واهمة "إسرائيل" اذا اعتقدت ان الطوفان الذي ضربها في السابع من أكتوبر وهي نائمة ، ساهية ، غافلة ، سيقتصر أثره على ذاك اليوم "السبت" او الشهر "أكتوبر" او حتى السنة "2023" ، فمع الدقيقة الأولى من العام الجديد ، قصفها القسام في نحو عشر مدن ، و عنونت "يدعوت" اننا استقبلنا العام الجديد بوابل من الصواريخ .
تواصل أثر الطوفان على مدار ثلاثة اشهر ، يضربها في معظم مناحي حياتها ، لكن هذه المرة ، ليس و هي نائمة ، بل وهي في قمة يقظتها واستعدادها و احتياطاتها المحلية و الإقليمية و العالمية ، فذهبت تطارد حماس "الداعشية" لتجتثها ، فلم تجتث الا ما تبقى من سمعتها الأخلاقية و بعض الشائعات المتبقية عن تحضرها و ديمقراطيتها عندما أثخنت في قتل الأطفال و الرضع و الخدج و هدم المستشفيات و المدارس و دور العبادة ، و لجأت في تبرير ذلك الى الأكاذيب و الافتراءات ، مثل قصف مستشفى المعمداني و قبو مستشفى الشفاء ، ناهيك عن سلاح التجويع و الكهرباء و الدواء و حتى الماء .
لم يظل شيئا شرعيا لم تستخدمه هذه الدولة الشرعية في إبادة شعب غزة "الوحوش و الحيوانات الآدمية"بحماية من أمريكا و دول الغرب و صمت دول العروبة والإسلام . وحين بدأ الفشل يتحقق ، و الخسائر تزيد ، تم التلويح بالقنبلة الذرية ، و بدأت غزة بأطفالها تدخل قلوب الناس ووجدانهم بغض النظر عن جنسياتهم و اعراقهم و دياناتهم ، من حيث تخرج إسرائيل ، و هو انتصار لا يقل أهمية عن انتصار المقاومة في تحرير الوجدان العالمي . أما أهداف نتنياهو فأخذت تخبو و تتلاشى ، حتى حصرت في محور فيلاديلفيا ، و اعتقال يحيى السنوار ، ثم في حذائه .
اليوم التالي لوقف العدوان ، ليس للمهزوم ، و لا لحلفائه الذين عملوا على نصرته ففشلوا ، و ها هي حاملة الطائرات "فورد" تتململ للمغادرة ، تماما كما لواء جولاني قبل أيام حيث رقص جنوده فرحا بالخروج احياء من وحل غزة الدامي ، و بعدها خمسة ألوية دفعة واحدة . تخيلوا ان يطلب اليهم الانتقال للقتال في الشمال مع حزب الله .
ستدفع إسرائيل استحقاقات هزيمتها ، بدءا بنتنياهو ، و من ثم حكومته الفاشية ، ثم اليمين السياسي برمته في اول انتخابات قادمة (لا تعطي استطلاعات الرأي اكثر من أربعين مقعدا لهذا اليمين الديني و السياسي من اصل 120) ، ثم حل الدولتين حلا جذريا ، بقيادة منظمة التحرير المعدلة و باشراف مباشر من حماس .
قبل حوالي مئتي سنة قال نابليون : الويل للمغلوب اذا حضر الغائب ، لكن افلاطون احد ابرز آباء الفلسفة و الحكمة في العالم و التاريخ ، قال قبل الفين و خمسمائة سنة : أولئك المقاتلون الذين صبروا على مهاجمة المتوحشين وعاقبوا تبجحهم و كبريائهم و اثبتوا ان قوتهم لا تستعصي على المقاومة . لا شيء من كثرة العدد ولا سعة الثروة يقف امام الشجاعة ، لذلك ينبغي ان يسند ثناء هذا النصر الى أولئك المقاتلين المؤمنين بالحرية . يا له من فضل يستأهل مدائحنا و مدائح قرون المستقبل .