بقلم: أفيعاد كلاينبرغ
يطرح قانون التجميد المقترح مشكلة مبدئية، أجاد الرئيس رؤوبين ريفلين في الاشارة اليها: «النواب الذين وقعوا في خطيئة الجريمة الجنائية، او يوجد اشتباه بمخالفة جنائية من جانبهم، يتعين على المستشار القانوني للحكومة أن يأمر بالتحقيق والفحص في شأنهم، وينبغي ان يقدموا الى هيئة قضائية جنائية ذات صلة بعد رفع حصانتهم».
تعكس أقوال ريفلين المبدأ الوحيد الذي يجب أن يتبع في البحث في سلوك النواب. من الواضح أن للجنة الاخلاق الحق في معاقبة النواب الذين تبينت علة في سلوكهم الاخلاقي.
في هذا فان حماة القانون محقون. ولكن من الواضح بالقدر ذاته انه لا ينبغي توسيع مجال القضاء الاخلاقي ليشمل المواقف السياسية.
فلجنة الاخلاق يفترض بها أن تجمد نوابا يسم سلوكهم المجلس النيابي بالعار، وليس نوابا تغيض اراؤهم الاغلبية. يمكن للنائب ان يعتقد مثلا بان النساء هن كيانات دون الرجال بيولوجياً وثقافياً. يمكنه أن يعتقد بان قانون العودة لا يجب ان ينطبق الا على الاشكناز.
هذه مواقف تبعث على النفور وجديرة بالشجب، ولكنها طالما لا تجتاز الحد الذي يفصل بين المسموح والممنوع من ناحية القانون، فان عقابها يجب أن يجد تعبيره في رفض التعاون مع اصحاب هذه الاراء في الساحة السياسية وشجبهم جماهيرياً وليس بالتجميد.
فالحصانة التي تعطى للنواب تأتي من أجل السماح لهم بالتعبير دون خوف، باسمهم وباسم مرسليهم، عن مواقف يرفضها ويشجبها آخرون.
من المهم أن نتذكر بان ليست فقط الاراء التي نمقتها اليوم كانت تعتبر ذات مرة مرفوضة بل ايضا الاراء التي اصبحت لاحقا طبيعية. ففي مجتمعات عديدة تعتبر فرضية ان اليهود، او النساء، او السود، او اللوطيين جديرون بالمساواة التامة فرضية تعرض سلامة الجمهور للخطر. وليس العنصريون المعلنون فقط اعتقدوا بانه لا يجب ان يفرض على البيض السكن في مكان واحد مع السود أو تناول الطعام معهم في المطاعم ذاتها. فحتى الليبراليون في نظر أنفسهم اعتقدوا ذلك.
اما الاصوات، التي كانت قليلة في البداية، التي دعت لالغاء الفصل العنصري، فقد اعتبرت كاراء تعرض النظام الاجتماعي بأسره للخطر بصفتها «محبة للسود». الديمقراطية هي نظام يعطى فيه لمنتخبي الجمهور حقوق مميزة للتعبير عن مواقف غير شعبية، تكون محمية من الضغوط العادية التي يمكن ان تمارس على الناس: من التخوف، من الاسكات، من فقدان العمل ومن الضرر الجسدي. وحتى للنائب الوحيد حق في أن يسمع صوته ضد اغلبية ساحقة من المعارضين، لانه يوجد ما يكفي من الناس بين الجمهور ممن انتخبوه كممثل لهم.
ان الفكر الذي يقف خلف هذه الحماية الزائدة والشاذة (انطبق، لتذكيركم، حتى على نائب ارتكب بيقين مخالفة جنائية، إذ انه ليس مثل باقي الناس، لا يمكن القاؤه الى السجن دون مسيرة معقدة وطويلة لنزع الحصانة) يأتي للتأكد من ان الجمهور سيستمع لكل رأي، الا اذا اعتبر مخالفة للقانون، يرغب عدد معين من الناخبين (المقعد) في أن يسمعوه. فهل ينطبق هذا المبدأ ايضا على النواب الذين يؤيدون «الارهاب»؟ الجواب الواضح هو لا.
تأييد «الارهاب» هو مخالفة للقانون. فلماذا، إذاً، نحتاج الى آلية اضافية للتجميد بدعوى «التأييد اللفظي لمخرب وحيد مثلا»؟ لان مقترحي القانون يسعون لاستخدام الآلية المقترحة كأداة لتهديد النواب. فما هو التأييد اللفظي؟ هل قول تحية سلام هو تأييد لفظي؟ هل تحية «فليحفظك الرب» هي تأييد لفظي؟ هل العناق هو تأييد؟ ومن سيقرر؟ كلما كان التعريف غامضا أكثر (ما هو بالضبط «رفض الطابع اليهودي والديمقراطية لاسرائيل؟» هل المطالبة بالفصل التام للدين عن الدولة هو رفض «للطابع اليهودي»؟) من الواضح اكثر أن هدف المبادرة هو معاقبة مندوبين للجمهور يعملون حسب القانون وفي اطاره.
بتعبير آخر، الاسكات والتخويف بخلاف تام مع روح قانون الحصانة وروح الديمقراطية. والاخطر من هذا، من الواضح جدا أن المبادرة مفصلة حسب مقاييس النواب العرب. فهي لا تستهدف منعهم من الانشغال بـ «الارهاب» – فلهذا الغرض توجد للدولة ما يكفي من الوسائل – بل لحرمانهم من حرية العمل والحديث، واللذين بدونهما لا توجد ديمقراطية (هذا ايضا، يقال في صالحه، يفهمه رئيس الدولة). المبادرة الجديدة تعرض كتعبير عن الديمقراطية المدافعة عن نفسها. هذه ليست ديمقراطية مدافعة – هذه ديمقراطية منهارة.
عن «يديعوت» -