تستخدم دولة الاحتلال الغذاء والماء والطاقة والأدوية وغيرها من الضروريات الأساسية للإنسان كأسلحة حرب ضد سكان غزة خلال العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع المحاصر. استخدام التجويع وغيره من أشكال العقاب الجماعي يرتقي لتعريف جريمة حرب ضد الانسانية.
إسرائيل تستخدم الغذاء كسلاح ضد المدنيين من خلال منع إيصال أي إمدادات غذائية أو مساعدات إنسانية عمدا، مما أدى إلى تحويل انعدام الأمن الغذائي الحاد في القطاع إلى مجاعة، مع وفاة الأطفال من الجوع وسوء التغذية. كما يتم استخدام المياه كسلاح، فتم قطع إمدادات المياه منذ أكتوبر 2023، مما أدى إلى تحويل أزمة المياه في قطاع غزة تحت الحصار الإسرائيلي إلى كارثة إنسانية.
تظهر الأدلة المتزايدة استخدام الغذاء والطاقة والأدوية وغيرها من الضروريات الأساسية كوسائل للحرب، مما يفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، ويؤكد ضرورة محاسبة جميع الأطراف الفاعلة على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
تسليح الحاجات الانسانية الأساسية محظور في القانون الإنساني الدولي، حيث تعتبر المياه والغذاء والدواء والطاقة من حقوق الإنسان الأساسية وفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة 1948. المادة 25 تنص على ان لكل فرد الحق في مستوى معيشي ملائم للصحة والرفاهية، بما في ذلك المأكل والملبس والمسكن والرعاية الطبية.
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مهّد الطريق لأكثر من سبعين معاهدة لحقوق الإنسان، بما في ذلك أحكام اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 البالغ عددها 159 والتي تحمي المدنيين في مناطق القتال المسلح والأراضي المحتلة. ويفصل الجزء الثاني من الاتفاقية الحماية العامة للسكان من عواقب الحرب، ويحدد الحماية للنظام الصحي والمراكز الطبية ومقدمي الخدمات والمسعفين والممرضين والأطباء والمرضى، حيث يتمتعون جميعًا بحماية واضحة في أوقات الحرب. وتنص المادة 3 على أنه في حالة النزاع المسلح غير ذي الطابع الدولي الذي يحدث في إقليم أحد الأطراف المتعاقدة، يلتزم كل طرف في النزاع بتطبيق أحكام الحماية والمعاملة الانسانية كحد أدنى تجاه الأشخاص الذين لا يتخذون أي طرف فعال في الأعمال العدائية، بما في ذلك الأفراد المسلحين الذين ألقوا أسلحتهم، والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الاصابة أو الاحتجاز دون أي تمييز. اتفاقية جنيف الرابعة المحددة للقانون الدولي الإنساني وقت الحرب، اكدت في المادة 55 على الحق بالإمدادات الغذائية والطبية للسكان، والمادة 147 تحدد الانتهاكات التي تنطوي على أي من الأفعال التالية، إذا ارتكبت ضد أشخاص أو ممتلكات تحميها هذه الاتفاقية: القتل العمد، أو التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك التجارب البيولوجية، أو التسبب عمداً في معاناة شديدة، أو إصابة خطيرة للجسم أو الصحة، أو الترحيل أو النقل غير القانوني أو الحبس غير القانوني، أو حرمان شخص عمدًا من حقوقه في محاكمة عادلة، وأخذ الرهائن والتدمير والاستيلاء على الممتلكات. دولة الاحتلال تخالف كل هذه البنود دون رادع دون محاسبة!
إن حقيقة قيام إسرائيل بتوظيف الحاجات الإنسانية كسلاح يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الانساني في العديد من المواد التي تضمن حماية المدنيين، وتضع في الواقع المسؤولية على عاتق قوة الاحتلال لتوفير تلك الاحتياجات الإنسانية الأساسية.
ومن الجدير بالذكر أن هناك حاجة لاتخاذ إجراءات فورية، يجب اتخاذها من جانب جميع الدول الأعضاء لإنهاء أعمال الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة كما أفادت محكمة العدل الدولية. ويجب على جميع الدول أن تفي بالتزاماتها الأخلاقية والقانونية على النحو المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، وإعلان حقوق الإنسان 1948، واتفاقيات جنيف الرابعة 1949، واتفاقية حقوق الطفل 1989، واتفاقية الإبادة الجماعية 1949.
اما تبني أسلوب الانزالات البهلواني لإنقاذ الغزيين من المجاعة فهو استخفاف بالعقول وانعدام المسؤولية الأخلاقية القانونية، واللجوء لميناء وممر مائي لتوفير المساعدات هو اقل حيلة امام هذا النظام العالمي الذي يقف عاجزا لوقف المجاعة والابادة، ومن الخطير ان يتم استخدام هذا الجسر كوسيلة لتسهيل التهجير الطوعي.
ونذكر أن توفير الغذاء والماء والإمدادات الطبية من قبل الأنظمة المختلفة لسكان غزة، هو مسؤولية قانونية على أعضاء المنظومة الدولية. هذه الدول التي تعتمد الانزال والان تحضر لجسر مائي يشترط التنسيق مع الاحتلال وموافقته بالدرجة الأولى لاستخدام المجال الجوي والبحري، كان الاجدر بها تذكير الحكومة الإسرائيلية بانها تنتهك كافة قوانين الحرب، والزامها بفتح المعابر البرية لإدخال المساعدات الدولية، لتجنب المجاعة والموت الذي تعتمده دولة الاحتلال من خلال عدم السماح بدخول المساعدات الإنسانية عبر المعبر.
العالم يتغاضى عن سياسة نيكرو موثقة، هدفها التخلص من المدنيين من خلال التجويع، وهذه جريمة ضد الانسانية.
يكتفي العالم بالانصياع للشروط الإسرائيلية دون اتخاذ التدابير اللازمة لفرض الحقائق على نتنياهو وحكومته حسب مقتضيات القانون الدولي الإنساني.
قبول نتنياهو لاستخدام المجال الجوي هو اثبات لنيته في إهانة الشعب الفلسطيني، والتعامل بفوقية مع المجتمع الدولي، ودليل على افلاته من العقاب في ظل التواطؤ والصمت عن كل هذه الجرائم والانتهاكات بحق الإنسانية في القرن ٢١.
الغذاء حق محفوظ في القانون الدولي الإنساني واستخدامه كسلاح يوظف في جريمة الإبادة محرم دوليا. نقدر قيام الدول بإيجاد حلول مبتكرة لتوفير المساعدات، ولكن القاعدة في انفاذ القانون ووضع إسرائيل عند التزاماتها الطبيعية حسب النظام الدولي او توظيف الدبلوماسية الثنائية القسرية او متعددة الاطراف باعتبارها منعزلة خارج هذه المنظومة الدولية بشكل صريح.