بسبب كثرة التقارير "الملغمة" التي تنشرها الصحف الامريكية والإسرائيلية تحديدا ولا أحد يرد عليها أو يدقق في صدقها. يتدحرج هذه الأيام بين الفلسطينيين والعرب ابرز سؤال: وماذا لو طبع الأمير محمد بن سلمان مع الاحتلال من دون حل القضية الفلسطينية؟ .
وهو سؤال تلقائي صحيح يجب ان يكون دائما على الطاولة. بل ان غيابه يعني ان القيادات أصيبت بالعمى السياسي، وتركت كل شيء للصدفة البحتة.
الجواب بسيط ومباشر بقدر ما هو السؤال مباشر: يكون الفلسطينيون في حل من أي التزام تجاه هذا الاتفاق الذي تخطّاهم وتجاهل حقوقهم ويصبح مثله مثل صك تطبيع السودان، ويتم التعامل معه باعتباره صك استسلام جديد وغير ملزم لأصحاب القضية، وباعتبار انه مؤامرة واعتداء على الشعب الفلسطيني كله. ومن دون أي غضب او احباط فلا يهم الفلسطينيون تصعيد أي خلاف مع السعودية مهما حصل؛ تماما مثلما نظر الفلسطينيون الى تطبيع البحرين والامارات. وانما وجب مواصلة محاربة إسرائيل وافشال مؤامراتها، ومواصلة النضال والكفاح ضد الاحتلال حتى يدرك الاحتلال انه لو طبّع مع كل حكومات الأرض فان هذا لن يفيده بشيء ولن يمنحه الامن على ارض فلسطين مهما طال الزمان.
السؤال الأهم من السؤال الأول: ماذا تستفيد إسرائيل من التطبيع مع السعودية من دون حل القضية الفلسطينية؟ وماذا يخسر الفلسطينيون؟
بحسب علمي لا يوجد حرب وقصف وغارات وصواريخ بين السعودية وإسرائيل ما يستلزم معاهدات سلام بين الطرفين!! ولو طبّعت مع السعودية من دون القضية الفلسطينية تكون إسرائيل قد حصلت على جائزة أغبى احتلال على وجه الأرض، وأضاعت فرصة تاريخية للحل السياسي لن تعود طالما هذه الأجيال على قيد الحياة. ولسوف يعيش الإسرائيليون المستوطنون على هذه الأرض أسوأ كوابيسهم في السنوات القادمة.
ماذا يخسر الفلسطينيون ؟
سوف يخسرون الوهم الذي عاشوا فيه منذ ربع قرن، وان الاحتلال الصهيوني ربما يلتزم باي اتفاقات سلام.
سوف يخسرون سلطة بلا سلطة حوّلت الشعب الفلسطيني الى جهة محتاجة للدعم من اجل ان تصرف على الخدمات بدل الاحتلال. ولا يحتاج أي مواطن فلسطيني أي دعم مالي سياسي مشروط لتبقى هذه السلطة مرهونة لأي أمر ممول.
سوف يخسر الفلسطينيون وهم المبادرة العربية، ووهم الأنظمة، ووهم الصداقات المبنية على الصمت المريب.
ولو شمل أي اتفاق سعودي إسرائيلي حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة والمنصوص عليها في قرارات الجماعة العربية ومنظمة الدول الإسلامية وقرارات الأمم المتحدة. تكون السعودية قد استفادت ما هو أثمن من المليارات واهم من المال والبترول، تكون قد انتصرت لقضية عادلة ترفع من شأنها عربيا وإقليميا ودوليا.
بكل حال. بات الجميع على قناعة راسخة ان فلسطين قضية أجيال، وأنها أم القضايا العادلة، وان أي قائد فلسطيني او عربي يستعجل حسم الصراع بأي ثمن فهذه مشكلته الشخصية والأجيال القادمة لن تلتزم به.
من حظ إسرائيل السيء انها تورطت مع شعب هو الأشد عنادا على وجه الأرض. وان هذا الشعب المظلوم سوف يحاربها ليل نهار وفي كل مكان وزمان حتى ترحل وينتهي مشروعها الاستعماري.
الشعب الفلسطيني لن يقع في الفخ ويضيع البوصلة. فهو يحترم ما قدّمته الدول العربية والشعوب العربية والأنظمة العربية لفلسطين. ولن يكون هناك معارك جانبية مع الأنظمة التي طبّعت مع الموساد من دون حقوق الشعب الفلسطيني. ولكن استراتيجيا سوف تدفع إسرائيل ثمن هذه اللعبة القذرة، بدليل ان اتفاقية فرساي الظالمة كانت هي السبب الأول في اندلاع الحرب العالمية الثانية.