آلية اتخاذ القرار الرسمي الفلسطيني منتج للأزمات الوطنية!

23_1544885257_5130.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة برصاصة فتح الأولى يناير 1965، ولاحقا قيادة فصائلها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير 1968، كانت مسألة آلية اتخاذ القرار أحد القضايا الإشكالية الكبيرة التي واجهت العمل العام، ونالت في بعض محطاته من صلب الوحدة الكفاحية، أدت الى صناعة "انشقاق" داخل فتح عام 1983 بعد معركة بيروت.

ودوما كان اتهام الآخرين، أن الرئيس الخالد القائد المؤسس ياسر عرفات "فردي"، لا يخضع للهيئات القيادية، رغم اعترافهم جميعا، سوى أفراد، بقدرته الخاصة، بل والحرص الشديد على تماسك الوحدة.

موضوعيا، كانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حاضرة دوما، لم تختف ولم تغب، عن مناقشة القضايا المصيرية كافة، الى جانب الإطار الأكثر تأثيرا في صناعة القرار ما عرف بـ "القيادة الفلسطينية"، الذي كان يضم الى جانب "التنفيذية" قيادات تاريخية – مركزية من حركة فتح تقدمهم الشهيد أبو إياد والشهيد أبو جهاد، وكل الأمناء العامين للفصائل مع شخصيات مستقلة محددة، كانت هي إطار صناعة الموقف، رغم كل ما يصاحبها من اتهامات بـ "الفردية" للخالد وبعض من فتح.

ومع تأسيس السلطة الوطنية مايو 1994 نتاج اتفاق "إعلان المبادئ"، ورئاسة الخالد وتشكيل مجلس وزراء، أصبحت آلية اتخاذ القرار تضم في غالبيته، تنفيذية منظمة التحرير ومجلس الوزراء، إطارا لا يغيب، وفي أحيان أخرى تعقد "القيادة الفلسطينية"، لكنها لم تكن كما كانت قبل 1994.

قواعد عمل استمرت حتى اغتيال الخالد ياسر عرفات نوفمبر 2004، رغم كل ما أصابها نقدا، لكنها حددت بشكل كبير وضوح آلية القرار وكيفية اتخاذه، ما كان جدارا واقيا في المعركة الكبرى مع دولة العدو الاحلالي، ووضعت أسس التمثيل الوطني والكيانية الأولى فوق أرض فلسطين، رغم كل مؤامرات حاولت كسر عامود التمثيل الوطني بما يتوافق والمشروع المعادي.

منذ اغتيال الخالد، بدأت رحلة جديدة لا ترتبط بما كان آلية لصناعة القرار الوطني العام، فمنذ انتخابات يناير 2006، بعدما فازت حركة حماس بأغلبية المؤسسة التشريعية وشكلت حكومتها الأولى مارس 2006، لتبدأ رحلة صراع بين "حكم" برئاسة محمود عباس وحكومة برئاسة هنية، كسرت منذ خطابها الأول النظام الأساسي (الدستور)، كمؤشر أولى للرحلة الانقسامية القانونية – السياسية، لتبدأ بناء "نظامها الخاص" تحت سمع الرئيس عباس وموافقته في بعض خطواتها، وخاصة بعد  الذهاب لإنشاء مؤسستها الأمنية الحزبية (ضمن مفهومها الإسلاموي)، لتعلن في يونيو 2007 انقلابها الرسمي على القانون الأساسي للنظام الفلسطيني.

انقلاب حماس، لم يقتصر إطاره بالبعد السياسي، لكنه طال ما هه أكثر خطورة، القانون الأساسي (الدستور) وخلق مركز مواز لصناعة قرار منشق عن المركز، في جزء من أرض دولة المركز، وتلك المفارقة الأولى لكسر ليس وحدانية التمثيل فحسب، بل لكسر آلية صناعة قرار فلسطيني، ما فتح الباب موضوعيا لخلق أسس خارج ما كان منذ عام 1968 وحتى مارس 2006.

انقلاب حماس، كان مقدمة عملية استفاد منها الرئيس محمود عباس، لصناعة آلية جديدة لاتخاذ القرار، خارج كل المؤسسات الرسمية، وأصبح قرارا فرديا بامتياز، دون حساب أو رقابة أو رادع إطاري، بل أنه لم يقف عند "الفردية" بل تجاوزها بعدم التزامه بأي من قرارات المؤسسة الرسمية (مركزي ووطني)، رغم أنه فرض مفاهيمه وآلياته الخاصة عليها، وأعاد تشكيلها خارج القانون بما يتوافق ورغبته الفردية المطلقة، ولعل المجلس الوطني 18 كان نموذجا خارقا لكل آليات القانون والنظام.

ورغم اللقاءات العامة الشكلية، كما سبق في محطات خاصة، بيروت والقاهرة والعلمين، فهي لم تنتج أي جديد يقال بأنه "تصويب" في آلية اتخاذ القرار، بل أدت الى تكريسها في أعلى درجاتها "الفردوانية"، خاصة شطب نتائج حوار القاهرة مارس 2021، ومنها وقف العملية الانتخابية بذريعة مقدسية، (مع أن الموافقة عليها مبدئيا كان جريمة سياسية).

مع دخول القضية الفلسطينية مرحلة تاريخية جديدة، على وقع الدور الأمريكي لما أسمته "الاندماج الإقليمي لدولة الكيان"، وآليات التطبيع عبر الباب السعودي، ومسارعة مشروع الضم والتهويد على طريق فرض مشروع "التقاسم الوظيفي"، بأدوات لم تعد مجهولة، أصبح مناقشة كيفية اتخاذ القرار مسألة جوهرية.

تحديد إطار العمل وآلية القرار هو المقدمة المركزية لصياغة رؤية وطنية فلسطينية، فلا يجوز أبدا الحديث عن مشروع مواجهة وطني لمشروع العدو الاحلالي، دون آلية متفق عليها خارج "الفرداونية السائدة"، ودون تحديد ذلك يصبح الكلام عن رؤية شاملة ليس سوى خديعة شاملة.

كل حديث عن رؤية مستقبلية في ظل "الانقلابية" و"الفردوانية" ليس سوى مضيعة للوقت، وخداع للشعب ومكذبة سياسية تقود موضوعيا لخدمة المضاد الوطني.

ملاحظة: قادة الأمن السابقين في دولة الكيان حكوا بالمشبرح بأن حكوماتهم صنعت نظام "فصل عنصري" في أرض دولة فلسطين...هاي الشهادات يجب أن تكون جزء من أوراق المحكمة الجنائية ..كلامهم مش بحاجة لإثبات لانهم من صنعوه أصلا...ممكن الرسمية تنتبه أم بالها مشغول فيما سيكون مصاري من هديك الشغلة!

تنويه خاص: رغم صوابية كلام الرئيس عباس عن اليهود وتاريخهم..بس شو الفايدة منه الحكي هالأيام..بدل ما تفتح معارك جانبية خليها معارك على الأهم..ركز كيف تخلي عدوك يهلوس بتنفيذك قرارات صارها 8 سنوات مختفية..بلاش نقلك مثل ما قال الكبير معين بسيسو.. بس قولها.