يعد اتفاق أوسلو شارة حمراء في نظر المستوطنين: احدى المصائب الكبرى في تاريخ دولة إسرائيل؛ ليس أقل من ذلك. فمن طرف واحد مزقت حكومة إسرائيل أجزاء من "يهودا" و"السامرة" وسلمتها الى عظيم "المخربين" الذي اقام حكما ذاتيا.
بعد 30 سنة من الاتفاق ذاته، الذي وقع قسمه الأول في أيلول 1993 وقسمه الثاني بعد سنتين من ذلك، ليس في اليمين من يقول ان الاتفاق جيد. لكن هل هو سيئ؟ ليس مؤكدا على الاطلاق.
الحاخام يوئيل بن نون من حاخامي مدرسة هار عصيون كان احد الشخصيات الأساسية في تلك السنين. اشهراً تلو اشهر أدار قناة شبه سرية مع رئيس الوزراء رابين، ورغم حقيقة أنه تلقى انتقادا لاذعاً فانه يقول إن ذلك أدى الى ترسيخ الاستيطان في "المناطق". في تقرير صحافي واسع سينشر في نهاية الأسبوع في إسرائيل، هذا الأسبوع، "نطرح الخطوات التي تمت في حينه، الأصوات الحادة ضد الخطوة، الإجراءات التي اتخذها من خلف الكواليس قادة الاستيطان – والنتائج بأثر رجعي.
يقول الحاخام بن نون: "اعتقد مهندسو "أوسلو" ان الاستيطان في "المناطق" سيتفكك من تلقاء ذاته بعد الاتفاق. كانوا واثقين بأن الاستيطان لن يصمد واناسه سيغادرون بأنفسهم. رابين لم يوافق على اخلاء أي مستوطنة، واعتقد أنه يجب الحرص على امن الاستيطان وعلى الطرق الالتفافية. هذا هو السبب الذي جعلني مستعدا لان احتمل تهجمات رفاقي".
كما يعتقد بن نون بأن "رابين كان اكثر يمينية من ارئيل شارون الذي كان يعد في حينه مؤيداً متحمساً للاستيطان. رابين هو الذي اصر على عدم اخلاء أي مستوطنة، وهو الذي قال اننا اذا اخلينا غوش قطيف، فستسيطر "حماس" في غزة.
"ينبغي أن نقول أيضا بقدر ما ان أوسلو انقذ يهودا والسامرة. صحيح أنه قطعنا عن المدن الكبرى لكننا لو لم نفعل ما فعلناه في حينه، لما كان الإسرائيليون يسكنون اليوم في معظم يهودا والسامرة".
بن نون ليس وحيدا. يعتقد الصحافي ومؤرخ الاستيطان، حجاي هوبرمان، أنه رغم ان الاتفاق كان اشكاليا للغاية، وهذا اقل ما يقال، فانه في نظرة الى الوراء عزز الاستيطان. "الانسحاب كان بقعة الزيت التي انتشرت وتوقفت في الاستيطان. اتفاق أوسلو هو انتصار وفشل استراتيجي للسلام الان وانتصار وفشل استراتيجي لغوش ايمونيم. لقد نجحت حركة السلام الان في أن تدخل إلى الخطاب مفهوم "الأرض مقابل السلام" لكن الانسحاب توقف عند الاستيطان.
اذا اخذت كل خريطة أوسلو وحللتها، فان ما رسم المنطقة كان الاستيطان فقط.
"لقد رسّخ "أوسلو" جديا الاستيطان. الـ 25 سنة الأولى كانت استيطانا رسميا. ثماني سنوات في التسعينيات وبداية الالفين كانت مسيرة اتفاق سياسي وتجفيف، لكن رغم كل المصاعب جلب رؤساء الاستيطان مئة الف نسمة الى يهودا والسامرة. أوسلو فعل خيراً رغم انه كان سيئا".
عن "إسرائيل اليوم"