بقلم: حاييم رامون عاد تهديد الأنفاق الى العناوين الرئيسة. انقضت سنة ونصف السنة منذ اعلن نتنياهو بأن قصف "حماس" وانزال الضربة القاضية عليها يعدان بالا تنتعش لسنوات طويلة اخرى.
وها هي اصوات من باطن الارض واعتراف من اذرع الامن تقض مضاجع سكان غلاف غزة. في "الكريا" لا يطفئون الانوار، وهيئة الاركان تنشغل بلا انقطاع في خلق حلول متعددة الالوان للتصدي للتهديد المتجدد والمتطور على ما يبدو ايضا. أنفاق عليكِ يا اسرائيل. ولكن هذا ليس الانفاق، يا بيبي. هذا "حماس".
نعم، "حماس" ذاتها التي في العام 2008 وعدتَ بان تقضي عليها مع صعودها الى الحكم فورا. ولكن من 2009، في سبع سنوات من حكمك، أخذتْ تتعزز قوتها فقط. فقد أطلقت صواريخها نحو "غوش دان"، جبت اثناء "الجرف الصامد" حياة عشرات الجنود والمدنيين، صمدت في وجه الجيش الاقوى في المنطقة 51 يوما، ودفعت ولا تزال تدفع جهاز الأمن لأن يوظف جهودا عديدة ومليارات الشواكل للدفاع ضد صواريخها ومقذوفاتها الصاروخية وضد تهديد الانفاق. واضح ، يا بيبي، أن الانفاق، صواريخ القسام، الجراد، والمقذوفات تخرج من مستنقع لم تجففه.
وطالما هو قائم، فان بعوض "الارهاب" سيواصل البحث عن السبل لقرصنا، ما سيجبي منا اثمانا دموية ودماء غالية. فلماذا، إذاً، لا تعمل اليوم على القضاء على حكم "حماس" في غزة، الامر الذي وعدت به وكان بوسعك أن تحققه في حملة "عمود السحاب"، وبقوة اكبر في "الجرف الصامد"؟ فالعالم الغربي علق عليك الآمال. الدول العربية المعتدلة وعلى رأسها مصر حثوك على ان تُصفي حكم "حماس".
مصر تعمل على نحو متواصل، بقوة وبتصميم ضد "حماس"، وتجتهد لتقطعها عن مصادر التمويل عبر سيناء. ولكنك انت، يا بيبي، فضلت كل الوقت استمرار حكمها، أدرت معها مفاوضات على وقف نار وعلى اعادة بناء غزة.
وحتى اليوم تواصل الاتصالات السرية، من خلال وسطاء وبطرق مختلفة، كي تصل معها الى تسوية طويلة المدى. لشدة المفارقة، اسرائيل بقيادتك، الى جانب قطر والمتعاونين معها، هي الدول الوحيدة في العالم التي تؤيد بثبات استمرار حكم "حماس". والتعبير الاكثر وضوحا عن ذلك هو مئات الشاحنات التي تنقل كل اسبوع لتموين غزة، والذي يسمح لـ"حماس" ليس فقط بالبقاء بل وبتعزيز قوتها ايضا.
ذروة العبث الذي خلقته هو التوريد المتواصل لمواد البناء، التي يستخدم القسم الاكبر منها لاقامة انفاق "الارهاب". ليس لطيفا القول، ولكنك يا بيبي عمليا أنت البناء الرئيس للمشروع المخصص للمس بمواطني اسرائيل. فلماذا مثلاً لا تفكر بالإعلان عن انه اذا لم تكف "حماس" عن بناء الانفاق فسيتوقف توريد مواد البناء الى غزة؟ بانه اذا لم تستخدم المقدرات ومواد البناء لبناء وترميم المنازل والمستشفيات ولتكون مكان رزق لمئات آلاف العاطلين عن العمل فانها لن تصل الى غزة. انت تتهم التحريض الفلسطيني منفلت العقال بصفته السبب الرئيس لـ"الارهاب" في الاشهر الاخيرة. على رأس هذا التحريض تقف "حماس".
زعماؤها يروجون علنا وصراحة لتصعيد اعمال "الارهاب"، ويحتفلون بعد كل عملية. ولكنك تمنحهم الحصانة، تواصل ضخ الاكسجين باستمرار الى رئات نظامهم وتضمن استمرار حكمهم. فما هو، إذاً، معنى هذه السياسة الخطيرة. هذا مكشوف، يا بيبي، مكشوف، مكشوف. السلطة الفلسطينية خطيرة من ناحيتك اكثر بكثير من "حماس". فالجسم الشرعي، الذي يعترف به العالم كممثل للشعب الفلسطيني، ويطالبك باجراء مفاوضات معه على "حل الدولتين"، هو التهديد الاساس على ايديولوجيا "ولا شبر" خاصتك. سياستك – الحفاظ على الوضع القائم – هي، عمليا، ضم زاحف لمناطق "يهودا" و"السامرة" لاسرائيل. في الاسابيع الاخيرة عدت وشددت على أن على اسرائيل ان تواصل السيطرة في كل مناطق الضفة – "من اجل أمننا".
أنت تعرف بان السلطة الفلسطينية تقاتل - ايديولوجيا وعمليا – ضد "الارهاب" بكل ما في وسعها. والتنسيق الامني بين اجهزة السلطة واذرع الامن لدينا، ينقذ كل يوم حياة عشرات الاسرائيليين. ولكن ابو مازن، المعني بالاستقلال الفلسطيني المجرد من السلاح، خطير في نظرك اكثر من هنية، رئيس حكومة "حماس". ولهذا فانك تفضل التعاون الهادئ مع "حماس" "الارهابية" وتضمن حكمها. فهي لن تطالبك ابدا بالمفاوضات لحل سياسي للمشكلة الفلسطينية.
عن "يديعوت" -