من المتوقع أن يسأل الرئيس الأميركي، جو بايدن، رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، خلال لقائهما، هذا الأسبوع، في نيويورك عن المدى الذي يمكنه أن يذهب إليه في مقابل اتفاق أميركي - سعودي - إسرائيلي، وعما إذا كان بإمكان حكومته اتخاذ الخطوات المطلوبة فيما يتعلق بالفلسطينيين. هذا ما قالته مصادر لـ"هآرتس" في الولايات المتحدة وإسرائيل مطلعة على الاتصالات قبيل الاجتماع. ووفقاً لهذه المصادر، يزداد القلق في الإدارة الأميركية من أن يؤدي الواقع السياسي في إسرائيل إلى إلحاق الضرر بالمسعى الدبلوماسي إزاء السعودية بسبب المواقف المتطرفة لوزراء كبار في الحكومة من القضية الفلسطينية.
في مكتب رئيس الحكومة، تأملوا أن يجري الاجتماع في البيت الأبيض، وأصروا على ذلك في المقابلات مع وسائل الإعلام، لكن إدارة بايدن قررت إجراء الاجتماع في نيويورك. ومن أجل المقارنة، سيستقبل بايدن في البيت الأبيض بعد هذا الاجتماع بيوم واحد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلنسكي.
وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، جاك سوليفان، في نهاية الأسبوع: إن أحد الموضوعات التي ستُطرح في الاجتماع بين بايدن ونتنياهو هو "القيم الديمقراطية المشتركة بين الدولتين". وسيجتمع الاثنان، غداً، على هامش الجمعية العمومية للأمم المتحدة وبعد يوم على خطاب الرئيس الأميركي أمام الجمعية، وقبل يومَين من خطاب نتنياهو. وسيكون أول اجتماع يُعقد بين الزعيمين منذ عودة نتنياهو إلى الحكم في السنة الماضية، وهو يأتي متأخراً جداً عن الاجتماعات السابقة لرؤساء أميركيين مع رؤساء حكومة إسرائيليين بعد تشكيل حكومة جديدة في إسرائيل. وبينما دُعي رئيس الحكومة السابق، نفتالي بينيت، إلى البيت الأبيض بعد شهرين فقط من توليه منصبه، يصل نتنياهو إلى الاجتماع بعد 10 أشهر من تشكيله حكومته.
اهتمت الإدارة الأميركية في الأشهر الأخيرة بالدفع قدُماً بالاتصالات مع الرياض والقدس، وهي تطمح إلى بلورة اتفاق تاريخي بين الدولتين قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في العام المقبل. نتنياهو أيضاً معني بحدوث اختراق إزاء السعودية من أجل ترميم مكانة حكومته في نظر الرأي العام في إسرائيل والعالم. لكن يصر كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية على أنه من دون تقديم إنجازات ملموسة للفلسطينيين لا يمكن التوصل إلى اتفاق، وهذا هو أيضاً موقف الزعامة السعودية. وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قال الأسبوع الماضي: إن السعودية أرسلت رسالة واضحة بهذا المعنى إلى الولايات المتحدة، ولا يمكن أن يأتي اتفاق التطبيع على حساب الفلسطينيين. في المقابل، فإن نتنياهو ووزراء في حكومته مصرون منذ أشهر على أن السعوديين سيكتفون بكلام عام من الجانب الإسرائيلي، ولن يطالبوا ببادرات حقيقية على الأرض.
تشعر الإدارة الأميركية بالقلق إزاء تصريحات وزراء كبار في حكومة نتنياهو تدل على عدم استعدادهم للقيام بأي خطوات تصب في مصلحة الفلسطينيين. إن وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، الذي يشغل أيضاً منصب وزير بوزارة الدفاع، وهو المسؤول عن عمل وحدة منسق أنشطة الحكومة في "المناطق" وعن الإدارة المدنية، قال عدة مرات، الشهر الماضي: إنه لن تكون هناك أي "تنازلات"، ويقصد لمصلحة الفلسطينيين، وإن الموضوع الفلسطيني لا علاقة له البتة بالاتصالات مع السعودية. في الأسبوع الماضي، انتقد سموتريتش ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، نتنياهو بشدة بعد موافقة إسرائيل على تزويد السلطة بعشرة مركبات مدرعة من أجل محاربة المنظمات "الإرهابية" في الضفة الغربية.
وكانت إدارة بايدن قد بحثت، مؤخراً، إمكان قيام ائتلاف حكومي بديل في إسرائيل، وطُرح الموضوع بين أمور أُخرى في الاجتماع الذي جرى بين مستشاري الرئيس ورئيس المعارضة، يائير لابيد، قبل أسبوعين، ولقد أجابهم الأخير بأنه ليس مستعداً للانضمام إلى ائتلاف يترأسه نتنياهو في أي وضع كان، وفي تقديره فإن رئيس المعسكر الرسمي، بيني غانتس، سيقف هذا الموقف أيضاً في ضوء تجربته الماضية مع نتنياهو.
في الأشهر الأخيرة، انتقد بايدن في عدد من المناسبات بصورة غير مسبوقة خطوات حكومة نتنياهو، خصوصاً التشريعات التي دفعت بها الحكومة ضد المنظومة القضائية في إسرائيل، كما وصف حكومةَ نتنياهو بأكثر الحكومات التي شهدتها السياسة الأميركية في العقود الأخيرة تطرُّفاً. وعلى الرغم من هذه الانتقادات، فقد تحدث بايدن قبل شهرين مع نتنياهو هاتفياً، واتفق الاثنان على الاجتماع في الولايات المتحدة قبل نهاية 2023.
بالإضافة إلى الاجتماع ببايدن، من المتوقع أن يلتقي نتنياهو خلال وجوده في نيويورك أيضاً الرئيس الأوكراني زيلنسكي، وسيكون هذا هو أول لقاء بين الزعيمين منذ بدء الحرب في أوكرانيا في السنة الماضية. كما سيلتقي نتنياهو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والمستشار الألماني أولاف شولتس، ورئيس كوريا الجنوبية. وقبل وصوله إلى نيويورك، يصل نتنياهو إلى الشاطئ الغربي للولايات المتحدة، حيث سيجتمع برجل الأعمال إيلون ماسك صاحب شركة تسلا والمنصة الاجتماعية "إكس". ومن المنتظر أن يثير هذا الاجتماع انتقادات الجالية اليهودية في الولايات المتحدة بسبب المواجهة العلنية الدائرة منذ أسابيع بين ماسك ورابطة محاربة التشهير، وهي المنظمة اليهودية الرائدة في محاربة العداء للسامية، والتي تتهم ماسك بنشر نصوص معادية للسامية على شبكة التواصل الاجتماعي "إكس" منذ شرائه لها في العام الماضي. ولقد ردّ ماسك على ذلك متهماً الرابطة بالإضرار بأرباح الشبكة، وشارك محتوى نصوص تعود إلى أشخاص يمينيين متطرفين يهاجمون الرابطة.
كما من المنتظر أن يواجه نتنياهو خلال تواجده في نيويورك احتجاجات إسرائيليين مقيمين بالولايات المتحدة ويهود أميركيين، وذلك معارضة لقوانين الانقلاب الدستوري في إسرائيل. وستنظَّم تظاهرات ضد نتنياهو في سان فرانسيسكو خلال لقائه مع ماسك، ولاحقاً في نيويورك طوال فترة تواجده في المدينة.

عن "هآرتس"