أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على أن الاستثمار في روسيا أفضل وأكثر أمانًا، مشيرًا إلى ميزات الاستثمار في روسيا.
جاء ذلك، في كلمة ألقاها اليوم الثلاثاء، بالجلسة العامة لمنتدى الشرق الاقتصادي المنعقد في مدينة فلاديفوستوك الروسية، متطرقًا إلى المقومات الكبيرة التي تمتلكها منطقة الشرق الأقصى الروسية.
وأشار إلى أن الشرق الأقصى هو أولوية استراتيجية لروسيا خلال القرن الحادي والعشرين، مضيفًا أنه على خلفية عمليات الهدم التي يقوم بها الغرب تتطور علاقات اقتصادية بين دول في أقاليم مختلفة من العالم.
وبين أن هناك نموذج جديد غير قائم على "المليار الذهبي" في العالم.. نموذج التعددية القطبية، موضحًا أن التعاون التجاري والاقتصادي بين روسيا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ سيستمر في التطور. روسيا والشرق الأقصى منفتحة على العلاقات التجارية والاقتصادية.
وذكر أن 42% من المساحات التي تنتشر عليها الغابات والموارد الطبيعية والألماس والمعادن وغيرها موجودة داخل روسيا، مضيفًا أن حجم التجارة بين روسيا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ ارتفع بنسبة 13.7% على مدى العام الماضي، وبنسبة 18.3% خلال النصف الأول من العام الجاري.
وأوضح بوتين، أن هناك امتيازات على مستوى الجمارك والضرائب داخل روسيا لمساعدة أوساط الأعمال في الشرق الأقصى، متابعًا إن الكثير من الأقاليم الشرقية في روسيا تدخل ضمن أفضل المناطق الاقتصادية حول العالم، والنتائج والمؤشرات أوضح دليل على ذلك.
وأشار إلى ان استخراج الذهب في الشرق الأقصى زاد بـ1.6 مرة والفحم بـ2.8 مرة.. أي أن الإنتاج يتضاعف، مستكملًا بالقول: "تمكنا من دراسة واستخراج فقط 35% من الحقول ومناجم المعادن في الشرق الأقصى. كل ذلك يعطي ضمان لمخزون الدولة الاستراتيجي من المواد الخام".
وأفاد بأن ديناميكيات الاستثمار في الشرق الأقصى أسرع بـ 3 مرات من ديناميكيات الاستثمار في عموم روسيا، مضيفًا خصصنا 2.3 تريليون روبل (حوالي 24.4 مليار دولار) لمشاريع تطوير المناطق في الشرق الأقصى.
وقال: "نقوم بمد الغاز إلى المناطق الشرقية ونعمل على تأمين الطاقة النظيفة لهذه المناطق"، مبينًا أن مشروع "يامال-2" للغاز المسال يعتمد على تكنولوجيا روسية، وليس له مثيل في العالم. سيتضاعف إنتاج الغاز المسال في روسيا بفضله بنحو ثلاث مرات ما سيعزز القدرة الصناعية والإنتاجية لروسيا.
وذكر أنه سيتم بناء خط أنابيب خاص لتصدير غاز "يامال-2"، منوهًا إلى أن بعض الدول الغربية تستمر في الاستثمار في الشرق الأقصى الروسي رغم تعرضهم لبعض العقبات.
وتوقع بوتين أن يزاد إنتاج الغاز الطبيعي المسال في القطب الشمالي الروسي 3 أضعاف ليصل إلى مستوى 64 مليون طن سنويا بحلول عام 2030، مؤكدًا على أن الاستثمار في روسيا أفضل وأكثر أمانا.
وأضاف: "لا بد من إيجاد مسارات تحليق جديدة، لا سيما داخل إقليم الشرق الأقصى. لا بد من بناء المطارات وتحديث المطارات القديمة، وإيجاد مسارات للطائرات سواء للرحلات التجارية ورحلات النقل"، مضيفًا: "تم البدء في بناء ممر النقل الموحد من بطرسبورغ إلى فلاديفوستوك، وقد وصل حاليا الممر إلى قازان".
وذكر أنه لا بد من حماية النباتات والحيوانات النادرة في الشرق الأقصى الروسي، متابعًا: "لقد واجه رجال الأعمال مشكلة الاستيلاء على مواردهم. من يقومون بذلك لا يفهمون التداعيات السلبية ولا يدركون أن هذا هو السبب في انخفاض التعامل بالدولار، والتحول إلى التسوية بعملات أخرى، والتساؤل حول ما إذا كان هناك منطق في الاستثمار في السندات الأمريكية".
وأشار إلى أن تجميد الموارد الروسية، لم يكن مشكلة بحد ذاتها، فقد تمكنا من صنع ضعف ما قاموا بتجميده. وإنما المشكلة في حدوث شرخ في الثقة، مستكملًا: "نرى كيف عادت سلاسل الإنتاج للعمل بطبيعية، وعودة العملة الوطنية للارتفاع. يجب علينا أن نتفق مع أوساط الأعمال أن العمل داخل روسيا أكثر أمانا، حتى لا نقع في نفس الحفرة مرتين".
وأفاد بأن انخفاض الروبل مرتبط بعوامل مختلفة، من بينها أن سلاسل الإنتاج بالنسبة للاستيراد لم تكن منتظمة، أما الآن فقد ارتفعت وتيرة الاستيراد، وتزايدت الحاجة إلى العملة الصعبة، مبينًا أن البنك المركزي اتخذ إجراءات فعالة وفي الوقت المناسب فيما يتعلق بضبط الأسواق والسيطرة على التضخم.
وذكر أن البنك المركزي اتخذ إجراءات فعالة وفي الوقت المناسب فيما يتعلق بضبط الأسواق والسيطرة على التضخم، مشيرًا إلى أن الحكومة لا ترى ضرورة في رفع الضرائب.
وتابع: "لقد جنت روسيا بالفعل ضعف ما تم تجميده من احتياطياتها من الذهب والعملات الأجنبية"، مؤكدًا على أنه لن يكون هناك أي تأميم أو أي إلغاء للخصخصة في روسيا، ويجب ألا يخاف رجال الأعمال من أي إجراءات من جانب الدولة، ولكن يجب عليهم الالتزام بقوانين الدولة.
وعلى صعيد آخر، قال بوتين: " إيلون ماسك شخص كفؤ وموهوب ورجل أعمال ناجح والجميع يعترف بذلك. نحاول بنجاح اجتذاب مستثمري القطاع الخاص للعمل في مجال الفضاء"، مضيفًا: "بمتوسط العمر المتوقع للمواطن الروسي في العام الحالي بلغ 73 عاما، وكان 71 عاما في 2021".
وفيما يتعلق بالترشح للانتخابات الرئاسية 2024، أشار إلى أن القرار سيكون بعد أن يطرح البرلمان الروسي إمكانية المرشحين للترشح نهاية هذا العام، حينها يكون الحديث.
وأشار إلى أن انتخابات الولايات المتحدة لن تؤثر على اتجاه العلاقات بين البلدين، مضيفًا أن محاكمة الرئيس ترامب توضح مدى وحشية النظام الديمقراطي الأمريكي، وتعري ما يدعون أنه الديمقراطية. إنها محاكمة سياسية لمنافس سياسي.
وحول العلاقات مع الغرب، أفاد بوتين بأنها مرتبطة برغباتهم الجيوسياسية . محاولة وصفنا بـ "إمبراطورية الشر"، وحينما أصبحت روسيا قوية ومنافسة، بدأت سياسة احتواء وردع روسيا تماما كما يحدث مع الصين. يفعلون ما يستطيعون لوقف تقدم الصين، ولكنهم لن ينجحوا. والأمر يتعلق كذلك بالهند وإندونيسيا وغيرها. لقد ظهرت هذه المراكز الاقتصادية ولن يتمكن أحد من إيقافها، وتلك المحاولات ستضر الغرب نفسه.
وأضاف: "تحدثت مع الرئيس الصيني شي جين بينغ أربع ساعات في عدد كبير من القضايا والتفاصيل. قد نصل إلى تبادل تجاري هذا العام 200 مليار دولار. اتفقنا على عدد من المواقف، ونعمل لصالح بعضنا البعض"، متابعًا: "الأهم في علاقتنا مع الصين أننا لا نخلق أي تكتل عسكري، ولا نتحالف ضد دول ثالثة وسوف نستمر في هذا المسار".
وأشار إلى أن الصين دولة مستقلة وتنطلق من مصالحها الخاصة شأنها في ذلك شأن روسيا. نستمع إلى بعضنا البعض، ويفتح الشركاء الصينيون بعض الأسواق لنا، من بينها سوق الفحم، على الرغم من تطور صناعة الفحم لديهم.
وذكر أن بلاده سنشترك مع الصينيين في صناعة المروحيات ثقيلة الحمولة، وإذا ارادت الولايات المتحدة الأمريكية أن تتفاوض أوكرانيا فليأمروا زيلينسكي بتغيير القوانين الأوكرانية التي تمنع أي أحد من التفاوض.
وبين أنه لا توجد أي نتائج للهجوم الأوكراني المضاد، فقدت أوكرانيا فيه 71.5 ألف عسكري، مشيرًا إلى أن أوكرانيا أعلنت من قبل رفضها للحوار، إذا أرادت الحوار الآن فلتعلن ذلك.
وتساءل: "كيف لنا أن نوقف إطلاق النار في الوقت الذي يقوم فيه العدو بهجوم مضاد"، مضيفًا: "لا بد من تغيير القانون الذي يمنع التفاوض أولا، وإعلان الرغبة في التفاوض ثانيا".
وذكر أن إدارة البيت الأبيض أعلنت من قبل أن استخدام القنابل العنقودية تعد جريمة حرب. الآن يوفرون هذه القنابل لأوكرانيا، منوهًا إلى أن الولايات المتحدة تفعل كل شيء من أجل مصالحها دون أي اعتبارات أخرى. يوفرون القنابل العنقودية وذخائر اليورانيوم المنضب ويضربون بعرض الحائط كل المبادئ.
وأشار إلى أن كل هذه الذخائر والأسلحة لم تغير ولن يغير توفير مقاتلات "إف-16" أي نتائج للعملية العسكرية، مؤكدًا على أن القيادة الأوكرانية لا تهتم بمصير شعبها.
وبين أنه بعد وقوع عدد من المخربين الأوكرانيين في الأسر اعترفوا بالتدريب على يد البريطانيين من الأجهزة الخاصة لتخريب خطوط الإمداد الكهربائية الخاصة بالمحطة النووية، متسائلًا: "هل تعرف القيادة البريطانية بتدريب عسكريين أوكرانيين على تخريب المحطة النووية؟ أم لا يعرفون عن ذلك شيئا؟ هل يقومون بذلك باستفزاز متعمد لنا؟".
وأفاد بأنه عرض خطة للتسوية في أرمينيا على مدار 10 سنوات، أقنعنا الشركاء الأرمن أنهم سيحاربون. القيادة الأرمينية الآن اعترفت بسيطرة أذربيجان على قره باغ. وكان عرضنا على أصدقائنا في أرمينيا منطقتين من أصل 7 مناطق قره باغ. إذا كانت أرمينيا تعترف بأن قره باغ جزءا من أذربيجان، ماذا علينا أن نفعل. الآن أذربيجان تريد التفاوض معنا على أساس ثنائي.
وشدد على أنه لا توجد أي مشكلات مع أرمينيا، وأنا على اتصال مع رئيس الوزراء نيكول باشينيان. إلا أن أرمينيا نفسها اعترفت بسلطة أذربيجان على قره باغ، والتحق بالجيش الروسي خلال الـ 6-7 أشهر الماضية 270 ألف متطوع، بمعدل 1000-1500 شخص يأتون لكتابة عقود مع القوات المسلحة الروسية، وأن رجال قواتنا المسلحة يعرفون أنهم يدافعون عن أهلهم وشعبهم.
يشار إلى أن منتدى الشرق الاقتصادي ينعقد في الفترة من 10 إلى 13 سبتمبر 2023 في فلاديفوستوك، في حرم جامعة الشرق الأقصى الفيدرالية.
ويعد الحدث منصة لجذب الاستثمارات إلى منطقة الشرق الأقصى الروسي، ومنصة يبحث فيها المشاركون التحديات التي تواجه الاقتصاد في روسيا وفي العالم ككل.