نشرت صحيفة يديعوت مقالا ليوسي يهوشع يجدر فيه أن نبدأ بهذه القصة من النهاية، مع الحقيقة المركزية التي سيستخلص منها كل قارىء استنتاجاته – ليس لجهاز الامن أي معلومة عن نفق يجتاز الجدار من قطاع غزة نحو بلدات غلاف غزة، ولكن هذا لا يعني انه غير موجود لأن الصورة الاستخبارية ليست جيدة بما يكفي، وبالتالي فان فرضية العمل متشددة ويتم التصرف وكأن النفق محفور منذ الآن ووصل الأراضي الإسرائيلية.
التقدير في الجيش الاسرائيلي هو أنه في قسم من دروس حملة "الجرف الصامد" تفضل "حماس" هذه المرة حفر نفق نوعي واحد طويل يجتاز الحدود الى الاراضي الاسرائيلية بدلاً من حفر أنفاق تعمل عليها بالتوازي، ويستغرق العمل فيها زمنا أطول.
يوظف الجيش والمخابرات الاسرائيلية افضل الوسائل في مجالات الاستخبارات والهندسة، ولكن رغم التحسن في القدرات لا تزال النتيجة على الارض غير جيدة بما يكفي. فقد أنزل الجيش الاسرائيلي الى فرقة غزة مئة آلية هندسية خاصة، منها 300 حفارة تحفر عميقاً على اساس المعلومات المتجمعة في الميدان.
غير أنه في هذه الاثناء لا توجد نتائج. في كل الاحوال "حماس" غير موجودة في النقطة التي كانت فيها عشية حملة "الجرف الصامد"، حيث عملت قبلها على مشروع الأنفاق قرابة أربع سنوات، ووصلت الى 33 نفقاً انكشفت في وقت متأخر في العملية البرية.
نحن لسنا هناك، ولكن بالمقابل لسنا ايضا في الوضع المثالي. يبلغ سكان في منطقة غلاف غزة بانهم يسمعون ضجيجا، بعضه أيضا من أماكن بعيدة نحو 4 كم فأكثر عن الحدود، حيث إن احتمالات أن يكون الحديث يدور عن حفر نفق هزيلة. وبشكل طبيعي فانه مع تزايد المنشورات في الموضوع، يتزايد أيضا الضجيج في الخلفية. ويقفز الجيش الاسرائيلي الى كل نقطة ويتعاطى بكل جدية مع كل اخطار. ولكن حاليا بلا نتائج.
الانفاق الاربعة التي كانت توجد في أراضي اسرائيل قبل "الجرف الصامد" عثر عليها بفضل يقظة السكان في غلاف غزة وبرعاية أمطار الشتاء التي كشفت الفوهات. من فحص الشكاوى عن الضجيج الذي بلغ به السكان بدءاً من عشية "الجرف الصامد" وحتى اليوم لم يعثر على محاور الانفاق المحفورة. فقد عادت "حماس" للحفر من اللحظة الاولى التي انتهت فيها الحملة، في آب من العام الماضي، وانطلاقا من فهم عملياتي استراتيجي بان القسم التحت ارضي يحقق لها تفوقاً، وينقل المعركة الى الطرف الاخر بالضبط مثلما يخطط "حزب الله" في الشمال.
يشرف على مشروع الانفاق يحيى السنوار، من محرري صفقة شاليت، والذي أـصبح مؤخرا شخصية مسيطرة في الذراع العسكرية لـ "حماس" إلى جانب محمد الضيف.
وكجزء من الفهم بان هذا ذخر، فان المنظمة تستثمر فيه معظم الوسائل – أكثر من ألف شخص يقومون بالحفر يومياً، يتقدمون بوتيرة سريعة نسبيا تصل خمسين متراً في الاسبوع.
وتجري الحفريات على عمق 25 مترا، بعرض متر ونصف وبارتفاع مترين. ومن نفق الى نفق تجدهم يتطورون، يتعلمون صنعة الحفر، ويحاولون تحسين أدائهم.
قتل ما لا يقل عن 11 نشيطا من "حماس" في انهيار خمسة انفاق في القطاع منذ حملة "الجرف الصامد"، وحوادث العمل توضح فقط المحاولات التي لا تتوقف للحظة لاجتياز الحدود الى اراضي اسرائيل. وقد سئل منسق الاعمال في "المناطق"، يوآف فولي مردخاي، عن ذلك، الاسبوع الماضي، في مقابلة مع وكالة "معا".
وردا على سؤال اذا كانت اسرائيل على علاقة بحوادث عمل العمال الفلسطينيين اجاب مردخاي: "الله يعلم" وترك الموضوع غامضاً. وتناول رئيس الاركان، جادي آيزنكوت، أول من أمس، المسألة وتحدث عن نشاط سري يجري في محاولة لاحباط الانفاق. وعلى الطريق انتقد أيضا الاحاديث العلنية حول عملية مبادر اليها في الموضوع. ففي هذه اللحظة لا توجد العملية على جدول الاعمال وبالاساس يستخدمها السياسيون للبروز في العناوين الرئيسة.
وبينما كان ضغط الوزير نفتالي بينيت للخروج الى حملة هجومية صحيحا في الماضي، الا انه، هذه المرة، مخطئ مرتين. خطأه الاساسي هو تأييده لحملة ليست اضطرارية الان في غزة وفي "يهودا" و"السامرة" في ضوء انعدام المعلومات الاستخبارية، ومطالبته بتنفيذ "السور الواقي- 2" فيما الجيش الاسرائيلي يقوم بقص العشب كل ليلة منذ 2002. عملياً، يواصل الجيش الاسرائيلي نمط العمل ذاته ولكنه لا يجد حالياً حلاً عملياتياً للمشكلة.