تمكنت حسناء بلغارية كانت تعيش في ألمانيا من الاحتيال على مئات الآلاف من الأشخاص في 175 دولة حول العالم، واستحوذت على ثروة تتراوح بين 15 إلى 50 مليار دولار، ثم اختفت تماما.
تلك المرأة تدعى روجا إغناتوفا، ويصفها مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي بأنها مواطنة بلغارية بشعر داكن وعيون بنية، وقوامها يزيد قليلا عن 160 سنتميتر، وأنها تتحدث اللغات الإنجليزية والبلغارية والألمانية، وكانت استقلت طائرة من صوفيا إلى أثينا في 25 أكتوبر 2017 ثم اختفت من دون أي أثر.
إغناتوفا كانت أطلقت بنهاية عام 2014 مشروعا ضخما لعملة مشفرة أطلق عليها اسم "ونكوين"، "OneCoin"، روج لها في حملات واسعة وباذخة على أنها عملة المستقبل، وأنها ستدمر عملة "البيتكوين" المشفرة، وتحل محاها في البورصات العالمية.
هذا المشروع الاحتيالي الكبير روج له بأسطورة اعتبرتها عملة مشفرة فائقة السرعة وفريدة، وأنها مصممة لتحسين أوضاع المستثمرين وجعل الجميع أغنياء!
مشترو "ونكوين" والمستثمرون وعدوا بتحقيق أرباح خيالية. كتاب إلكتروني لهذه المؤسسة حمل عنوان "فكر وكن ثريا"، في حين جمعت ملكة العملة المشفرة "ونكوين" ملاعب كاملة اكتظت بالمؤيدين المتحمسين في حملاتها الترويجية، وحضر أمامها في ملعب ويمبلي في بريطانيا على سبيل المثال عشرات الآلاف.
الحسناء البلغارية كانت تظهر في تلك المناسبات الباذخة وهي ترتدي فساتين حريرية وتتزين بمجوهرات باهظة الثمن، وكانت علامتها الدائمة الظهور بأحمر شفاه قان.
المرأة التي أقامت صروح هذه المؤسسة المالية الاحتيالية الهرمية، قدمت في وسائل الإعلام في ذلك الوقت على أنها سيدة أعمال موهوبة وعبقرية، وأنها واحدة من أغنى النساء في أوروبا، وأنها تتحدث عدة لغات، وتحمل شهادات أكاديمية من جامعتي أكسفورد وكونستانس، ولاحقا تبين زيف المعلومة الأخيرة.
مؤسسات الاحتيال المالي الهرمية التي انتشرت في العقود الأخيرة، هي عمليات احتيال كبرى تعتمد على ما يعرف بـ"مخطط بونزي"، على اسم تشارلز بونزي، وهو إيطالي هاجر إلى الولايات المتحدة وابتدع هذا النوع من الاحتيال المالي.
بعد نحو 3 سنوات من الاحتيال وسرقة الملايين، اعتقل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي ربيع عام 2017 ، قسطنطين إغناتوف، شقيق ملكة العملة المشفرة المزيفة، وكان يتولى حينها منصب أخته المختفية الشاغر، مديرا لـ"ونكوين".
شقيق ملكة عملة "ونكوين" المشفرة، تعاون مع المحققين الأمريكيين، واعترف بذنبه في الاحتيال وغسيل الأموال، وعقد صفقة مع العدالة، وهو الآن يختبئ بمساعدة برنامج حماية الشهود، فيما كان أكد أمام المحكمة أنه لا يعرف إلى أين توجهت شقيقته، ولا مكان اختبائها.
مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي أدرج في يونيو عام 2022 روجا إغناتوفا في قائمة أخطر 10 مطلوبين، وأعلن عن مكافأة مالية تصل إلى 100000 دولار مقابل معلومات من شأنها أن تساعد في القبض عليها، فيما تنصلت في نفس العام عدة بنوك ومؤسسات مالية مختصة من "ونكوين"، وحظرت التعامل بها.
إدارة الشركة القائمة على عملة "ونكوين" بدورها، قالت إن عملتها المشفرة في الحساب الشخصي للمستخدم، ليست سوى وسيلة لتعليم العملاء كيفية التعامل بهذه العملة المشفرة، ولا وجود لأي ضمان حقيقي، ولا التزامات مالية أو قانونية تجاه الأشخاص والمؤسسات المشترية، وأن الشركة كانت توفر حزم تدريب لسبع مستويات بأسعار تتراوح بين 110 إلى 118000 يورو.
المحزن أن عمليات احتيال هذه الحسناء البلغارية طالت بلدانا فقيرة في إفريقيا وآسيا، وقد استثمر في عملتها على سبيل المثال من أوغندا أكثر من 50000 شخص.
شقيق هذه السيدة كان زار هذا البلد الإفريقي في حملة علاقات عامة لتقديم المساعدات للأسر الفقيرة. هناك التقط الصور مع الأطفال الأوغنديين وهو يداعبهم، فيما كانت مؤسسة شقيقته تحتال على آبائهم وتدفعهم إلى بيع كل ما يملكون بما في ذلك الماعز التي يربونها ويعيشون على منتجاتها، وتحويل الأموال إليها، على أمل الحصول على مردود مالي، يضمن لهم الغنى والرفاهية المفقودتين، إلا أن هؤلاء فقدوا المعزات، وازدادوا فقرا، فيما هربت الحسناء بالمليارات واختفت، كما لو أن الأرض انشقت وابتلعتها.