بعد تأخر قطر في صرف المنحة الشهرية لصالح قطاع غزة كشفت مصادر اسرائيلية مطلعة النقاب عن صرفها خلال عطلة عيد راس السنة العبرية في ظل توتر في العلاقة ما بين قطر وحماس دفع الاخيرة لاشعال جبهة القطاع وعودة المظاهرات قرب السياج الحدودي ..
وتقدم قطر منذ خمسة اعوام منحة مالية يتم تجديدها سنويا ببيان صادر عن الديوان الاميري القطري ومن ثم يتم تحويلها الى اللجنة القطرية المقيمة في قطاع غزة وتقسم لثلاثة اجزاء : الاول للعائلات المتعففة والفقيرة ويبلغ عددها ١٠٠ الف عائلة والثاني لصالح محطة الكهرباء والثالث مساهمة في دفع رواتب موظفي الحكومة بالقطاع وتبلغ قيمة كل جزء حوالي ١٠ ملايين دولار ؟
ما استجد على ارض الواقع وماذا تغير وادى الى تأخير صرف المنحة خصوصا للموظفين الذين اصبحوا يعانون من أوضاع صعبة وخانقة وتحولت حياتهم الى قاسية وصعبة الامر الذي اثر على ميزانيات عدد من الوزارات التابعة لحكومة حماس …
يؤكد سلامة معروف رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في حماس أن المنحة المالية القطرية تأثرت فعليا من حيث قيمتها المالية، ففي بعض الأحيان صُرفت ووصلت لعشرة ملايين دولار، ثم تراجعت حتى وصلت لثلاثة ملايين دولار في الجزء المخصص للموظفين، كما أن هناك حالة من عدم انتظام الدفع في الشهور الأخيرة حيث لم يتم دفعها خلال الشهور الثلاثة الماضية إلا لمرة واحدة وبقيمة 3 ملايين دولار وهذا بالتأكيد يفاقم العجز المالي للحكومة.
وعن أسباب العجز المالي الكبير في حكومة حماس قال إنه علاوة على تقليص قطر المنحة المالية فإن العجز يعود أساسا للفجوة بين النفقات المترتبة على المؤسسة الحكومية عبر وزارة المالية، ومحدودية الإيرادات وانخفاضها في بعض الأحيان ما راكم عجزا ماليا بلغ ذروته الشهر الماضي.
وعن السبب الحقيقي وارء تقليص قطر منحتها المالية لحركة حماس وعدم انتظام عملية الدفع - قال مصدر مقرب من الحركة إنه جاء بسبب ما قامت به الحركة من خطوات فعلية للتقارب مع الحكومة السورية بعد قطيعة استمرت بينهما لأكثر من عشر سنوات، حيث إن موقف قطر من الحكومة السورية واضح.
فقد عارضت قطر مؤخرا عودة سوريا إلى الحضن العربي عبر جامعة الدول العربية، وقالت إن الأسباب وراء مقاطعتها لها لم يتم تجاوزها بعد.
يبدو أن السبب هو وجود ضغط إسرائيلي كبير، واشتراطات إسرائيلية جديدة، حيث أن المال المسيس يخضع دائما للشروط والابتزاز .
امام هذه الوقائع التي لم يكشف النقاب عنها رسميا اطلت قناة تلفزيونية اسرائيلية صباح الثلاثاء ١٩ ايلول وقالت ان المنحة القطرية دخلت الى قطاع غزة وان حماس لم تعلن عن دخولها وذلك بسبب الخلاف مع قطر بحجة ان حماس غير راضية عن مرور اموال المنحة عبر اسرائيل ورغم موافقة حماس على شراء قطر للوقود من مصر وبيعه في قطاع غزة فان ارتفاع اسعار الوقود واسعار المواصلات فرض عملية تقليص في المنحة التي وصلت في جزئها المخصص لرواتب الموظفين اقل من المبلغ المطلوب فطلبت حماس من القطريين توفير مبلغ المنحة كاملا الا ان الرد القطري جاء بالرفض ..
مهما كانت الاسباب ودوافعها الا ان مظاهرات غزة على السياج هذا الاسبوع تثبت بما لا يدع مجالا للشك ان هناك ازمة وقد تتطور الى مواجهة عسكرية محدودة بهدف فرض معادلة الهدوء والامان والاستقرار في غزة بشرط استمرار تدفق المنحة المالية وان اي تأخر او اعاقة لها من ابتزازات اسرائيلية مترافقة باشتراطات جديدة قد تقلب الوقائع في الميدان وتجر المنطقة الى مواجهة جديدة …
من الواضح ان مخطط اسرائيل بعد الانسحاب من قطاع غزة كان بهدف جعل المبادرة السياسية الاسرائيلية هي اللعبة الوحيدة وقطع الطريق امام اي مبادرات اخرى والانطلاق نحو مزيد من الخطوات في الضفة الامر الذي يخلق فتنة وانقساما بين الفلسطينيين ويؤثر سلبيا على القطاع الذي لا زال محاصرا ومعرضا للعدوان في اي لحظة كأكبر واطول سجن في التاريخ ..
واقع تكرره التجربة ويبقى قطاع غزة رهينا للكماشة الاسرائيلية التي يبدو انها السبب في التوتر الاخير كون اسرائيل مصدر القلق الدائم في منطقة الشرق الاوسط ومهما تعددت الاسباب للخلاف القطري مع حماس لا يجب اهمال الجزء المتعلق بتصرفات اسرائيل وسياساتها .