أضحت الأغنية الجزائرية تحتل مكانة كبيرة بالساحة الغنائية العربية والعالمية من خلال شباب لم يكن هدفهم تحقيق الشهرة ومعرفة الناس ، وإنما إيصال رسالة للعالم بأن الجزائر بلد للفن والثقافة والإبداع وأبنائها قادرين على خلق نوع من الغناء يبهر العالم ،فإن أعتبرنا سلطانة الطرب " فلة عبابسة " و العملاقة "وردة الجزائرية" سفيرتا الأغنية الجزائرية بالمشرق العربي فإن " الكينغ خالد" و" الشاب مامي "إضافة إلى المرحوم " شقرون حسني " وغيرهم من النجوم قد سافروا بالفن الجزائري إلى العالمية ونجحوا في ذلك من خلال أغنية الراي التي كان لهم الفضل في نشرها بقوة بفرنسا ثم أوربا لتصل بعدها إلى العالمية لتنال شهرة لامثيل لها في تاريخ الموسيقة الجزائرية والعربية .
وتشير دراسات قام بها باحثون في التراث الموسيقي الجزائري بأن أغنية ”الرأي”، هي في الأصل لغة عامية بدوية قريبة من العربية يتداولها أهل الجهة الغربية للجزائر، حيث ظهر هذا الطابع الموسيقي في بدايته، في قالب الشعر الملحون باللهجة العامية إبان الاحتلال الفرنسي للجزائر ، حيث كانت تعزف موسيقاها بآلات تقليدية على غرار الطبل والناي، وحاكت هذه القصائد مآسي الجزائريين الذين كانوا يرزحون تحت وطأة الاحتلال.
وبعد الاستقلال تنوعت المواضيع المعالجة بين إجتماعية وعاطفية،
أما الانطلاقة الفعلية لطابع الراي فقد كانت في الثمانينيات من القرن العشرين و على يد مغنيين أمثال الشيخة الرميتي” والشيخ ”بلمو” وفرقة “راينا راي”، الذين أدخلوا على “الراي” آلات موسيقية عصرية، منها ”الساكسوفون” و”السانتيتيزور”، ما جعلها تنفصل نهائيا عن الشعر الملحون، وتدخل عالم العصرنة.
ويعد الشاب خالد أول من أخرج أغنية " الراي " من حدود الجزائر إلى العالمية، مع بداية التسعينات من القرن الماضي، حين حملها إلى فرنسا التي التقى فيها بمنتجين نشروها في كامل أوروبا، ولا سيما أغنية “دي دي” وهي كلمة عامية جزائرية تعني “خُذ”،والتي أخذت شهرة عالمية كبيرة ، وحذا حذوه الشاب مامي المعروف بـ”أمير الراي”، ثم المرحوم حسني وبلال ورشيد طه إلى جانب فضيل ونصرو وطاريق والزهوانية وغيرهم.
وتبقى أغنية “الراي” أكثر الطبوع الموسيقية جدلا في الجزائر بالسنوات الأخيرة نظرا للإنتقادات التي باتت توجه لمؤدي هذا الطابع الموسيقي في الوقت الحالي الذين لم يسيروا في طريق النجوم المذكورين سابقا ، حيث أصبح الكثير منهم يتهم بإفساد الذوق العام بكلمات هابطة وأحيانا خادشة للحياء، بعدما أضحى هؤلاء يفضلون الغناء في النوادي الليلية، التي يعتبرونها مصدرا لجني الأموال الطائلة وكسب قلوب الجيل الجديد العاشق لهذا النوع من الغناء.
فالجيل القديم قد إبتعد عن الإستماع للراي مع إبتعاد بعض الأصوات ممن يعتبرون أهم الأصوات المؤدية لهذا الطابع، ولكن مع ذلك نجدهم يستمعون ﻷسماء أخرى جيدة تقدّم فنا محترما في طابع لا يختلف عن الذي كانوا يستمعون إليه سابقا وهنا نذكر الفنان " قدور رقيق " النجم الجديد للأغنية الوهرانية التي أصبحت أغانيه تتلقى الإشادة من الجمهور الجزائري وحتى أشقائنا بالوطن العربي ، نظرا لكلماته الرائعة التي تحترم عقول الكل وتنال رضا وإعجاب الصغير والكبير ، حيث أعاد الأغنية الوهرانية من جديد إلى الساحة الفنية بعد رحيل نجومها أمثال " أحمد وهبي و " أحمد صابر " والبقية ، مع إبتعاد العملاق " بلاوي الهواري " نظرا لتقدمه في السن ، هذا الأخير أشاد بالفنان الصاعد " قدور رقيق " معتبرا أياه مثال للشباب الجزائري الخلوق وجوهرة الفن الجزائري بالمستقبل القريب.