كثّفت حملة "نغادر البلاد معا" الداعية إلى مغادرة إسرائيل نشاطها، ودعت عبر شبكات التواصل الاجتماعي العائلات الإسرائيلية إلى البحث عن وجهة حول العالم، للإقامة المؤقتة أو الاستقرار، مع توفير فرص عمل والاستثمار بمشروعات تجارية.
ويأتي تكثيف نشاط هذه الحملة في ظل الحرب المستمرة على قطاع غزة، وتصاعد التوتر على الجبهة الشمالية مع لبنان، وفقدان الشعور بالأمن والأمان، علما أن الحملة أُطلقت تزامنا مع صعود اليمين المتطرف والأحزاب الدينية وتولي بنيامين نتنياهو رئاسة الحكومة، التي شرعت بالتعديلات على الجهاز القضائي الإسرائيلي.
ووسّعت هذه المجموعة نشاطها مع تصاعد التوتر الأمني في البلاد، مع عدم وجود أفق لانتهاء الحرب، حيث أخذت تروج عبر منصات التواصل الاجتماعي إلى مغادرة إسرائيل، وعرضت مساعدتها على كل من يحمل الجواز الإسرائيلي، وليس على من يمتلك جنسية مزدوجة وبحوزته جواز سفر أجنبي فقط.
آلية عمل سريعة
تخالف حملة "نغادر البلاد معا" في آلية عملها أسلوب الشركات الخاصة ومكاتب المحامين الإسرائيليين التي تنشط وتعمل قبل الحرب على غزة، وتركز على استصدار جوازات سفر أجنبية، وتوفير فرص للمبادرات التجارية، والاستثمار خارج البلاد، لكن دون أن تدعو وتحث على مغادرة إسرائيل، وهو عكس ما تفعله الحملة.
تضم مجموعة الحملة في تطبيق "واتساب" 676 مشاركا، غالبيتهم العظمى من الإسرائيليين، وبعضهم من اليهود الموجودين خارج البلاد، ويمكثون في دول مختلفة حول العالم، خاصة في أوروبا وكندا وأميركا.
وتعدّ هذه المجموعة كأنها لجنة قبول الطلبات والاستفسارات من الإسرائيليين الراغبين بمغادرة البلاد، وتحوّل طلباتهم إلى الجهات ذات الاختصاص، التي توفر خدمات استصدار التأشيرة وتوفير المسكن وتسهيل فرص العمل والاستثمار والمغادرة إلى 48 دولة حول العالم.
وحسب منشورات الحملة على منصات التواصل الاجتماعي، فإن تكثيف النشاط وتوسيعه يهدف إلى تنظيم مجموعة لمغادرة البلاد، على أن يضم الجزء الأول منها 10 آلاف شخص، وسيُوسّع مستقبلا عدد الأشخاص الذين سيُساعدون لمغادرة إسرائيل والاستقرار خارجها.
ويدير ينيف غورليك، مجموعة تفاعل جماهيرية خاصة بالحملة على موقع فيسبوك، وانضم إليها نحو 5 آلاف شخص من إسرائيل، ومثلهم من المتفاعلين على حساب غورليك الشخصي على فيسبوك، وتتمحور استفساراتهم حول المغادرة والسفر للخارج، ولو بشكل مؤقت لحين انتهاء الحرب، ومنهم من يستفسر عن فرص استصدار تأشيرة عمل في الدول الأوروبية.
وفي مرئي عبر صفحته على فيسبوك، أعلن متان سيفان من حيفا أنه حصل قبل أيام على "تأشيرة لاجئ" من السلطات البرتغالية، وهو ما يمكنه الاستقرار والعمل هناك، مشيرا إلى أن ذلك لا يستغرق وقتا طويلا، قائلا "خلال أقل من 48 ساعة يمكنك الحصول على هذا النوع من التأشيرة التي تضمن لك جميع الخدمات والحقوق في البرتغال".
وسرد سيفان، الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية فقط، تجربته للحصول على "تأشيرة لاجئ" في البرتغال، حيث وصل إلى مطار لشبونة الدولي بعد أن غادر إسرائيل بسبب حرب غزة، قائلا "ما إن وصلت المطار حتى تمّت المباشرة بالمعاملات التي أنجزت في أقل من 48 ساعة، ومُنحت هذه التأشيرة لمدة شهرين على الأقل، وهي قابلة للتمديد".
سعي للهروب
وفي تفاعلها على صفحة "نغادر البلاد معا"، كتبت أوريت ساعر "الوضع غير قابل للهضم، غير مفهوم، يجب أن نغادر لبعض الوقت بكل الألم والحزن، أمتلك جواز سفر إسرائيليا فقط، أفكر في براغ أو بودابست، نحن نقدر أي نصيحة أو أي توضيح".
وتساءلت ساعر شموئيل في تفاعلها على مجموعة الحملة "أين يمكن الهجرة دون تأشيرة وإلى مكان قريب، ليس لدي مشكلة مع الدخل، لدي مشكلة مع التأشيرة، هل من توصيات؟".
أما كريمن روسو فكتبت "أريد مغادرة البلاد، وكنت أفكر في الهجرة إما إلى السويد وإما النرويج، ولا أحمل الجنسية الأوروبية، ماذا علي أن أفعل؟".
وفي السياق ذاته كتبت آيه رعايا "بدأت أفكر في المغادرة لبضعة أشهر بسبب الوضع، نمتلك جوازات سفر إسرائيلية فقط ومدخرات قدرها 300 ألف، وطفلتي تبلغ من العمر 3 سنوات، وزوجي في قلق حقيقي، يقول إنها ستتحول لحرب عالمية، وعلينا الهروب لأطول فترة ممكنة".
"أوصي بشدة بفيتنام"، هكذا كتب أريك فكسلر، وأضاف "لقد عملت هناك لمدة عامين، من السهل جدا الحصول على وظيفة لتدريس اللغة الإنجليزية، وبعد ذلك تأشيرة لمدة عامين، يبدأ راتب المعلم من 20 دولارا في الساعة وأكثر، والعمل في المدارس سهل حقا، لقد عملت هناك لمدة عامين دون الحصول على درجة علمية، وأنا الآن أكمل درجة البكالوريوس لأعود إلى فيتنام، يمكنني تقديم المشورة والاتصال بصاحب العمل للراغبين الجادين".
تخويف حكومي
وتفيد المعطيات الرسمية لدائرة الهجرة والسكان في وزارة الداخلية الإسرائيلية أن هناك أكثر من 230 ألف إسرائيلي غادروا منذ بدء "طوفان الأقصى" واحتدام القتال على جبهة غزة، وتضم المجموعات المغادرة عائلات إسرائيلية ورجال وسيدات أعمال من أصحاب الجنسية المزدوجة، ومن يملكون جوازات سفر أجنبية.
وتتوقع السلطات الإسرائيلية أن ترتفع أعداد المغادرين في المستقبل القريب في حال استمرت الحرب على غزة وتوسعت إلى جبهات أخرى، ودعت الحكومة الإسرائيلية عبر مجلس الأمن القومي المواطنين الإسرائيليين إلى إعادة النظر بالسفر إلى خارج البلاد، وتجنب إبراز الرموز الإسرائيلية، والهوية الدينية اليهودية خلال مكوثهم في الخارج.
وتأتي هذه الدعوة لحكومة نتنياهو لتظهر للإسرائيليين أنه لم يعُد في العالم مكان آمن، وأن إسرائيل ستبقى الأكثر أمنا رغم "طوفان الأقصى" وهجوم المقاومة المفاجئ على مستوطنات "غلاف غزة".
وسوّغ مجلس الأمن القومي الإسرائيلي هذه الدعوة والتحذير للإسرائيليين من السفر للخارج، بسبب ما عدّوه ارتفاع مظاهر معاداة السامية، وحوادث العنف ضد الإسرائيليين واليهود حول العالم، التي تأتي بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة.