فورة الدم ، والماء في الشاحنات

lFDcS.png
حجم الخط

بقلم حمدي فراج

في الوضع الطبيعي والمعتاد ، فإن حالة الغضب والصدمة "فورة الدم" التي اصابت الإسرائيليين حكومة وشعبا ومعارضة ، هي عامل التقرير الحاسم فيما سيحصل تاليا ، وقد استغرقت فورة الدم هذه ثلاثة أسابيع بنهاراتها ولياليها ، فعلت فيها إسرائيل أفاعيلها ( لا داعي لذكرها ، فالكل يعرفها بعد ان رآها عبر الفضائيات وأحيانا على الهواء مباشرة) وقالت أقاويلها (معظمها أكاذيب وافتراءات للتغطية على ما انتكست به) ، وهبت لنجدتها اساطيل وبوارج وحاملات طائرات وأموال "كاش" ، وزيارات من زعماء "العالم الحر" ووزراء دفاعاتهم ونخب الوحدات القتالية ... الخ ، وفي التقدير العام ان هذه الفورة الدموية قد قاربت على الانتهاء ، وان إبادة "حماس" البرية بعد إبادة شعب غزة ، او"الحيوانات البشرية" ، قد بدأت تخبو ، وستخبو أكثر فأكثر اذا ما تم السماح بإدخال الوقود بعد ادخال بعض الغذاء وبعض الدواء وبعض الماء (تخيلوا ان الماء أصبح يشحن في الشاحنات) .
ليس شحن الماء في الشاحنات، وهو الذي يتنزل على عباد الله من السماء ، هو الامر الوحيد الغريب الذي كرّسته إسرائيل ورسّخته في هذه الحرب الابادية ، بل هناك الكثير من المصطلحات الغريبة المنفّرة والتي يأنف الانسان في أي مكان ان يتلفظ بها ، على سبيل المثال "حق دفاع اسرائيل عن نفسها"، ما يعنيه هذا تجريم من يقاوم هذا المحتل . "حماس داعش" كيف داعش و قد فازت في الانتخابات التشريعية عام 2006 ، وكانت ستفوز في الانتخابات التي تقررت قبل ثلاث سنوات حتى ألغاها مدير "الشاباك" الأسبق "ناداف أرغمان" ، كيف "داعش" وقد أسهمت مع حلفائها حزب الله وايران في القضاء عليها في معقلها "العراق والشام" ، وهل ظل هناك "داعش" اليوم باستثناء داعشية بن غفير عمود خيمة حكومة نتنياهو . "عدم وقف اطلاق النار" ، يطرح هذا في مجلس الامن الدولي ، الذي لا يضم إسرائيل ولا "حماس" ، أي مجلس أمن هذا الذي يعارض بشدة واستماتة وقف الحرب والدمار و قتل الأطفال على هذه الشاكلة البشعة ، كان سيوّد أي ثاكل ان يقتل طفله بالرصاص على ان يقتل بتدمير البيت على رأسه وهو في عز نومته الملائكية ، فيتم إخراجه من تحت الأنقاض مقطعا ومهشما ومشوها لا يحتمل جسده الطري كل هذا الردم، واحيانا كثيرة لا يخرج، (هناك حوالي الف منهم ما زالوا تحت الأنقاض). البعض المتحضر يقول انهم أبناء قادة "حماس"، وهذا كذب مطبق ، ومع ذلك ، ما علاقة طفل ابوه حمساوي ب"حماس" .
وما زال للطوفان ارتداداته، بغض النظر عن ان نفذت إسرائيل اقتحامها البري ام لا، ففورة الدم اليوم انتقلت الى صدور الملايين العربية والأممية . وبالتأكيد ليس عن هذا الدم قال مظفر النواب:"أيحتاج دم بهذا الوضوح الى معجم طبقي لكي يفهمه" ، لكنه بكل تأكيد، عن غضب هذه الامة و"زلزلتها واكفهرارها" .. "يا أجمل من أمة غاضبة" .