ربما كانت خطوة جنوب أفريقيا يوم 29 ديسمبر 2023، هي الأبرز من حيث الفعل السياسي بشكل عملي، في مواجهة الحرب العدوانية الشاملة التي تنفذها دولة الفاشية اليهودية ضد الشعب الفلسطيني وخاصة قطاع غزة، بتقديمها طلب الى محكمة العدل الدولية يتهم إسرائيل بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
الخطوة الجنوب أفريقية، المفاجئة جاءت كرد خارج النمطية التي سادت تعامل "الرسمية الفلسطينية والعربية والدولية"، مع جرائم حرب غير مسبوقة في تاريخ البشرية وارتكاب عمليات استئصال وإبادة جماعية لجزء من شعب، وتدمير منطقة جغرافية بكل ما عليها، من مبان وما بها ولها من تاريخ وحضارة، حرب وصفتها وسائل إعلام ناطقة بكل لغات، بمن هم مؤيدين للفاشية ذاتها، بأن ما حدث ليس حربا كما سبق أن عرفته البشرية، بل شكل جديد لم تعرف عالم الإنسانية له مثيلا.
تعاملت "الرسمية الدولة والعربية ومعهما الفلسطينية"، وعبر القنوات المعروفة، وكأنه الحرب معركة قتالية عسكرية بين "طرفين"، أثبتتها خلال قراري مجلس الأمن الأخيرين 2712، و2720 باعتبارها "أعمال عدائية" يجب أن تتوقف، وتجاهلت الحقيقة المطلقة بأنها أول عمليات "إبادة جماعية" ترتكبها دولة ضد شعب في القرن الواحد والعشرين، وهروبا لجأت لكيفية توفير بعض طعام وماء ودواء، يحتاج إدخاله أن ترضى عنه دولة الإبادة الجماعية.
موضوعيا، ساهمت "الرسميات الثلاثة" في إطالة أمد حرب الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، وخاصة أهل قطاع غزة، بسلوكها العام، ومواقفها التي كانت تتركز على باب "التسول السياسي" من دولة الجريمة العامة كي تسمح بهدنة هنا، وادخال سيارة أكل هناك، وتجاهلت كليا جوهر المسألة المركزية، فكانت عاملا مساعدا بل وبعضها مباشرا فيما يحدث حرب تصفية لوجود شعب وكيان.
ولذا، كسرت "جنوب أفريقيا"، النمطية السائدة في مواجهة حرب التصفية – الإبادة الشاملة لشعب وكيان، وذهبت مباشرة الى ما كان يجب أن يكون منذ البدايات، محكمة العدل الدولية لبحث قيام دولة موقعة على اتفاقيات حول الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، طريق طويل ربما، لكنه يضع أصل القضية على مسارها الصواب، الذي غاب منذ قيام دولة الكيان العنصري الاحلالي، وانكشف بعد تقرير القاضي غولدستون، وبالصدفة أيضا هو جنوب أفريقي، الذي شكل سحبه من التطبيق قوة دفع مباشرة وتأسيس لما يحدث راهنا من حرب الإبادة الشاملة.
وكي لا يتكرر ما حدث مع تقرير غولدستون، ويقوم البعض بالضغط على جنوب أفريقيا لتتوقف عن مسار مطاردتها لدولة الإبادة الجماعية، وتسحب طلبها تحت "ذرائع متعددة"، يجب أن تطالب "الرسمية الفلسطينية" جامعة الدول العربية القيام بعملية إسناد رسمي للطلب أمام محكمة العدل الدولية، وكذا من دول صديقة لفلسطين، والتي أعربت بكل وضوح عن إدانتها المطلقة لجرائم الإبادة الجماعية التي تنفذها دولة الفاشية اليهودية.
الطلب الجنوب أفريقي يجب أن يصبح قضية مركزية أمام الرسمية الفلسطينية في عملها اليومي، وألا تتوقف عند بيانها الترحيبي والذي تاه وسط أخبار القتل والتدمير المتلاحق، وأن تشكل خلية عمل شاملة لفتح اتصال دائم مع الجامعة العربية، ودول الـ 77 والتي تحتل فلسطين بها مكانة خاصة، لو أنها تعتقد بأحقية تمثيلها للشعب الوطني.
طلب جنوب أفريقيا لمحاكمة دولة الفاشية اليهودية، سلاح الفضيلة السياسية الأبرز رفضا لحرب التصفية الجماعية لفلسطين الشعب والكيان، ويجب أن يتحول لقاعدة ارتكاز لكل فعل قادم، والكف عن "بكائيات مجلس الأمن" التي شكلت سلاحا مضادا للوطنية الفلسطينية.
ملاحظة: صفعة محكمة العدل العليا في دولة الكيان لحكومة التحالف الفاشي وراسها نتنياهو.. تكشف عن بلورة تحالف سري أمني وقضائي بدعم أمريكاني يتبلور قبل اليوم التاني..طبعا ليس تعاطفا مع فلسطين ولكن خوفا على اليهود من يهود..عشان ما حدا يسرح كتير..
تنويه خاص: لم يعد ممكنا الصمت على ما تقوم به بعض أطراف بتشكيل عصابات للمتاجرة بكل حياة أهل قطاع غزة...البطولة القائمة لم تضع حدا لبروز أحط سلوكيات تنتشر برعاية معلومة جدا..تجار الدم والدمار حسابهم قادم..ومطاردتهم بات حق وطني ومشروع..ولمدعي الفضيلة الكاذبة أنتم عراة جدا..يومكم جاي!