تغييرات كبيرة في القيادة ولا أي تغيير على المواطن

27-1586942191-jpg-1586942191.wm.jpg
حجم الخط

 بقلم  د. ناصر اللحام

 






يلفت انتباهي اهتمام الرأي العام الفلسطيني والمهجر بالتغييرات الإدارية في السلطة، بدءا من المحافظين ومرورا بالسفارات ووصولا الى الحكومة والدعوة لمؤتمر فتح حيث يصار الى تغيير كامل في المجلس الثوري لحركة فتح وما يتبع ذلك من إعادة توزيع لكثير من المناصب والمسؤوليات .
وفي محاولة لاستقراء المشهد من جديد لم اجد أي جديد . وانما وجدت ان الرأي العام منتبه الى حقيقة ان هذه التغييرات لا تهم سوى أصحابها، وهذا حق مشروع لأصحاب الامر . ولكنه لا يغير في حياة الناس شيئا .
هذه التغييرات تبدو من بعيد مجرد زوبعة كبيرة في فنجان صغير . لا تؤثر في الوضع الاقتصادي ولن تؤثر مستقبلا ، ولا تؤثر في وضع خزينة السلطة إيجابا ، ولا تزيد من الإنتاج ولا تقلل من الاستهلاك !
هذه التغييرات كلها لا تؤثر في الواقع السياسي فهي لا تقود الى تغييرات سياسية مهمة في صنع القرار .
حتى الحكومة لم تعد صانعة قرار . وهي تؤدي دور وظيفي في اطار نظام رئاسي واضح السيادة . الوزير لا يصنع قرارا سياسيا ولا اقتصاديا ولا إداريا ، ورئيس الحكومة كذلك .
وفي ظل حل المجلس التشريعي للسلطة ، فان القرار حصرا في يد جهتين : الرئيس ، وقادة أجهزة الامن .

التغييرات الراهنة والقادمة والتالية وما بعد التالية وما قبل جنين وما بعد حيفا ، جميعها لا تؤدي الى أي تغييرات في حياة المواطن من النواحي التالية :
- التوظيف . لن يفتح باب التوظيف الحكومي لعشرات الاف الخريجين الذين ينتظرون دورهم منذ 2014
- الموازنة . التي باتت رهينة الدول المانحة
- سوق العمل . الذي يعيش على ثلاثة منابع ( الوظيفة الحكومية التي صارت تشبه البطالة المقنعة من دون سيادة على الموارد ولا على الحدود ولا على ثروات البر والبحر ولا على الصادرات والواردات ) ، زائد القطاع الخاص المعفي من المنافسة والذي بنى شرنقة خاصة به لحماية نفسه من السلطة ومن السوق الإسرائيلي . وأخيرا الشغيلة في الورشات الإسرائيلية وفي بناء المستوطنات .
- الانقسام . وجميع التغييرات لن تخفف الانقسام ولن تنهيه ولن تقدر على رأب الجرح الغائر بين رام الله وغزة .
- رد العدوان الإسرائيلي . جميع التغييرات لا تطال جانب وقف العدوان لا سياسيا ولا دبلوماسيا ولا عسكريا ولا شعبيا .
- توحيد الخطاب الإعلامي ورفع معنويات الشعب . ومما رأيته حتى الان فان الإعلان عن هذه التغييرات قد فاقمت ازمة الخطاب الإعلامي الفلسطيني وجعلته أكثر تشظيا وبؤسا .
- فتح باب الامل في وجه الأجيال المتدافعة . وهذا مستحيل من دون فتح باب التوظيف على أساس الكفاءة وليس على أساس الانتماء السياسي .

وفي الختام فان الملفات العالقة مثل اضراب المعلمين وحقوقهم ، واضرابات باقي القطاعات ، وباقي الازمات العالقة وهي كثيرة ومتراكمة . لا تتأثر بالتغييرات القائمة .
قرأت ما كتبه الأستاذ الكبير نبيل عمرو حول مؤتمر فتح المزمع القادم ، وقد كان بليغا ومباشرا وواضحا . ومن يعتقد ان المؤتمر القادم سوف يحل مشكلته فهذه مشكلته . المؤتمر القادم لن يحل مشكلة المواطن ولا مشكلة لرئيس ، بل سوف ينقلها من تحت الطاولة الى فوق الطاولة فحسب .