يتساءل العديد من الناس عن الصداقة وأهميتها له في الحياة، فالبعض يقولون إن الصداقة الحقيقية في طريقها إلى الزوال في وقت تنتشر فيه الماديات والضغوط الحياتية المختلفة، وآخرون يتساءلون عن كيفية إقامة صداقة مميزة وصادقة في زمن أصبح من الصعب العثور فيها على صديق مخلص.
فالصّداقة قيمة إنسانيّة كبيرة، وأخلاقيّة، ودينيّة عظيمة، وسامية المعاني، وبها تسمو الحياة وترتقي للعلياء، والصّديق هو من صدّقك بالقول والفعل، وهو عدوّ عدوّك. وهي علاقة وثيقة بين الأشخاص، وانسجام كامل في المشاعر والأحاسيس بنهما، وهي بالغة الأهميّة في استقرار الفرد وتطوّر المجتمع، ولأنّ الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان ليكون كائناً اجتماعيّا فاعل لا يقدر العيش بمفرده في الحياة، بل يتفاعل مع من حوله إيجابيّاً، ليشكّل المجتمع المتكامل، كما وأن الصّداقة السّيئة تنتهي بسرعة كأنها فقاعة ماء، وعلى عكسها تكون الصّداقة الجيّدة فهي تجعل الحياة جميلةً لأنّها تخدم الرّوح، والجسد، والعقل، فعلينا اكتساب الأصدقاء، والعمل على المحافظة عليهم، والمعروف أنّ افتقاد الصّداقات والعلاقات الطيبة مع النّاس والأصدقاء يولد الاكتئاب، والمرض، والتّوتر النفسيّ، والكثير من المشاكل الصحيّة والنفسيّة.
وهي الخلة وهي الصحبة الطيبة وهي الدليل على الخير وهي الأمانة والمصداقية، وهي الوفاء ، وهي النصيحة الصادقة، وهي الوقفة عند الشدائد، وهي عدم الخيانة، حيث قال صلى الله عليه وآله وسلم "خير الأصحاب من قل شقاقه وكثر وفاقة".
وهناك أنواع للصداقة الصادقة ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
- صحبة الوالدين وفيها قال الله تعالى "وصاحبهما في الدنيا معروفا " سورة لقمان.
- صحبة الجار كما قال الله تعالى "والصاحب بالجنب " سورة النساء.
- صحبة الأخ في الله فقال الله تعالي فيها "أو صديقكم " سورة النور.
- صحبة الزوجة فقال الله تعالى "يود المجرم لو يفتدى من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه " سورة المعارج.
- صحبة المكان كما صاحب سيدنا يوسف عليه السلام زميليه في السجن فقال لهما "يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار" سورة يوسف.
وللصحبة حقوق :
- فنصح الصديق لصديقه بإرشاده للحق والعمل الصالح يعتبر من أهم أهم واجبات الصديق، كما فعل سيدنا يوسف عليه السلام مع زميلي السجن حين أمرهما بعبادة الله تعالى والابتعاد عن ذلك.
- ونصح الزوجة أي الصاحبة وفى هذا قال الله تعالى "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن" سورة النساء.
كما وأنها تعدّ من أجمل الأشياء في هذا الوجود، فعندما تحصل على صديق حاول دائماً أن لا تخسره؛ لأنّ الصّداقة في أيّامنا هذه لا تعني الكثير عند البعض، وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" إنَّما مثلُ الجليسِ الصَّالحِ والجليسِ السُّوءِ، كحاملِ المِسكِ ونافخِ الكيرِ. فحاملُ المسكِ، إمَّا أن يحاذيك، وإمَّا أن تَبتاعَ منه، وإمَّا أن تجِدَ منه ريحًا طيِّبةً ونافخُ الكيرِ، إمَّا أن يحرِقَ ثيابَك، وإمَّا أن تجِدَ ريحًا خبيثةً "، رواه مسلم
ويجب أن يكون الصّديق مخلصاً في المودّة والنّصح للصديق في الخطأ والزّلة، وإرشاده إلى محاسن الشّيم، وانتشاله من رديء العادات، ومعرفة حقّ الصّداقة معه في حال كان معسراً أو فقيراً، كما في حال كان غينّاً وميسور الحال، ومساعدته ومعاونته على الخروج من أزمات الأمور، وشديد الأحوال، ومواساته وتعزيته في أشجانه وأحزانه، وذكر محاسنه ونشر فضائله، والعفو عن زلاته، وستر هفواته، والمحافظة على أسراره.
وقد اجمل الله تعالى لنا حقوق الصحبة في أمر واحد وهو الإحسان للصاحب وفى هذا قال الله تعالى "وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم" سورة النساء.