عدت الاغتيالات محورا أساسيا في العقلية الصهيونية ليست بالضرورة مرتبطة بواقع الكيان اللحظي ، كما يحاول البعض السياسي الفلسطيني تبرير و تخريج التهديدات المشتعلة اليوم باغتيال القائد الحمساوي صالح العاروري ، من انها تعود لحالة تآكل الردع لدى الكيان من ناحية ، وارتفاع وتائر المقاومة المسلحة في الضفة الغربية من ناحية أخرى . و بالنظر الى تاريخ الاغتيالات الإسرائيلي الحافل و الذي تجاوز المئة منذ احتلال 67 بحق القيادات الفلسطينية ، نجد انه جزء أساسي من العقلية الانتقامية الدموية .
ابتدأت الاغتيالات في و قت مبكر ، نذكر من ابرزها غسان كنفاني 1972، النجار والكمالين عدوان و ناصر 1973 ، باسل الكبيسي ، علي سلامة في لبنان ، زهير محسن في باريس ، باسم سلطان في قبرص ، خالد نزال في أثينا ، خليل الوزير في تونس ، فتحي الشقاقي في مالطا ، سمير القنطار في دمشق . و خلال الانتفاضة الثانية تمت تصفية معظم قيادات الصف الأول في حركة حماس ؛ يحيى عياش ، صلاح شحادة ، إسماعيل أبو شنب ، الرنتيسي ، حتى طالت الشيخ القعيد أحمد ياسين الخارج لتوه من صلاة الفجر ، و لم تتوان يد الاغتيالات ان تمتد - بعد السلام - الى ان تطول محمود المبحوح في دبي و محمد الزواري في تونس و فادي البطش في كوالالمبور ، اما في السنوات القليلة الماضية فتركزت يد الاغتيال في صفوف الجهاد الإسلامي .
لا تعبأ المقاومة ، قديمها و حديثها ، بالتهديدات المعادية ، و لا بالاغتيالات ، بل ترى ان استهدافها يميزها و يقويها في أوساط الجماهير الفلسطينية و العربية على حد سواء ، و يكسبها احتراما يصل حد التقديس الروحي و المعنوي من جهة ، و تقديم استحقاقات مادية "مالية و عينية" علنية او سرية ، و ما قضية مهندس الطيران التونسي محمد الزواري الذي تم اغتياله في صفاقس الا مثالا صغيرا على ذلك . لكن قضية قاسم سليماني موضوع آخر ، فقد اعتمده إسماعيل هنية "شهيد القدس" ، و عباس زكي جيفارا الشرق الأوسط .
اما التهديدات المضادة من قبل الفصائل كافة ، ردا على اغتيال العاروري او أي قيادي فلسطيني آخر ، فهو لم يرق بعد الى ان يتم اختيار قائد إسرائيلي بعينه و القيام باغتياله ، و لن تتردد إسرائيل في اغتيال العاروري اذا ما تأكد لها ضلوعه في عملية الخليل و قبلها عملية حوارة ، فقد وصل الامر بنتنياهو ان يهدد ايران اذا ما ثبت انها تقف خلف مثل هذه العمليات تمويلا و تسليحا . لكن لن يتجرأ نتنياهو على اغتيال العاروري في لبنان بعد تهديد حسن نصر الله إسرائيل من مغبة القيام بذلك على ارضه .
اليوم ، تتصادف تهديدات إغتيال العاروري بالذكرى السنوية الثانية و العشرين لاغتيال أمين عام الجبهة الشعبية أبو علي مصطفى ، و لربما انه القيادي الفلسطيني الوحيد الذي تم الرد على اغتياله باغتيال قيادي إسرائيلي برتبة وزير بعد اقل من شهرين على قصف مكتبه في رام الله ، و الوحيد الذي اسمي الجناح العسكري للجبهة على اسمه بعد عز الدين القسام الذي استشهد قبل انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة .