بعد سنوات من الرفض "المسيس"، أعلنت حركة حماس أنها على استعداد لفتح الطريق نحو عقد الانتخابات المحلية لبلديات قطاع غزة، في لقاء مع د.حنا ناصر ووفد لجنة الانتخابات المركزية بمشاركة الفصائل، بينها حركة فتح.
الإعلان الحمساوي حول فتح الباب الانتخابي للبلديات، قد لا يكون مفاجئا ابدا لأهل قطاع غزة، كونهم يعلمون حجم الأزمات التي يعشيها القطاع والفشل الكبير في معالجتها من قبل الحكومة الإخوانجية، وتراكم معدلات الغضب الشعبي، وما قد ينتج عنه من حالة انفجار تخرج عن كل "أدوات القمع والترهيب" السابقة، في مواجهتها للحراكات الشعبية، وآخرها *حراك بدنا نعيش*.
قبول الحكومة الحمساوية في قطاع غزة لإجراء الانتخابات، أحد المظاهر التي تكشف عمق ما تعيشه أزمة إدارة ومصير، ولذا ترى أن الهروب من "الانعزالية الشعبية" المفروضة دون ضجيج، رغم "جدارها الفصائلي" الذي استندت اليه طويلا، لتدرك أنه مثقوب ومعطوب، فكانت حيلتها الأخيرة.
وكي لا تستخدم "الشعاراتية" سبيلا لتكريس "التضليل السياسي"، مطلوب من حماس، حركة وحكومة، أن تعلن بوضوح شديد وعبر رسالة رسمية تسلم لرئيس لجنة الانتخابات المركزية، اعترافها بالقانون الأساسي، والحكومة المركزية دورا ومسؤولية، وبمحكمة قضايا الانتخابات، وبالتخلي عن مطلبها السابق المطالب بإعادة اختصاص البت في الطعون إلى محاكم البداية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
شرطية الرسالة الحمساوية المسبقة، هي ضرورة لا بد منها كي لا تقع الحكومة المركزية في مستنقع تشريع الانقسامية، التي قد تستغل تلك الانتخابات، أي كانت نتائجها بما فيها خسارتها المتوقعة جدا في كبرى المحافظات، للمضي قدما باسم "الديمقراطية" بتشكيل "النتوء الانفصالي" الخاص، وخاصة أن مشاريع التهويد والضم، وبروز ملامح "التقاسم الوظيفي"، بدأت طريقها في الضفة والقدس.
الحديث عن "انتخابات محلية مفاجئة" من حركة حماس، ليس كما تروج الفصائل التابعة، أو البعض المرتعش بأنها مخرج لأزمة حماس الإدارية والمعيشية فقط، بل هي مقدمة نحو الشروع في مساهمة سياسية لمشروع البديل الموازي لمشروع الوطنية الفلسطينية، واستكمال دور تدمير الكيانية الأولى بما يفتح الطريق لمظهر جديد من "الوصاية السياسية" على الشعب الفلسطيني، بمسميات عصرية.
تمسك الحكومة المركزية ورئيسها د.محمد اشتية بأن ترسل حماس رسالة رسمية باعترافها بالقانون الأساسي ولجنة الانتخابات المركزية، ضرورة لا بد منها، وخاصة أن الحركة ذاتها اشترطت إجراء الانتخابات في مارس 2022 بإلغاء محكمة الانتخابات واستبدالها بمحاكم البداية، وهو مطلب سياسي صريح، وبعدما فشلت في الحصول عليه رفضت إجراء الانتخابات في قطاع غزة.
وتذكيرا بأن أصل الانقسامية بدأت في يناير 2006، وليس مع انقلاب يونيو 2007 كما يعتقد البعض، عندما تنازل الرئيس محمود عباس عن شرطية التزام كل من يذهب للانتخابات باحترام القانون الأساسي "الدستور"، وتجاهل الخطاب الانقلابي لرئيس حكومة حماس إسماعيل هنية مارس 2006.
التمسك بالقانون الأساسي والاعتراف بالمركز كمرجعية، يفترض أيضا تشكيل لجان مراقبة الانتخابات من قبلهم وليس من الانفصالية، وتلك قواعد تحصينيه كي لا يصبح الندم السياسي المصحوب باستغفال سياسي فعل مستدام، ويتم هدم "الكيانية الوطنية" بقرار من الرسمية الفلسطينية، تحت غطاء "الديمقراطية الوهمية".
الحذر أن تتلاعب القوى الاستعمارية الغربية، أمريكا ودولة النفاق الأوروبي ومعها مكونات محلية فلسطينية بمسميات متعددة وطنيتهم تقف عند فاتورة الخدمة المالية، بمسألة "الاستخدام الديمقراطي"، كما سبق لها في انتخابات انتاج "النكبة الكبرى الثالثة".
حكومة د.اشتية أمام امتحان دقيق، بين العمل لفرض قيود قانونية لعرقلة الذهاب الى تكوين "النتوء الانفصالي" في قطاع غزة، أو منحه قاطرة العبور نحو بديل "التقاسم الوظيفي" وبلا عودة للكيانية الوطنية..ولا خيار ثالث أبدا!
ملاحظة: مشهد عمال بيت حانون "الهاربين" من جوع سيبقى "وثيقة عار" مسجلة باسم الحكومة الإخوانجية، التي صادرت كرامة أهل قطاع غزة لتبقى حكما قاهرا في "عزلة انفصالية" والعار يلحق بكل مكونات مسميات الغرف السوداء ولجنة التهويش الكراكوزية.
تنويه خاص: تحاول بعض الأطراف المصابة بجين الهزيمة والجبن العام ونفاق الارتباط المصالحي.. تصدير ثقافة الخوف كجزء من تصدير الاستسلام لتكريس واقع ما يجب أن يبقى يوما مضافا!