، وعندها مرة أخرى يظهر النور.
حتى في ظل هذا الوضع الذي يبعث على اليأس تسجل أرقام قياسية بائسة بشكل خاص. هكذا هو قرار حكم المحكمة العليا 23/5933 في الالتماس الذي قدمته عائلة الطفل م.ز المتهم بطعن شرطي، والذي لم يتسبب بموته، هو مات بسبب نار رجل حراسة، ضد قرار هدم بيتها.
بأغلبية قاضيين ضد قاضٍ واحد عادل - اليكس شتاين وغيلا شتاينيتس ضد عوزي فوغلمان – صادقت المحكمة على هدم البيت. دائماً من الجيد أن يكون هناك قاضٍ أخلاقي واحد في موقف الأقلية كي لا تتحطم سمعة المحكمة التي ذهبت بعيداً.
لم يزر القضاة الثلاثة في أي يوم مخيم شعفاط، هكذا يمكن الافتراض بثقة، وليست لديهم أي فكرة عن الحياة فيه.
هذا المخيم من أقسى المخيمات، لكن القضاة اطلعوا على تقرير التحقيق لوالد الطفل الذي كتبه عميل "الشاباك".
في البند 10 في التقرير كتب العميل بأنه كانت للولد علاقة مع محمد علي أبو صالح الذي قتل في يوم هدم بيت آخر في المخيم، بعد أن هدد ببندقية دمية قوات الأمن.
وحسب لائحة الاتهام فان م.ز وجد سكينا قرب بيت عمته وبمبادرة آنية قرر طعن شرطي ردا على قتل صديقه.
لم يكن لوالديه وإخوته كما يبدو أي فكرة عن نيته. شقيقته ابنة الثالثة ستدفع ثمن ما فعله. الآن ستصبح دون مأوى بفضل المحكمة العليا.
هدم البيوت هو عقاب جماعي وجريمة حرب. هدم بيت فتى ابن 13 هو عمل خطير يصعب استيعابه بشكل أكبر.
هدم بيوت "إرهابيين" فلسطينيين وعدم هدم بيوت إرهابيين يهود ألبتة، هو علامة واضحة على منظومة قضاء أبرتهايد. وحقيقة أن المحكمة العليا لم تكلف نفسها عناء انتظار إدانة الولد - محاكمته ما زالت جارية - تثبت أن هذا الأمر يتعلق بالفلسطينيين وأنه لا توجد حاجة للمحاكمة.
م.ز طعن شرطياً في حافلة بسبب قتل صديقه أثناء هدم بيت آخر في المخيم.
الآن يقوم بالتسخين على حدود الملعب "الإرهابي" القادم الذي سيتربى على هدم بيت م.ز. كم هو مضحك ادعاء قضاة الأغلبية بأن الهدم سيردع الوالدين.
من المحزن والمثير للغضب أن هذا لا أساس له من الصحة. في مخيم شعفاط يوجد حاجز على المدخل، ويوجد جنود ينكلون بالسكان.
رجال الشرطة يقتحمون المخيم دائماً وينكلون بالسكان. م.ز ابن الـ 13 كان ناضجاً بما فيه الكفاية كي يفهم أنه مضطر لفعل شيء ما.
اعتقد قضاة محكمة العدل أنه يجب معاقبة عائلته بشكل وحشي. هذه الأقوال تسقط من الخجل.
عن "هآرتس"