بعد موافقة مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغر على تحويل اموال السلطة الفلسطينية دون تصويت وموافقة وزير المالية في حكومة الاحتلال الاسرائيلية سموتريتش على ذلك بعد طرح رؤيته لمعالجة الأزمة المالية المتعلقة بمئات الملايين من الأموال التي تتعلق بعائدات الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية حيث طرح سموتريتش إيصال الأموال إلى السلطة من خلال طرف ثالث حسب المعلن دولة النرويج بشرط عدم تحويل اي من الأموال إلى قطاع غزة وعدم إيصال الرواتب لموظفي القطاع بحجة حتى لا تصل إلى حماس.
حيث أن هذه الذريعة لا يصدقها اصغر طفل كون اغلب الموظفين في القطاع يتبعون أجهزة أمنية أو مدنية ليس لهم علاقة بواقع حماس كما يدعي الاحتلال لكن واضح تماما أن الهدف من هذه الآلية وهي ترسيخ الانفصال الكلي وقطع الخيط الوحيد بين الضفة الغربية وقطاع غزة حتى يتم رسم خارطة جديدة للقطاع هيكليا وإداريا وماليا وأمنيا وان الأسلوب القديم فيما يتعلق الاتصال الإداري أو المالي بين الضفة الغربية وقطاع غزة بات اليوم ضمن دراسة جديدة تختلف كليا عن السابق ضمن منظور الحكومة اليمينية الائتلافية.
فعدم قبول سموتريتش إيصال المال إلى غزة يعني انتهاء علاقة السلطة الفلسطينية بأهالي قطاع غزة وقطع التموضع المؤسسي للسلطة في القطاع هذا يعني إنهاء مشروع تحويل السلطة الفلسطينية إلى دولة بعد الفصل الكلي بين الضفة والقطاع.
وهذا يعني إبقاء السلطة الفلسطينية فقط في الضفة الغربية، اما قطاع غزة فسوف يكون لها طرق بديلة فإما بقاء القطاع ضمن المنظور الأممي وإدخال المساعدات الإنسانية التي لا تفي بالاحتياجات الأساسية لمواطني القطاع وأما استمرار الحرب وهذا المتوقع حسب ما أشار إليه نتنياهو بان الحرب لن يوقفها حتى عام ٢٠٢٥ حتى يحقق الأهداف وهذا إشارة إلى استكمال مراحل الحرب حتى يصل منطقة رفح الجنوبية والسيطرة على محور فيلادلفيا ليتم تحويله إلى نقطة أمنية ومعبر كما يحدث في معبر الخروج اللنبي في الضفة الغربية وهذا يعني التحكم الأمني بدخول وخروج المواطنين وعملية استمرار الحرب يعني محاولة ترسيخ التهجير الطوعي من خلال تعميق الأزمة الإنسانية للمواطنين وهذا يعني محاولة إيجاد طرق لخروجهم والمتبقي سيتم إيجاد حكومة مدنية فلسطينية تدير القطاع معيشيا تختلف عن السلطة الفلسطينية هذا يعني لها موارد اقتصادية تختلف عن موارد السلطة الفلسطينية بمنظورها الحالي.
لكن السؤال هل تقبل السلطة الفلسطينية بآلية سموتريتش التي طرحها بعد المصادقة عليها من قبل الكنيست الإسرائيلي ؟ منذ بداية الحرب على قطاع غزة والسلطة الفلسطينية أبدت موقفها بكل صراحة بعدم قبولها النزول إلى القطاع إلا بإيجاد حل سياسي ضمن عملية سياسية شاملة تشمل التواصل الجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة فلذا من المتوقع أن لا تقبل بآلية سموتريتش المطروحة حتى لا تعزز الانفصال الكلي بين الضفة الغربية وقطاع غزة حيث أن قبولها المقاصة دون إعطاء الرواتب لمستحقيها في القطاع فهذا يعني الاضعاف التدريجي للسلطة الفلسطينية التي تبدأ من قبولها مقاصة مقتطعة ومن ثم التدرج بتقليصها لمناطق الضفة الغربية بالتحديد أن اسرائيل تحاول فصل مناطق الضفة الغربية عن بعضها البعض من خلال الحواجز الأمنية والعسكرية بالتحديد للمناطق التي تعتبرها ساخنة التي يتواجد فيها المقاومة الفلسطينية وهذا يعني مستقبلا أن اسرائيل ستقلص المقاصة أن قدمت السلطة الرواتب لموظفي مثلا مدينة جنين وهذا يعني إقصاء مدينة عن مدينة أخرى ما يولد رد فعل طبيعية من المواطنين لمواجهة السلطة وترسيخ حرب أهلية داخلية لذا رفضها من بادئ الأمر إحدى أدوات إنقاذها من محاولة تقليص وجودها الحالي وانهاء مؤسساتها من خلال استخدام أدوات التقييد الممنهجة التي تعمل على ترسيخ صورة روابط المدن وإيجاد عوائل تحكم المدن خدماتيا وتقديم أموال المقاصة لتلك العوائل لتسيير الامور الخدمية للمدن وهذا يعني ذهاب جميع تضحيات الشهداء والأسرى إلى نقطة الصفر واختزال القضية الفلسطينية إلى أحوال خدمية مدنية وانهاء حلم تشكيل دولة فلسطينية.
إن تصريحات نتنياهو الأخيرة فيما يتعلق برفضه تشكيل دولة فلسطينية بعد إنهاء الحرب على غزة إشارة إلى ما نتحدث إليه حول شكل الواقع الفلسطيني المستقبلي رغم الخلاف الدائر بين الإدارة الأمريكية والاسرائيلية حول تصريحات نتنياهو حيث أن الأخير يعلن الطلاق بينه وبين بايدن حول لائحة الخلافات التي تطول ذكرها أهمها حول إدارة الحرب على القطاع وحول اخراج الرهائن الأسرى الاسرائيلين المحتجزين في قطاع غزة وايضا حول آلية ادخال الإمدادات الغذائية والطبية للمدنيين في قطاع غزة وحول من سيحكم القطاع بعد اليوم التالي للحرب فإن الإدارة الأمريكية معنية بسلطة فلسطينية متجددة عن السلطة الفلسطينية الحالية فيما يتعلق رؤية اسرائيل وهي ترسيخ الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة والاتيان بحكومة مدنية مريحة أمنيا لاسرائيل تدير قطاع غزة بعيدا عن حماس وبعيدا عن السلطة الفلسطينية الحالية هذا إشارة إلى رؤية الحكومة اليمينية الائتلافية التي باتت تراهن على مسألة الوقت لتنفيذ مشروعها التهويدي أمام ضعف رؤية المشروع الفلسطيني وعدم التوافق الفعلي بين أطراف النزاع الفلسطيني .