بقلم: عميره هاس
في مستشفى العفولة يموت الأسير الإداري محمد القيق جوعاً. انه غير فاقد للوعي، لكنه لا يستطيع التواصل مع الناس، حيث فقد السمع والقدرة على الحديث.
وصل اضرابه عن الطعام، السبت الماضي، لليوم الـ 81. أبناء العائلة في دورا ينتظرون – بما في ذلك زوجته فيحاء واولاده الصغار اسلام ونور الذين لم يلتقوا مع الغالي على قلبهم منذ اعتقاله في 20 تشرين الثاني. ضباط «الشاباك» يعملون في بيوتهم ومكاتبهم كالمتعاد، وقد أوصوا باعتقاله دون محاكمة وأدلة.
هم والمستوى السياسي لم يتنازلوا على مرأى المشاهد التي تصل من المستشفى. من ناحيتهم، فليمت. في بيتهم وفي المحاكم يعيش قضاة محكمة العدل العليا الذين صادقوا، كالمعتاد، على اعتقاله بدون محاكمة وبدون اتهامات وبدون دفاع. وفقط بسبب تدهور وضع القيق قرر القضاة المحترمون بتاريخ 4 شباط «تعليق» امر الاعتقال الاداري ولا حاجة الى الاستمرار بتقييده في السرير. وقد قرروا على العكس من موقف الدولة.
تستطيع عائلته زيارته، لقد اظهر القضاة السخاء، لكنه سيبقى في العناية المركزة ولن يتم اطلاق سراحه، غير متهم بل موقوف، هذا اختراع قانوني جديد. كتبوا في قرارهم المتردد: «بعد تفكير توصلنا الى استنتاج من خلال الوضع الصحي لمقدم الدعوى من خلال التقرير الطبي بأنه لا يشكل أي خطر في هذا الوقت، وكانسانيين فاننا نتمنى له الشفاء الكامل. وبما أن الاعتقال الاداري يهدف الى منع الخطر وهو ليس عقابا فقد قررنا تعليق الاعتقال الاداري... اذا اراد مغادرة المستشفى بعد تحسن وضعه الصحي يمكنه طلب ذلك من السلطات. وحسب الحاجة فان حقوق مقدم الدعوى محفوظة.
يدور الحديث هنا عن تجميد امر الاعتقال الاداري بناء على الحاجة. دون اعطاء موقف نهائي». اعتصمت أمام بيت رئيس الدولة في القدس عنات ليف وعنات ريمون أور وطلبتا من الرئيس ريفلين التدخل لمنع موت شخص من الجوع. ولأن الرئيس لم يخرج للقائهما ودخل السبت، قررتا البقاء والاضراب عن الطعام على الفرشات فوق الرصيف. وراءهن مبنى كان في السابق المحكمة العسكرية للانتداب البريطاني «وفيه تمت محاكمة الخلايا السرية اليهودية... التي رفضت الاعتراف بالمحكمة». كما هو مكتوب على المدخل. ريمون أور، التي تعلم الفلسفة والتربية في معهد بيت بيرل، قالت: «أنا أرى شخصا يقول إنني لا أعترف بقوانينكم. القمع موجود في الكثير من المجالات، ونحن اذا لم نستطع فعل شيء وكانت معركتنا خاسرة، فلنر على الأقل المسؤولية الشخصية في مسألة غير محسومة». لمدة اسبوعين وقفت على مدخل المستشفى وهي تحمل لافتة تطالب باطلاق سراح القيق «وقفتُ هناك لأنني شعرت بعدم الحيلة أمام كل ما يحدث». حينما قرر القضاة الموقرون تجميد أمر الاعتقال الاداري، بدأت الزيارات لدى القيق: نشطاء فلسطينيون ويهود، مواطنو اسرائيل.
دخلت ليف الى غرفته ورأت «شخص يصرخ من الألم بدون صوت». الثلاثاء الماضي جاء نحو عشرة من نشطاء اليمين الى المستشفى «للتعبير عن غضبهم بسبب الاهتمام بالعربي»، كما قالت ريمون أور، والتظاهر ضد النشطاء. امرأتان قامتا بالشتم، ولم تستطع أور تكرار ما قلن. الاربعاء الماضي استدعى بعض النشطاء سيارة الاسعاف لتأخذ القيق الى العلاج في رام الله.
هناك، حسب تقديرهم، سيعود ويأكل. امتلأت المستشفى برجال الامن الذين منعوا ذلك. في يوم الجمعة قدم نادي الاسير الفلسطيني دعوى اخرى لمحكمة العدل العليا من اجل نقل القيق الى مستشفى في رام الله. «هذا هو المخرج الاخير»، قال المحامي اشرف أبو سنينة.
عرض بعض النشطاء فيلماً أمام القيق عن طريق الهاتف الذكي، حيث قام ابناء عائلته بالشد على يديه. زوجته فيحاء قالت للصحيفة: «نحن نرفض قرار محكمة العدل العليا الذي يسمح لنا بزيارته.
نحن غير مستعدين لنكون جزءاً من هذه اللعبة. تفضل قبل اولادك وابق معتقلا وغير معتقل. نحن نريد أن يخرج ولا نعرف على ماذا تعتمد الدولة، حينما تظن أنها قادرة على مواجهة نتائج الاضراب. نحن في العائلة نعرف أننا قادرون على تحمل النتائج. إن وضعه صعب جدا والاولاد يعرفون أن الأب عند الجيش وهو مريض. إنهم لا يفهمون موضوع الاضراب عن الطعام. وأنا أقول لهم إن والدهم بطل وأحاول أن أقول إنه اذا حدث له شيء- لا سمح الله- فسيكون في جنة عدن».
عن «هآرتس»