تقدير موقف: هل تحتمل غزة موجة جديدة من التصعيد؟

0380442a-0e5e-4f19-a646-d018f089434d-1683617485-jpg-1683617485.wm.jpg
حجم الخط

الكاتب: معتز خليل

 



قال التليفزيون الإسرائيلي في تقرير له أن المجلس الأمني المصغر أو ما يعرف ب"الكابينيت" من المتوقع أن يناقش سيناريو الحرب الشاملة في اجتماع خلال شهر سبتمبر المقبل ، وذكر التليفزيون أن قيادة جيش الاحتلال تعدّ في هذه الأيام سيناريوهات تتعلق باندلاع مواجهة مفتوحة مع حزب الله في لبنان، بهدف تقديمها للمستوى السياسي الإسرائيلي.
وأوضحت القناة أن التقدير لدى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية هو أنه في حال اندلاع مواجهة مع حزب الله، فإن جبهتين أخريتين ستدخلان، هما: سوريا وغزة.
تحليل سياسي
من الواضح تماما وجود تجاذبات سياسية واستراتيجية في قطاع غزة ، وهي التجاذبات التي لا تنتهي خاصة مع هذه النقاط:
1- تزايد نسبة الهجرة غير الشرعية من غزة ، وهي الهجرة التي تتصاعد بلا توقف
2- الوضع الاقتصادي السيئ في قطاع غزة مقارنة بالوضع الجيد نسبيًا في الضفة الغربية في ظل السلطة الفلسطينية.
3- وحود بنية تحتية غير مرضية في كل جانب من جوانب الحياة.
4- التأميم المالي الميزانيات والمنح المخصصة للجمهور الفلسطيني من قبل سلطات حماس.
5- منذ نهاية العملية العسكرية في غزة يأمل الناس في غزة بتحسين الوضع الاقتصادي والرفاهية وجودة الحياة.
6- أدى استقرار الأشهر القليلة الماضية إلى زيادة عدد تصاريح العمل الممنوحة للفلسطينيين. كما ساهمت في فتح المعابر الحدودية مما أدى بدوره إلى تحسين الوضع الاقتصادي في قطاع غزة.
7- يعيش العديد من سكان غزة في فقر وظروف غير إنسانية إلى جانب معدلات البطالة الفاحشة.
8- يرى البعض رن قيادة حماس الرذيسية المسؤولة عن القرارات العليا غير موجودة في غزة ولا تعيش في غزة وبالتالي فهي لا تدرك المعاناة والصعوبات التي يمر بها سكان غزة بشكل يومي.
تقدير موقف
بات واضحا إن التصعيد السياسي والاستراتيجي في المنطقة يمكن أن يجر قطاع غزة لحرب كبيرة قادم ، وهي الحرب التي ألمح إليها صالح العاروري نائب رئيس حركة حماس في أحاديثه الإعلامية السابقة.
ولا يخدم هذا التصعيد بالطبع الشعب الفلسطيني في غزة ، حيث تعيش الفئات الفقيرة والمهمّشة في قطاع غزة واقعاً معيشياً واقتصادياً هو الأصعب من جرّاء تفاقم الأزمات وانخفاض حجم التمويل المخصّص للخدمات الإغاثية والمالية، في ظلّ ارتفاع معدّلات الفقر والبطالة.
وفي العامَين الماضيَين، لم ينتظم صرف مخصّصات الأسر الفقيرة التي تصرفها وزارة التنمية الاجتماعية التابعة للسلطة الفلسطينية، وقد أعادت الحكومة الفلسطينية برئاسة محمد اشتية أسباب ذلك إلى تراجع التمويل الدولي إلى جانب تراجع الإيرادات المالية الخاصة بالحكومة.
ويستفيد من برنامج المخصّصات المالية التي تشرف عليها الحكومة الفلسطينية نحو 116 ألف أسرة، من بينها نحو 80 ألفاً من قطاع غزة المحاصر، وتُصرَف على شكل مبالغ تختلف باختلاف المحدّدات المعلنة، فتتراوح ما بين 750 شيقلاً و1800 شيقل، وتأتي في أربع دفعات في العام. لكنّ الفترة الأخيرة شهدت عدم انتظام في فترات الصرف. (الدولار الأميركي يساوي 3.66 شيقلات إسرائيلية)
إلى جانب ذلك، أوقف برنامج الأغذية العالمي خدماته المقدّمة للأسر الفقيرة في يونيو/ حزيران الماضي، في حين أنّه سوف يعلّقها بشكل كلي في خلال أغسطس/ آب الجاري، لأسباب متعلقة بنقص التمويل وغياب الدول المانحة للبرنامج.
وبحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فإنّ 61.6 في المائة من سكان غزة، البالغ عددهم مليونَين و300 ألف نسمة، يعيشون حالة فقر، في حين بلغت نسبة البطالة مع نهاية عام 2022 نحو 47 في المائة.
من جهتها، لا تخفي وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إمكانية توقّفها عن توفير المساعدات الغذائية التي تقدّمها في القطاع لأكثر من 1.2 مليون نسمة، وذلك من جرّاء العجز المالي الكبير في الموازنة وعدم توفّر أموال تكفي لشراء مواد المساعدات.
وفي هذا الإطار، يقول المستشار الإعلامي لوكالة أونروا في غزة عدنان أبو حسنة إنّ "التمويل المتوفّر حالياً يكفي فقط حتى نهاية شهر أغسطس الجاري، وبعد ذلك سوف تكون أزمة حقيقية، نظراً إلى حاجة أونروا العاجلة إلى 100 مليون دولار، من بينها 70 مليوناً لشراء مواد غذائية يستفيد منها 1.2 مليون لاجئ في غزة". أمّا المبلغ المتبقي، 30 مليون دولار، "فالوكالة في حاجة إليه لدفع مساعدات نقدية للأسر الفلسطينية في لبنان وسورية، الأمر الذي يعكس حجم الأزمة التي قد تنعكس سلباً على اللاجئين الفلسطينيين".
ويرى أبو حسنة أنّ "الفئات الأكثر هشاشة في القطاع سوف تكون عرضة للضرّر من جرّاء أيّ توقف لخدمات أونروا، بسبب العجز في التمويل الواقع حالياً في موازنة وكالة أونروا، لا سيّما الفئات الأكثر فقرًا التي تتلقى المساعدات الغذائية الأساسية التي تُقدَّم لهم".
ويوضح أبو حسنة أنّ "إجمالي العجز المالي الخاص بالمؤسسة يبلغ 200 مليون دولار في البرامج المنتظمة ونحو 100 مليون دولار على صعيد برنامج المساعدات الغذائية والمساعدات النقدية"، مبيّناً أنّ "موازنة أونروا لعام 2023 تبلغ 847 مليون دولار، لم يتوفّر منها حتى الآن إلا 500 مليون".
إذاً تعيش أسر فقيرة كثيرة أوضاعاً قاسية جداً، في ضوء تراجع الاهتمام الخارجي بالقطاع وازدياد معدّلات الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي، علماً أنّ ثمّة منحة قطرية ما زالت تُصرَف شهرياً بواقع 100 دولار أميركي لنحو 100 ألف مستفيد.
ووفقاً لإحصاءات اتحاد نقابات عمّال فلسطين، فإنّ أعداد العاطلين من العمل بلغت نحو ربع مليون عامل، إذ تأثّرت كلّ القطاعات الزراعية والصناعية والإنشاءات من هذا الحصار الذي لم يوفّر أحداً، الأمر الذي يساهم في تفاقم انعدام الأمن الغذائي.