محاولة السيطرة الدينية – المسيحانية على الحيز العام في تل أبيب جرى صدها في يوم الغفران بفضل ثورة علمانية أوضحت بأن الجمهور الليبرالي لم يعد مستعداً للتنازل عن مبادئه. فالمتظاهرون الذين منعوا الصلوات في انفصال بين الرجال والنساء، فهموا أن جهداً تهكمياً منهاجياً يهيئ وقوف التفوق الديني على قوانين الدولة سنوات عديدة، من خلف لسان حلو يتحدث عن “الوحدة” و”تقريب القلوب”.
محظور الفصل بين هذه الهجمة التبشيرية والانقلاب النظامي، الذي ستعود حكومة نتنياهو لتدفع به قدماً مع عودة الكنيست إلى الأعمال بعد نحو أسبوعين. هذان وجهان للأمر ذاته: الرغبة في تصفية سلطة القانون، وسحق مبدأ المساواة.
يثبت احتجاج يوم الغفران بأن القواعد بدأت تتغير، وعلى رأسها الفهم بأن الحيز العام، الحر والمفتوح، لا يمكنه أن يسلم بمعتقدات وممارسات غير ليبرالية. مؤيدو الفصل بين الرجال والنساء لن يرتاحوا إلى أن يوسع إلى مجالات حياة عديدة أخرى: في الجيش والأكاديمية والمواصلات العامة والمحميات الطبيعية والعروض الفنية. فالمنطق الداخلي يستوجب ذلك.
ومثل الصراع ضد قوانين الانقلاب المختلفة، محظور أن تكون هنا حلول وسط: الفصل بين الرجال والنساء يمس بحقوق النساء وبمكانتهن. مثل استقلالية جهاز القضاء، فهذا أيضاً عنصر ضروري لوجود دولة ديمقراطية. أما تطبيع الفصل بين الرجال والنساء فهو محطة أخرى في المضي بالتفوق اليهودي. هذه المرة هو موجه ضد النساء؛ في حالات أخرى سيميز ضد العلمانيين، العرب والمثليين. التراتبية واضحة.
بخلاف الادعاءات، لم يكن احتجاج يوم الغفران ضد اليهودية، بل ضد محاولة سيطرة معادية على الحيز العام. إسرائيل زعيرا، مدير عام “رأس يهودي”، أخرج طريقة عمل معروفة من المناطق إلى حيز التنفيذ، هي: خرق القانون، ومحاولة إقامة بؤرة استيطانية والتباكي أمام رد فعل سليم.
في الأشهر التسعة الأخيرة انكشفت النقاط التي تربط بين المضي بالطغيان في نطاق إسرائيل وفي تثبيت أساسات الأبرتهايد في “المناطق” [الضفة الغربية]، وبين أنوية توراتية وفروع “حباد” ومنظمات التدين الأخرى، التي تعمل في الحيز العام وفي جهاز التعليم. بتأخير واضح، رسم الجمهور الليبرالي خط حدود جديداً، ووقف بجسده للدفاع عنه.
هآرتس