الجوع يدفع المواطنين في غزة إلى بدائل صعبة

20242502082355.jpg
حجم الخط

وكالة خبر

غزة - أ ف ب: في مخيم جباليا للاجئين، شمال قطاع غزة، يعيش عشرات آلاف المواطنين بأوضاع كارثية وصعبة، في ظلّ تفشّي الجوع الذي دفع أبو جبريل إلى ذبح حصانَيه الاثنين لإطعام أطفاله وجيرانه.
وقال أبو جبريل (60 عاماً): "لا خيار أمامنا إلّا ذبح الحصان لإطعام الأطفال. الجوع يقتلنا، ولا توجد أي أنواع من الخضراوات، ولا طحين ولا مياه شرب".
وأضاف: "لدي حصانان كنت أشتغل عليهما في أرضي الزراعية في بيت حانون، دمّروا بيتي وجرفوا أرضي. قرّرت ذبح الحصانين لمساعدة عائلتي وعائلات أقاربي وجيراني في الحصول على الطعام".
وأعلنت وزارة الصحة في غزة، أنّ طفلاً يبلغ من العمر شهرين يدعى محمود فتوح توفي جراء سوء التغذية في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، على بعد سبعة كيلومترات من جباليا.
وكان مخيّم جباليا، الذي أُنشئ في العام 1948، والذي يغطّي مساحة 1,4 كيلومتر فقط، الأكبر بقطاع غزة قبل العدوان الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول الماضي.
فرّ أبو جبريل من بيت حانون القريبة عندما اندلعت الحرب. وبات منزله مع عائلته عبارة عن خيمة بالقرب من مدرسة الفالوجا التي تؤوي نازحين.
قبل الحرب، كانت المياه الملوّثة وانقطاع التيار الكهربائي مشكلة في المخيّم المكتظ بالسكّان. وكان الفقر الناجم عن ارتفاع معدّلات البطالة مشكلة أخرى بين سكّانه، الذين يزيد عددهم على 100 ألف نسمة.
الآن، بدأ الطعام ينفد في ظلّ عدم قدرة وكالات الإغاثة على الوصول إلى المنطقة، جراء القصف ونهب الشاحنات القليلة التي تحاول العبور.
وأفاد برنامج الأغذية العالمية بأنّ فرقه أبلغت عن "مستويات غير مسبوقة من اليأس"، بينما حذّرت الأمم المتحدة من أنّ 2,2 مليون شخص باتوا على شفا المجاعة.
في المخيّم، ينتظر أطفال بترقّب بينما يحملون علباً بلاستيكية وأواني طهي مكسّرة للحصول على الطعام القليل المتاح.
ومع تضاؤل الإمدادات بالغذاء وارتفاع الأسعار، يشكو شاب من أنّ سعر كيلو الأرز ارتفع من سبعة شواكل إلى 55 شيكلاً. وقال بغضب، مشيراً إلى طفل بجانبه: "نحن الكبار لا يهمّنا.. أمّا الصغار الذين تبلغ أعمارهم أربع وخمس سنوات، فما الذي ارتكبوه من ذنب كي يناموا جائعين ويستيقظوا جائعين؟".
وحذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" من أنّ النقص المقلق في الغذاء، وتزايد سوء التغذية والأمراض، قد يؤديان إلى "انفجار" بعدد وفيات الأطفال في غزة.
ويتم التداول على مواقع التواصل الاجتماعي بمقطع فيديو لطفل يقدّم على أنه محمود فتوح، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، نتيجة سوء التغذية، وفق ما قالت وزارة الصحة في قطاع غزة المحاصر.
ويعاني واحد من كل ستة أطفال دون الثانية من العمر في غزّة من سوء التغذية الحاد، وفق تقديرات لمنظمة "اليونيسيف" نُشرت في 19 شباط الجاري.
وفي محاولة لسدّ جوعهم، اعتاد سكان قطاع غزة على تناول بقايا الذرة الفاسدة والأعلاف الحيوانية غير الصالحة للاستهلاك البشري، وحتّى أوراق الشجر.
وقالت امرأة موجودة في المخيم: "لا أكل ولا شرب، ولا طحين"، مضيفة: "بدأنا نتسوّل من الجيران، ولا شيكل في الدار. ندقّ الأبواب في الحارة ولا أحد يعطينا مالاً".
وتتصاعد حدّة التوتر في جباليا بسبب نقص الغذاء وتداعياته فيما نُظّمت، الجمعة الماضي، وقفة احتجاجية شارك فيها عشرات الأشخاص. وحمل طفل في التظاهرة لافتة كتب عليها "لم نمت من القصف، لكننا نموت من الجوع". ورفع آخر عالياً لافتة كُتب عليها "المجاعة تنهش لحومنا وأجسادنا"، بينما هتف المتظاهرون: "لا لا للجوع، لا لا للإبادة الجماعية، لا لا للحصار".
على مدى الأسابيع والأشهر الماضية، أدى القصف الإسرائيلي المتواصل إلى تحويل غزة إلى دمار.
لم يخبر جبريل أحداً بقراره ذبح الحصانَين. طبخ اللحم مع الأرز، وقدّمه لعائلته وجيرانه. ورغم الحاجة، قال: إنّه لا يزال قلقاً بشأن ردّات فعلهم.
وأضاف: "لا أحد يعرف أنّه يأكل لحم حصان".