تصل الرحلة السياسية إلى الولايات المتحدة نهايتها مع هبوط رئيس الوزراء في إسرائيل، حوالى الساعة الثانية بعد الظهر.
كان نتنياهو ورجاله في سباق مع الزمن وقاموا بشقلبات في الهواء بكل معنى الكلمة كي تقلع الطائرة في أقرب وقت ممكن ليهبطوا في البلاد قبل إغلاق المطار يوم الغفران.
"سباق مع الزمن" و"شقلبات في الهواء" ستكون أيضاً اسم اللعبة في الركض نحو اتفاق التطبيع مع السعودية.
رغم التصريحات، ليس مؤكداً على الإطلاق أن اتفاقاً كهذا سيوقع. لكن إنجازاً واحداً مهماً سجل منذ الآن: مجرد الموافقة والاستعداد من جانب الرئيس بايدن وولي العهد ابن سلمان للعمل على الصفقة.
تلميح بذلك كان يمكن أن نجده خلال خطاب نتنياهو من على منصة الأمم المتحدة، حين جلست بين الجمهور، بتعليمات استثنائية، دبلوماسية سعودية.
من خلف الكواليس تجري اتصالات مباشرة بين إسرائيل والسعودية وليس فقط بوساطة أميركية.
والآن، ما أن يعبر الزعماء من مرحلة التصريحات إلى مرحلة الأعمال فإن بضعة عناصر مهمة تعطل الأمور لتحقيق الاتفاق المنشود، من بينها التنازلات للفلسطينيين، وحصول نتنياهو على تأييد شركائه في الائتلاف مثلما هو الحصول على أغلبية 67 شيخاً لصالح بايدن.
عنصر جوهري خاص هو النووي السعودي. فالسعوديون يصرون على قدرة التخصيب. إسرائيل والولايات المتحدة من جهتهما تتحفظان وتقترحان على السعودية النموذج الذهبي المتبع في الإمارات: توجد قدرة نووية مدنية، ولا يوجد تخصيب يورانيوم في أراضي الدولة، بل يتلقون المادة من الخارج. في هذا الموضوع، القدس وواشنطن منسقتان.
بتعابير أخرى، فان إسرائيل والولايات المتحدة مستعدتان لأن تحصل السعودية على مفاعل نووي لأغراض مدنية دون قدرة تخصيب ذاتية.
هكذا، في واقع الحال تعطى ضمانة ألا تحول السعودية نوويّها إلى عسكري.
سيوجب وضع كهذا تعديلاً للقانون الأميركي. وعلى أي حال ليس مؤكداً على الإطلاق إذا كان السعوديون سيوافقون على التنازل في هذا الموضوع.
ونذكر هنا أن ولي العهد، محمد بن سلمان، قال إنه إذا امتلكت إيران سلاحاً نووياً فإن دولته أيضاً لن تكتفي بالمدني، وبذلك المح إلى أنه سيصر على قدرة تخصيب ذاتية.
وبالإجمال، يمكن لنتنياهو أن يرتاح في كرسيه وأن يجمل زيارته بنجاح كافٍ.
فلقاؤه مع بايدن كان متوتراً لكنه جيد. ومع أنه أجري في نيويورك لكن هذا كان حديثاً لطيفاً. لم تكن توبيخات أو تذمرات غليان على الإصلاح القضائي، ولم ينتج الأميركيون أيضاً إحاطات سيئة ضد نتنياهو.
بالمقابل لم يتلقَ رئيس الوزراء حقاً ما أراده: لقاء في البيت الأبيض أو موعد محدد لمثل هذا اللقاء.
تلقى فقط وعداً عاماً بأن يدعى قبل نهاية السنة، ما يعني أن الأميركيين يريدون قبل ذلك أن يروا كيف تتقدم الأمور وأساساً حول الإصلاح القضائي قبل أن يقرروا موعداً رسمياً.
بقدر ما يوقف نتنياهو التشريع أو ينجح في الوصول إلى توافق واسع مع المعارضة – ستأتي الدعوة بسرعة أكبر.
وقد صاغ هذا ببساطة مسؤول في الحكومة إذ قال: "بين أيلون ماسك وبايدن – مات الإصلاح".
وادعى مسؤول آخر في محيط نتنياهو بأن الإصلاح سيذوي ببطء دون الإعلان عن موته. الشيكل والبورصة اللذان سيرتفعان سيكونان الدليل الأفضل.
من ناحية الأميركيين، لا يزال ثمة شك في نتنياهو. برز هذا في تقارير وسائل الإعلام المحلية وفي مقابلته مع الـ "سي.ان.ان" حيث لم تسمح المذيعة له بالالتفاف عليها.
كقاعدة، يمكن القول إن الاحتجاج رافق الزيارة على مداها. كان صاخباً وواسعاً.
رأينا أعداداً غير مسبوقة لاحتجاج إسرائيلي خلف البحر (أكثر من 3 آلاف متظاهر أمام الأمم المتحدة أثناء خطاب نتنياهو) ونحو 600 شخص في سان خوزيه في كاليفورنيا.
لكن بفضل الاستعداد الأميركي وإجراء اللقاءات في نطاق الأمم المتحدة المحصن – لا يذكر تشويش جوهري لجدول الأعمال المخطط له.
في إحدى الأمسيات، ألغى نتنياهو في اللحظة الأخيرة وليمة عشاء في مطعم تشبرياني الذي تحبه ساره، لأن نيتهما في الوصول إلى المكان تسربت إلى المتظاهرين فسبقوهما وانتظروهما هناك. لكن ينبغي الاعتراف باستقامة بأن الاحتجاج لا يبدو أنه أثر على الخطوات السياسية.
عن "يديعوت"
أين الأسد؟ تكهنات وتقديرات بعد رحلة "الطائرة المختفية"
08 ديسمبر 2024