"يديعوت" : تطبيع هادئ مع السعودية

thumb (2).jpg
حجم الخط

بقلم: سمدار بيري

 

 




توجد ثلاث صيغ، حين يعرض الموقف السعودي الرسمي، من فرص السلام مع إسرائيل. تصريح أول صدر على لسان الحاكم الفعلي، محمد بن سلمان، قال بوضوح في المقابلة مع شركة "فوكس" الأميركية: إنه يرى "التوافقات" (لم يذكر الكلمة الملزمة أكثر، الاتفاق) مع إسرائيل، "تقترب". لم يتعهد ولي العهد، لكن أقواله، التي حظيت بعشرات التحليلات السياسية في واشنطن والقدس وطهران، أعربت عن التفاؤل.
بعده، قال السفير السعودي في الأردن، نايف السديري، في خطاب تقديم أوراق اعتماده سفيراً (أول) لدى السلطة الفلسطينية وقنصلاً (من بعيد) في القدس الشرقية، لأبو مازن: "آمل في زيارتي التالية أن نتوجه معاً لزيارة المسجد الأقصى".
القول الثالث عرض في الصحيفة السعودية الرسمية "الرياض"، وبموجبه لا يوجد أي شيء ملح. صحيح أن المسيرة جارية لكن ستستغرق زمناً أطول من المتوقع لأن السعودية لا تسارع (اقتباس دقيق) لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. يمكن التخمين بأن المقال الافتتاحي الذي حمل عنوان "السلام المختلف" جاء بطلب من القصر الملكي لنقل رسالة قاطعة: يواصل بن سلمان دراسة الموضوع، ويحتمل أن تحدث تغييرات أيضاً. هكذا، حسب "الرياض"، ينبغي إيجاد مسار إضافي، يعد التربة نحو الاتفاق.
وها هو التنسيق: الشركاء الثلاثة في "التوافقات" – السعودية، الولايات المتحدة، وإسرائيل – أعربوا عن تفاؤل مبتسم من الفرص للوصول إلى نتيجة تاريخية. الفرضية هي أنهم توصلوا إلى توافقات إطار أدت بنتنياهو إلى الإعلان أنه موافق على رقابة أميركية على منشآت نووية "مدنية". بالتوازي، يواصل ولي العهد، بن سلمان، استضافة مسؤولين إسرائيليين كبار.
وعليه، فإن الموقف الأميركي بالذات يثير التساؤلات: الرئيس بايدن، الذي يحلم بعرض اتفاق إسرائيلي - سعودي قبل حملة الانتخابات الثانية لولايته، يتخذ الإجراءات الأكثر تطرفاً. فقد كلف مستشارين أميركيين كباراً بمهمة فحص مطالب الفلسطينيين قبيل الاتفاق بين السعودية وإسرائيل. وفي هذه الأثناء، منذ الآن يجري تطبيع هادئ بين السعودية وإسرائيل. لم نصل بعد إلى مرحلة الاتفاق ولا تزال هناك الإمكانية، وإن كانت طفيفة، ألا نصل، ومع ذلك يدخل الإسرائيليون ويخرجون من بوابات المملكة. أحدهم، رجل أعمال، روى لي أنه ينوي أن يكون الإسرائيلي الأول الذي يجتاز الحدود البرية. سألته: "ماذا ستفعل في السعودية؟". فأجاب: "كنت هناك حتى الآن مرتين، التقيت واتفقت، وأنا آتي لإجمال العمل التجاري مع شركائي المحليين".
أما السعوديون بالذات فقد استوعبوا، في مرحلة مبكرة، أن إسرائيل – نتنياهو لا تعتزم الركض وراء الفلسطينيين، فيما بالمقابل إدارة بايدن هي التي ستبذل جهوداً لتوسيع التوافقات تجاه مكتب الرئيس عباس. هذا هو المكان أيضاً لنذكّر بأن اتفاقات إبراهيم وقّعت بين إسرائيل وأربع دول عربية دون تنازلات إسرائيلية للفلسطينيين. أما السعوديون فيريدون اتفاقاً مختلفاً، يقوم على أساس المبادرة السعودية في 2002 والتي تبنتها الجامعة العربية. ومع ذلك يعلم السعوديون أن إسرائيل لن توافق على إعادة لاجئين، أو إخلاء مستوطنات، وعلى علم أيضاً باستطلاع للرأي العام أجري في "المناطق" يعرض بشكل واضح أن الفلسطينيين أنفسهم يعارضون بأغلبية ساحقة حل الدولتين.
لو كان السعوديون يؤمنون بأن التطبيع مع إسرائيل متعلق بتنازلات جارفة للفلسطينيين، لما كانوا يخرجون إلى الخطوة. يعرف بن سلمان بالضبط ما الذي يريد أن يحققه، وفي هذه الحالة فإن التوافقات مع إسرائيل هي الوسيلة فقط.