هرع الرئيس الأميركي لإنقاذ صديقه الفاشل "نتنياهو" في واحدة من أسود صفحات التاريخ حين يتضامن الفاشلون معًا، تحت مظلة سلّة من الأكاذيب والأضاليل التي طبعت رواياتهم والتي بدأت بأن المقاومة قطعت رؤوس الأطفال واغتصبت النساء ليتضح حجم وضخامة الكذبة بعد ساعات من تبيان ذلك من قبل صحيفة "واشنطن بوست" ونقلا عن البيت الأبيض ثم مع توالى الكشوفات.
للمرة الأولى في تاريخ "إسرائيل" من النشأة على جثث الفلسطينيين الذين طردوا من فلسطين يهرع رئيس أميركي بشخصه لإعلان دعمه الكامل لتل ابيب ولليهود كما قال، ويفعّل من حِزَم الدعم المادي المالي والعسكري والدعائي بالملايين، ما لاتستطيع عدّه.
ارتبطت عملية مسارعة بايدن لإنقاذ صديقه بمذبحة مستشفى المعمداني في قطاع غزة، ورغم مفاجأة الرئيس الأميركي واعلانه عن الغضب لما حصل! فإنه تقدم خطوة الى الأمام بالإعلان عن تشكيل لجنة للتحقيق بالمذبحة البشعة، الا أنه والطائرة لم تحط بعد في مطار اللد، كان طاقمه "الصهيوني" يجهز له طريقة إعلانه للموافقة على الرواية الاسرائيلية المضحكة التي جُهّزت على عجل أن "الطرف الآخر" هو من قصف نفسه بقذيفة فاشلة وأوقع مئات الضحايا.
الرئيس الأميركي الذي يترنح في موقعه كما حاله وهو يمشي، يعيش أحلك فترات حياته، إذ ينتقل من هزيمة كبرى الى شبه هزيمه ثم ربع نصر موهوم، فيما تعامل معه من ملفات خارجية مع أفغانستان ثم سوريا، ومن ثم أوكرانيا (إسرائيل الغربية في مواجهة روسيا) لتكون المحصلة تفوق التنين، وبالتالي فإن "إسرائيل" الوليد الجبار للعقل الامبريالي الاستعماري (بريطانيا وأميركا أساسًا) كان مما لا يمكن التفريط به بتاتًا حتى لو خسرت أميركا كل حروبها، بل وكل من يتمنون أن يكونوا حلفائها وحلفاء الوليد في المنطقة المسماة الشرق الأوسط.
هدف أو فكرة التدمير ل"حماس" كفصيل فلسطيني أصبحت مستقرة لدى الفاشليْن والحكومتيْن لا سيما واستدعاء الدعائية "البروباغندا" الصهيونية قاموس النازية و11/9 و"داعش" ما يجر الحراك المتواصل لتشكيل حلف إقليمي أو عالمي لإسقاط هذه النازية أو "داعش" الجديدة!
أن ما يحصل هو تتبع لنهج شارون في ملاحقته الدؤوبة للثورة الفلسطينية وياسر عرفات الذي أنهك الأميركي والإسرائيلي معًا في فلسطين وبيروت وكل الساحات، كما أنهك المحتالين العرب حتى قضى شهيدًا بعد أن أشعل انتفاضة جبارة مازال صداها في صدر كل فلسطيني بكل مكان.
لم ينتبه الرئيس الأميركي ربما لدهشته ومباغتته بما حصل في 7/10 الى أن العالم لم يعد يتوقف عند حدود ما تقوله شفتاه الرقيقتان، بل إنه قد سبقه بسنوات وهو يتشكل بعيدًا عن فكر الغطرسة والهيمنة الاميركية فيما المحيط الهادي وبحر الصين يشكل له عقدة مزمنة لن يستطيع التحلل منها الا بالهزيمة المؤكدة القادمة.
التنظيم الفلسطيني الجديد الذي بات كل من نتنياهو وبايدن والمستشار الألماني ورئيس الوزراء البريطاني يحاربونه وكأنهم (الحلفاء) في الحرب الأوربية (المسماة العالمية) الثانية يتم النفخ به عالميًا ليصبح بحجم أو قوة دولة ألمانيا النازية -آنذاك-في تبني نظرية "غوبلز" في التقبيح للتنظيم وللفعل، والشيطنة لعموم فكر الثورة الفلسطينية والفلسطينيين، وربما من ورائهم جل المسلمين حين تُستدعى "داعش" لتكون ممثلًا للمسلمين بالعالم في الذهن الغربي وليس ل"حماس".
إن ما تعلمه نتنياهو وبايدن من الحرب على العراق بشكل أساس، هو أن الكذب والتضليل سلاح فتاك وأن تجميع الحلفاء بهذه الطريقة فعّال، ولكن الحقيقة أن العالم يتغير فلم تعد الشعوب لتقبل الرواية الاستعمارية الغربية الأحادية، وباتت تنقب وتبحث وتفكر وترى جيدًا فتطرح ما يقوله الفاشلان جانبًا وتطالب بالثورة وهو ما سيكون.
الفاشلان وجوقتيهما يحاولون أن يضربوا عصفورين (أو أكثر) بحجر، والأحجار ليست من سمة (الحلفاء) الذين سِمتهم الرئيسة قتل الملايين بالقنابل والنووي كما حصل من مذابح ومجازر في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وفي كل الحروب التي خاضتها أميركا ضد أمتنا العربية والإسلامية خاصة في العراق وسوريا...والحبل على الجرار.
بايدن ونتياهو سيسقطان بلا شك فموعد الحساب لهما قريب وسيسقط معهما أربعة او خمسة آخرين من الكبار، فالعالم يتغير والفشل والهزيمة حليف الظالمين الذين لا ينظرون أبعد من أنوفهم، فالدول تتغير في دورة طبيعية، والتنظيمات تسقط وتنتهي، والقيادات تموت، ولكن القضايا والشعوب لا تموت.
هرع الرئيس بايدن ليعلن أن الوليد الذي جاوز عمره الأعوام السبعين سيظل مغمورًا بالعطف والرعاية حتى لو تدمرت سمعة أميركا ذاتها، وبالتالي فلن يكون لمجزرة مستشفى المعمداني التي تحلل منها بسهولة، وقبلها صبرا وشاتيلا وعشرات المذابح وربما بعدها، أي قيمة في طريق النصر الموهوم، وسيظل الوليد مغمورًا بالقُبلات والأحضان كما هو الحال بالصيغة التي كتبها الأميركي والانجليزي معًا في ورقة إعلان بلفور، وهو بهذا العمل يفترض أنه سيحقق ما لم يستطعه طوال سنواته الماضية أو سابقيه، ولكن الفاشلين لا يفوزون أبدًا، لأن النصر صبر ساعة والفلسطينيون لا ينسون.
تركيا: تصريحات وزير خارجية إسرائيل وقحة وتتضمن أكاذيب
13 يوليو 2024