هارتس : المسيح الدجال !

يوسي-كلاين.jpg
حجم الخط

بقلم: يوسي كلاين

 

 



الاتفاق، الذي سيكون أو لا يكون مع السعودية، لا يهمني. أيضا الاتفاق الذي وقع في حينه مع حكومة الأبرتهايد في جنوب أفريقيا لم يثر الانفعال، أو عناق اللاساميين في هنغاريا ورومانيا الذين يكرهون اليهود ويحبون الإسرائيليين. ستؤثر الاتفاقات مع روتمان وسموتريتش على حياتي أكثر من الاتفاق مع السعودية.
ليرددوا في التلفاز كلمات مثل "تاريخي" و "دراماتيكي" إلى أن تزرق أوداجهم، لكن هذا لن يحول الاتفاق الخيالي إلى اكثر واقعية. الاتفاق الذي يتحدثون عنه سيتم توقيعه على كوكب آخر، في دولة أخرى وفي زمن آخر، في المكان الذي لا تتم فيه محاكمة رئيس الحكومة على تلقي الرشوة، ومئات الآلاف لا يتظاهرون ضده، ويوافق على قرار حكم القضاة.
الاتفاق الذي أعاد الحمرة إلى وجه كوشمارو جاء في الوقت غير المناسب، بالضبط عندما كشف جميع المشاركين أوراقهم. عندما شاهدنا يد القوميين المتطرفين، الذين يسمون "صهاينة متدينين"، أدركنا أنهم خدعونا، وأن جميع الأحاديث عن "اليهودية والديمقراطية" كانت خدعة كبيرة، نثر الرماد في العيون.
"اليهودية والديمقراطية" هدف خيالي. "يهودية" مرتبطة بـ "ديمقراطية" في فلسطين. لقد اعتقدوا أن هذا الربط سيجعلنا نهدأ. فقد كانوا على حق. وجدنا أنفسنا نحارب شيئا خياليا وهميا. ارادوا أن نتجاهل هدفهم، "دولة يهودية"، "دولة شريعة"، ليس ديمقراطية أو أي شيء آخر.
بالتحديد كان من المريح لنا التعايش مع اليهودية والديمقراطية، "افعلوا في ساحتكم ما يخطر ببالكم شريطة أن لا نعرف ذلك".
الآن عندما باتت الأوراق مكشوفة على الطاولة أدركنا أننا لسنا في اللعبة، حيث استولى الفاشيون على يهوديتنا وتبنوا مفاهيمنا من اجل التشويش والإظهار بأن "الكل هو الشيء ذاته" وأن "ديمقراطيتهم هي ديمقراطيتنا ذاتها". لم يرمش جفن لليهود النازيين وهم يطلقون علينا اسم "فاشيين" (الفوضويون" لم تساعد).
هناك فجوة كبيرة بيننا، بين اليهود العلمانيين والليبراليين وبين حفنة الفاشيين المتدينين.
لن نوافق على "القليل من الديمقراطية" وهم لن يوافقوا على "القليل من الشريعة".
انتهى عهد التنازلات. لم يعد هناك "هيا نلتقي في الوسط". تبين أن شعار "نحن اخوة" خدعة لحرف الانتباه عن الهدف الرئيس.
"دولة شريعة" هي عقيدة الصهاينة المتدينين. "ديمقراطية" ليست دين العلمانيين الليبراليين. الديمقراطية هي أداة لتحقيق طموحاتهم ومستقبل أولادهم بمساعدتها.
فقط بوساطة الديمقراطية يمكن للعلماني الليبرالي أن يحقق أمله في حياة مرضية اكثر. يتنازل الصهيوني المتدين عن تحقيق الذاتي لصالح الوطني. لا يهمه أن لا يكون لعائلته وأولاده أمن شخصي أو اقتصادي.
لن يوافق اليهودي العلماني الليبرالي على أن تحطم "اليهودية" أحلامه. ولن يسمح الفاشي المتدين لـ "الديمقراطية" بأن تحرمه من تحقيق حلمه القومي.
حلمه هو دولة يهودية من البحر حتى النهر.
قبل اربعة اشهر من الأحاديث عن السعودية رأى الفاشيون، الذين يرتدون القبعات، أنه اصبح لديهم بيت كامل في متناول اليد.
الـ 64 أسطورة لديهم زادت انفعالهم. برعايتها بدؤوا في التطاول على المحكمة وعلى الوضع الديني الراهن وعلى الصلاة في "يوم الغفران" في الفضاء العام. ونحن سألنا بدهشة: لحظة، هل نحن لم نوافق على الفصل غير الرسمي؟ نحن هنا وأنتم هناك؟ تل أبيب وبني براك؟ إسرائيل ويهودا؟ الفصل كان في خيالنا فقط.
فقط الآن أدركنا أن السيطرة والاحتلال ليست وسيلة بل غاية: ليست دولة ديمقراطية لليهود، بل "يهودية" مشوهة. دولة ينطبق عليها تعريف أومبارتو آكو للفاشية: عبادة التراث ورفض الحداثة، والنظر إلى عدم الاتفاق كخيانة. الفاشية اليهودية تضع الدولة فوق الفرد والزعيم فوقها.
الفاشيون المتدينون، الذين بحثوا في السابق عن مسيح يقف على رأسهم، في القرن السابع عشر، كان يوجد مثل هذا المسيح وكان اسمه يعقوب فرانك. كان شهوانيا وجشعا وكاذبا. وقد فرح أتباعه عندما لم يدفع ثمن خطاياه. لقد رأوا في ذلك الدليل على الحماية الإلهية المنشورة عليه. وتبعته مجموعة من الكهنة المزيفين الذين تملقوه واستغلوا جهل الجمهور الساذج والغبي، وأغروه بالاعتقاد أنه يتصرف باسمه ومن أجله. بيبي نتنياهو هو يعقوب فرانك العصر الحديث.

عن "هآرتس"