من المتوقع أن يلتقي حاكم قطر، الشيخ تميم بن حمد، المستشار الألماني، أولاف شولتز، غداً الخميس.
ومن المفترض أن يعقدا اجتماع عمل يتناول توسيع شراء الغاز من قطر، بعد اتفاق الدولتين في تشرين الثاني الماضي على شراء ألمانيا مليونَي طن من الغاز لمدة 15 عاماً.
لكن الآن، أُضيفَ إلى جدول أعمال الاجتماع بند جديد مهم جداً بالنسبة إلى إسرائيل.
عندما تحدث المستشار الألماني، السبت الماضي، مع نتنياهو وأعرب له عن تضامنه مع دولة إسرائيل في مواجهة الهجوم القاتل الذي قامت به "حماس"، عرض أيضاً وساطته من أجل إطلاق المخطوفين الإسرائيليين.
لم يُعرف ردّ رئيس الحكومة، لكن لألمانيا تجربة تاريخية في إدارة المفاوضات مع "حماس" وتنظيمات أُخرى، ومن المحتمل أن يحرك لقاء الخميس عملية استعادة الأسرى.
وبالاستناد إلى تقارير في وسائل إعلام عربية، فإن قطر مهتمة بالتوسط للدفع قدماً باتفاق يشمل إعادة قسم من المخطوفين على الأقل، وكذلك مصر، التي دخلت في اتصالات مكثفة مع "حماس" وإسرائيل منذ السبت، في مسعى للجم التصعيد والدفع بصفقة تبادُل أسرى. وذكرت مصادر في "حماس"، أول من أمس، أن الحركة مستعدة للتفاوض حول عملية تبادُل نساء وأطفال إسرائيليين في مقابل نساء وأطفال فلسطينيين معتقلين في السجون الإسرائيلية. الردّ الرسمي الإسرائيلي، الذي عرضه الوزير ميكي زوهار، أول من أمس، هو "لا نتفاوض مع تنظيم إرهابي".
يمكن التشكيك في صرامة هذا الكلام. طوال أعوام تفاوضت إسرائيل مرات عديدة مع "حماس" بصورة غير مباشرة، وفي معظم الأحيان، عبر الاستخبارات المصرية بقيادة عباس كامل.
وبعد كل عملية عسكرية كانت تُجري نقاشات بشأن وقف إطلاق النار واستعادة جثامين الجنود والأسرى، وبشأن إعادة إعمار غزة، والترتيبات على المعابر بين القطاع والضفة الغربية والخارج، وتحويل عشرات الملايين من الدولارات من قطر إلى القطاع.
حجم هجوم "حماس" الأخير والرد العسكري الإسرائيلي واستمرار القتال أمور يجب ألّا تشكل عقبة أمام مفاوضات إنسانية تخفف قليلاً من المعاناة القاسية التي يعانيها المخطوفون وأفراد عائلاتهم في إسرائيل.
إذا نجحت الوساطة العربية والدولية في خلق فرصة لاتفاق تبادُل أسرى ومخطوفين، فلا تستطيع الحكومة الإسرائيلية الرفض باسم شعار أيديولوجي لم يعد صالحاً على الإطلاق.
والسؤال المطروح حالياً هو عن إمكانية مثل هذه الصفقة وثمنها. تحتفظ مصر بأداة ضغط كبيرة، كونها هي التي تسيطر على معبر رفح الذي يستطيع سكان غزة من خلاله الذهاب إلى الخارج وإدخال البضائع من كل الأنواع. كما أن المعبر يشكل مصدر دخل مهماً لـ"حماس"، تجبي من خلاله الرسوم على العبور، وعلى أي نشاط يجري هناك.
المعبر مغلق منذ بدء الحرب، لكن مصر سمحت بمرور الأدوية والمواد الضرورية.
"حماس" بحاجة ماسة إلى هذا الباب للنجاة، سواء بالنسبة إلى عناصرها، أو بالنسبة إلى السكان، لكن في الوقت عينه، قد يتحول هؤلاء السكان إلى رهائن ودروع بشرية في مواجهة هجوم إسرائيلي واسع النطاق، ويضع إسرائيل في مواجهة ضغط دولي، إذا اتضح أن هذه الهجمات تتسبب بعدد غير محتمل من الضحايا المدنيين.
كما يُعتبر معبر رفح رصيداً مهماً أيضاً بالنسبة إلى مصر فيما يتعلق باتصالاتها بإسرائيل. ومن دون التنسيق مع مصر بشأن فتح المعبر وإغلاقه، سيصبح الحصار المفروض على غزة شاملاً، كما ثبت في الماضي، عندما لم تكن البضائع تمرّ هي فقط عبر المعبر، بل يمرّ أيضاً السلاح والمقاتلون، ذهاباً وإياباً، بين سيناء والقطاع.
حتى الآن، يسير التنسيق مع مصر بصورة جيدة، وخصوصاً منذ انضمام مصر إلى الحرب ضد أنفاق "حماس" قبل عدة سنوات، فقد أغرقتها مصر بالمياه، و"سوّت" الأرض بين القطاع وسيناء، وهدمت المباني، واقتلعت الأشجار التي كان يختبئ فيها المقاتلون لدى خروجهم من القطاع.
الشيء الأخير الذي ترغب مصر وإسرائيل فيه الآن هو تواجد "حماس" داخل سيناء، بالقرب من القطاع، واستخدامها قاعدة جديدة لنشاطها. وتفرض المصلحة المشتركة على إسرائيل تزويد مصر بإجابات واقعية تسمح لها بالعمل بنجاعة على عملية الوساطة من أجل التوصل إلى إطلاق عدد من المخطوفين على الأقل، والحفاظ على مكانتها كوسيط.
في هذا السياق، تتعاون مصر مع قطر التي تحولت، بموافقة إسرائيل والتنسيق معها، إلى صرّاف مالي لـ"حماس". لكن المساعدة المالية القطرية، التي ساعدت كثيراً حتى الآن في تهدئة الاضطرابات في غزة والتظاهرات العنيفة بالقرب من السياج الحدودي، ليست هي الحل الأمثل.
صحيح أن قطر كانت الدولة العربية الأولى التي حمّلت إسرائيل المسؤولية الكاملة عن الحرب، لكن اندلعت بين قطر و"حماس" خلافات شديدة في الرأي، في أعقاب رغبة الحركة في استئناف علاقاتها مع سورية، خطوة عارضتها قطر، كونها تقدم الحماية إلى ميليشيات سوريّة تعارض الرئيس بشار الأسد. وأدى الغضب القطري من "حماس" إلى خفض المساعدة المالية التي تُحوَّل إلى القطاع، ووفقاً لتقارير من غزة بلغ المبلغ الشهري المحوّل إلى غزة في الأشهر الثلاثة الأخيرة 3 ملايين فقط، بدلاً من 10. لكن على الرغم من الخلافات الحادة مع قيادة "حماس"، فإن قطر لا تزال تستضيف عدداً من قادة الحركة، وبذلك، هي تلبّي حاجة ملحة لهذه القيادات لأن تركيا لم تعد تشكل ملاذاً لها.
تملك قطر أداة قوية أُخرى، من الصعب معرفة أهميتها. بسبب العلاقات الاقتصادية والسياسية الوثيقة مع إيران من جهة، ومع الولايات المتحدة من جهة ثانية، فهي اليوم تعرض خدماتها من أجل الدفع باتفاق نووي جديد.
يبدو أن لا علاقة بين تطلُّعها إلى الوساطة مع الولايات المتحدة وبين ما يجري في غزة، لكن ليس مستبعداً أن تحاول فحص استعداد إيران لإقناع "الجهاد الإسلامي"، وأيضاً "حماس"، بالتوصل إلى اتفاق تبادُل أسرى بين "حماس" وإسرائيل.
صحيح أنه ليس لإيران أيّ مصلحة في الدفع قدماً بمثل هذه الخطوة، لكن في الوقت عينه، لا يمكن تجاهُل علاقتها الوثيقة بقطر وتطلُّعها إلى استئناف العلاقات مع مصر، وحقيقة أنها هي نفسها تفاوضت مع الولايات المتحدة بشأن صفقة تبادُل أسرى انتهت بنجاح، بوساطة قطرية.
لا تزال مساعي الوساطة في بداياتها، لكنها منذ الآن، تفرض على نتنياهو أن يقرر إذا ما كان سيتبنى أيديولوجية وزير المال سموتريتش المتطرف، الذي طالب بضرب "حماس" بوحشية و"عدم أخذ الأسرى في الحسبان"، أو الدفع بجهود الوساطة التي يُعتبر نجاحها ضرورياً كي يمنح الجمهور الإسرائيلي القليل من الراحة.
عن "هآرتس"