هارتس : كيف سيتصرف نتنياهو إذا قرّرت المحكمة العليا فقدانه الأهلية؟

67C91C99-96EF-4B8D-BD16-6C80270CDCE5-e1582154228597.jpeg
حجم الخط

بقلم: آفي بار - إيلي

 



مع كل الاحترام للمعقولية والاستقواء وتعيين القضاة أو تجنيد الحريديين، إلا أنه منذ أداء رئيس الحكومة اليمين لتولي منصب رئيس الحكومة كانت تقلق نتنياهو مسألة واحدة وهي الإعلان المحتمل عن عدم أهليته. شكاك بطبيعته ومضطهد، لكن لديه مشاعر سياسية حادة، فقد اقتنع نتنياهو بأنه طالما أنه سيترأس حكومة يمينية أصولية فإن إخراجه من اللعبة مسألة وقت. هكذا وجه أبواقه من اليوم الأول، وأرسلها للتهديد باسم الـ 2.5 مليون ناخب.
على الأقل، اعتقد نتنياهو بأن مجرد الإمكانية النظرية لإبعاده بالقوة ستضعف مكانته في الائتلاف وفي "الليكود"، وتجعله يتعرق لحماية ظهره. في إسرائيل الزعيم الذي لا يمشي على أرض صلبة أيامه معدودة.
في الواقع قرار المحكمة العليا السماح لنتنياهو بتشكيل حكومة، رغم محاكمته الجارية، تم اتخاذه بأغلبية كبيرة، 11: صفر، لكن هذا القرار اتخذ بشرط أن يبقى نتنياهو خاضعا لاتفاق تضارب المصالح الذي سيقيده فيما يتعلق بالتعامل مع جهاز إنفاذ القانون.
طالما يوجد اشتراط، اعتقد نتنياهو، فإن وقته محدود، لا سيما بعد أن أعلن وزير العدل، ياريف لفين، الحرب على المحاكم.
كان رئيس الحكومة على قناعة بأن جهاز القضاء سيرد على هذه الحرب. وقد قدر بأن هذه الحرب سيكون فيها ضحايا. لذلك فإنه أدار سباقاً ضد الزمن من أجل تحصينه من إمكانية الإعلان عن عدم أهليته، بإجراء سريع عن طريق قانون أساس شخصي.
إجراء كانت خلاصته الحصانة ضد إنفاد القانون، حتى لو كان هناك تضارب مصالح. أي أنه في الوقت الذي تتم فيه محاكمته يمكنه التدخل في جهاز القضاء.
إذا كان الأمر هكذا فماذا سيكون على نتنياهو وعلى حكومته إذا قام قضاة المحكمة العليا بإلغاء هذا التعديل الشخصي؟ أو ماذا سيكون إذا قرر القضاة تأجيل إنفاذ القانون إلى دورة الكنيست القادمة؟


"أزعر، يأبى النضج، ولا يمكن احتماله محتمل"
في "الليكود" يعتقدون أن نتنياهو لا يمكنه التصرف في الوقت الذي فيه سيف كهذا مسلط على رقبته.
نظريا أو عمليا، هذا لا يهم. حتى لو كررت المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، نفيها الشديد بأنها فحصت في أي مرحلة إمكانية الإعلان عن عدم الأهلية، فإنهم في "الليكود" لا يصدقونها. بالتالي، يقدرون في الحزب الحاكم بأن نتنياهو يجب عليه التفكير مجددا بهذا المسار. أي ترتيب الأوراق السياسية بشكل مختلف كي يرسخ مكانته المعطوبة من جديد.
الخطوة المناسبة من ناحية "الليكود" هي التضحية بإيتمار بن غفير واستبداله؛ ليحل مكانه بيني غانتس. أي إخراج خمسة أعضاء من "قوة يهودية" من الائتلاف (خمسة لأنه حسب التقديرات فإن عضو الكنيست الموغ كوهين سينفصل عن بن غفير) وذلك لصالح حكومة وحدة جزئية مع المعسكر الرسمي.
عمليا، يبدو أن هذا السيناريو المتخيل سيتم تبنيه بحرارة، ليس فقط من قبل "الليكود"، بل أيضا من قبل كل الشركاء في الائتلاف، بما في ذلك حزب الصهيونية الدينية، الذي هاجم أعضاؤه، مؤخراً، إيتمار بن غفير، وفي الوقت ذاته بدؤوا في تمييز أنفسهم من خلال الانحراف نحو الوسط.
في مقابلة مع صحيفة "متساف هروح" سيدعو في الغد وزير الهجرة والاستيعاب، أوفير سوفر، لوقف التشريع القانوني. "رسوم التعليم لدينا مرتفعة جدا، وإذا كان القصد هنا وقف التشريع فيجب وقفه والتقدم بعد ذلك بالاتفاق"، قال سوفر. "يجب تمرير السنتين القادمتين بمناخ مختلف كليا وبناء الثقة وتهدئة المنظومة". "أزعر، شعبوي، لا توجد لديه أي مسؤولية وطنية. لا يوجد شيء يهمه عدا جنون العظمة"، غرد طوفيا سموتريتش، شقيق بتسلئيل سموتريتش، ضد إيتمار بن غفير. والشتائم غير الرسمية التي يوجهها شركاء وزير الأمن القومي في الائتلاف، لا تقل شدة عن ذلك.
"هو ببساطة يأبى النضج، هذا أصبح غير محتمل"، تذمر، الأسبوع الماضي أحد أعضاء "الليكود". كيف يسمح الجميع لأنفسهم بلدغ الشريك الأكبر بحرية؟.
إزاء الوضع البائس لـ "قوة يهودية" في الاستطلاعات فمن المشكوك فيه أن يستطيع بن غفير إسقاط حكومة يمينية، في الوقت الذي تتراكم فيه إخفاقاته في مجال الأمن الداخلي. وحتى لو هرب وقدم استقالته بإرادته من الحكومة (هذا سيناريو معقول)، إلا أنه ما زال مطلوبا منه تأييدها من الخارج، على الأقل إلى حين ترميم مكانته في الاستطلاعات.

الخبير الأمني لابيد، والإنساني غانتس
ماذا بخصوص العروس في مثل هذا العرس المتأخر؟ في السابق كشف في "ذي ماركر" عن ضغوط استخدمت على غانتس من قبل أوساط في الاحتجاج للانضمام لحكومة نتنياهو من اجل وقف الانقلاب.
كان هذا قبل أن يتم حملهم على أجنحة تعزز قوة الوسط والتعطر برائحة القيادة في الاستطلاعات. ورغم أن غانتس هاجم في هذا الأسبوع نتنياهو (يعمل على تعميق الانقسام في الشعب)، إلا أنه غير اللهجة، أول من أمس، وقام بإدانة "العنف ضد المصلين في اليوم المقدس"، ودعا إلى نقد ذاتي (في الطرفين). وطبقا لذلك خفف رجاله مواقفهم المتشددة: أجرى حيلي تروفر حواراً مع ميخائيل فلدايغر (الصهيونية الدينية)، وهاجم جدعون ساعر يائير لابيد (رد قبيح يشعل الحرب بين الإخوة). هذا ما يتم فعله إزاء تعزز "الليكود" في الاستطلاعات.
بدأ لابيد من ناحيته في تمييز نفسه عن غانتس، وهو الآن يقوم بإعداد مبرر لرفض حكومة الوحدة، حتى لو كان اتفاق التطبيع مع السعودية مشروطا بذلك. هذا كما يبدو هو سبب الموقف الذي اتخذه مؤخرا عندما اعلن أنه سيعارض اتفاقا سيمكن السعودية من تخصيب اليورانيوم (منذ متى يرتدي لابيد عباءة رجل الأمن؟). "سندعم من المعارضة طالما أن الاتفاق لا يشمل عنصرا نوويا، لكننا لن ننضم لحكومة نتنياهو"، قال لبيد.

الربع الأول والأخير؟
رغم تضارب المصالح المذكورة أعلاه إلا أن فرصة تشكيل حكومة وحدة ضعيفة. يقود هذا الاستنتاج إلى تحليل البديل الثاني المتاح لنتنياهو وهو حل الائتلاف وتبكير موعد الانتخابات.
حسب التقديرات فإنه قبل انتهاء الربع الأول من العام 2024 فإن عدداً من مصالح نتنياهو سيتجمع من اجل اختيار حل الرزمة: قبل لحظة من صعوده على منصة الشهود المقلقة في ملفات الآلاف، وهي الشهادة التي يريد تجنبها؛ وقبل اجتماع الحكومة بلحظة من أجل التقرير حول إطار ميزانية جديد؛ وبعد أن تتبين البيانات حول انخفاض المداخيل من الضرائب؛ وبالأساس على الفور بعد أن تتم بلورة مسودة اتفاق معينة مع السعودية.
يحاول نتنياهو التهرب حتى 2024 من لغم قانون التجنيد، وتعيين القضاة، والتوصل إلى إنجاز سياسي، وعندها طرق الحديد وهو ساخن، سواء بغرض التوصل إلى صفقة ادعاء أو من أجل الحصول على تفويض جديد.
لكن قبل أن يتم أخذ هذه السيناريوهات النظرية في الحسبان سينتظر الجميع كي يشعروا بالرياح التي ستهب اليوم من الـ 11 قاضيا في المحكمة العليا، من خلال الإدراك بأنه إذا امتنع القضاة عن التدخل في قانون عدم الأهلية فإن نتنياهو سيحصل على الدعم، الذي يمكن أن ينتهي بولاية كاملة لأربع سنوات. بالتالي، في غضون ذلك ستسير الأمور كالعادة.
في "الليكود" لا يفوتون أي فرصة جيدة لتحدي سلطة القانون، وإلقاء الرعب على القضاة وتكرار صفحة الرسائل: "القضاة سيناقشون هل سيلغون الديمقراطية الإسرائيلية، وسيقررون هل سيرمون في سلة القمامة أصوات الـ 2.5 مليون مواطن!"، رددت الطالبة المتميزة، وزيرة حماية الديمقراطية، عيديت سلمان، أول من أمس.
"آمل أن يستيقظ القضاة وأن لا يوصلونا إلى شفا الهاوية. لا تستطيع الكنيست الموافقة على ذلك!"، هكذا قام بدوره وزير الإعلام شلومو كرعي.

عن "هآرتس"