من نجم إسبانيا القادم الأمين جمال (16 عاما) إلى هدّاف ومنقذ البرازيل الواعد إندريك (17 عاماً) مروراً بكوبي ماينو (18 عاماً) المتألّق مع إنجلترا، لاعبون شباب يقدمون أنفسهم بقوة على مسرح كرة القدم العالمية.
وخلال المباريات التحضيرية الأخيرة استعداداً لكأس أوروبا 2024، انبهر عشاق الساحرة المستديرة بهذه المجموعة من اللاعبين الذين يُمكن أن ينضم إليهم نجم وسط سان جرمان الفرنسي وارن زاير-إيمري (18 عاماً) ومدافع برشلونة الإسباني باو كوبارسي (17) بسبب وصولهم السريع جدا إلى اللعب على المستوى الدوليّ.
وهذا النضج المبكر الذي كان نادرا السنوات الماضية، يبدو أنه سيصبح اعتياديا ومُعمّما، لكن يتبعه مخاطر بالنسبة للأولاد الذين تخلَّصوا للتو من سن المراهقة.
ويعد الإسباني بويان كركيتش -الذي بدأ مسيرته مع برشلونة- أحد اللاعبين الذين دفعوا ثمن الصعود السريع، حين عُدّ أنه الأرجنتيني ليونيل ميسي الجديد بداية مسيرته في الـ16 من العمر عام 2007.
وقال الجناح الذي يبلغ اليوم 33 عاماً ولعب أخيراً مع فيسيل كوبي الياباني -لصحيفة "إل موندو"- هذا الأسبوع "حدث كل شيءٍ بسرعةٍ كبيرة. بتّ أشارك بشكلٍ أساسي، أسجّل الأهداف، أصبح لي دورٌ في الفريق وجذبت انتباه المنتخب.. كان يُتوقّع مني الكثير ولم أكن إلّا طفلاً".
في الوقت الذي كان يُتوقّع له مسيرة استثنائية، عانى بويان من نوبات قلق، وشهدت مسيرته تباطؤاً وانتهى به الحال معتزلاً بسن الـ32 في مارس/آذار 2023.
التوازن
بويان مثالٌ من بين الكثير من اللاعبين الذين يثيرون الكثير من التساؤلات حول هذه الظواهر أبرزها:
- كيف يمكن إدارة تطورهم الجسدي؟
- كيف يمكن مساندتهم ذهنياً عندما يتسارع كل شيء؟
ويقول الإسباني خوسيه بيدروسا غالان، لاعبٌ سابقٌ وطبيبٌ نفسيّ مختصّ بالرياضة "في هذا العمر يجب أن يتابع اللاعب نفسياً، لكسب المعرفة التي تساعده على التعامل مع الضغوط، والتوتّر والمتطلبات العالية".
ويضيف "يجب أن يكون لديه توازن بين حياته الرياضية والشخصية، العائلة يجب أن تلعب دوراً رئيسياً أيضاً. يُفترض على الوالدين أن يُبقيا قدميه على الأرض ويُوفّرا له بيئة مستقرة وطبيعية".
ويحاول برشلونة أن يوفّر هذه الظروف للاعبيه الواعدين. لكن نظراً للقيود المالية التي يواجهها، لم يكن لدى النادي الكاتالوني خيار سوى الاعتماد على أكاديمية "لا ماسيا" السنوات الماضية لتعزيز صفوفه.
ولم يخطئ مدرب الفريق وأحد أساطير النادي تشافي هرنانديز في وضع ثقته بالشابين جمال وكوبارسي هذا الموسم. وقال تشافي عنهما إنهما قادران على "كتابة فصل في تاريخ هذا النادي، بل في عالم اللعبة أيضاً".
وفي الموسم المقبل، سيكون جمال وكوبارسي في منافسة مع الواعد البرازيلي إندريك الذي ينضم إلى مواطنيه فينيسيوس جونيور ورودريغو في ريال مدريد هذا الصيف.
لكن هذه المواهب يجب أن تحذر من ألسنة النار التي قد تحرق أجنحتهم، كما حدث في برشلونة تحديداً، حيث بدا أن جيلًا ذهبيًا قد برز للتألق حول المهاجم أنسو فاتي ولاعبي خط الوسط بيدري وغافي، حتّى تغيّرت الظروف.
سيناريو جهنّمي
بدأ فاتي مسيرته الاحترافية في عمر الـ16 عاماً، وكان من المتوقّع أن يكون لديه مستقبلٌ باهرٌ، وهو الذي ورث الرقم 10 الذي حمله أسطورة النادي ميسي. لكن الإصابات المتكررة سرعان ما أعادته إلى أرض الواقع. اليوم، وبعد 5 سنوات على مباراته الأولى بقميص النادي الكاتالوني، يجد نفسه معاراً إلى برايتون الإنجليزي حيث سجّل 4 أهداف في 23 مباراة ضمن جميع المسابقات.
زميله السابق بيدري هو الآخر من مواليد 2002. بدأت مسيرته الاحترافية بسرعة. لعب بشكلٍ مستمرٍّ مع فريقه ونال الاستدعاء الدولي بشكلٍ أسرع. وقدّم أداءً لافتاً ووصل مع منتخب "لا روخا" صيف 2021 إلى نصف نهائي كأس أوروبا ونهائي أولمبياد طوكيو.
ومنذ ذلك الحين، تزايدت المشكلات العضلية لدى اللاعب الذي بدأ مسيرته مع لاس بالماس حيث خاض موسماً واحداً قبل الانتقال إلى برشلونة. وخرج باكياً في المباراة الأخيرة التي لعبها أمام أتلتيك بلباو في 3 من الشهر الجاري بعدما تعرّض لإصابةٍ جديدة.
السيناريو عينه حدث مع غافي (19 عاماً) زميله في خط الوسط الذي سُرعان ما بات ركيزة لا يُمكن الاستغناء عنها في تشكيلتي برشلونة وإسبانيا، حتّى تعرّض لإصابةٍ مؤلمة في الرباط الصليبي لركبته اليُمنى في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ومع اقتراب جدولٍ مزدحمٍ بالمباريات هذا الصيف في ظل خوض المنتخبات كأس أوروبا في ألمانيا وأولمبياد باريس، يُمكن أن تكون الصعوبات التي يواجهها اللاعبون الشباب في برشلونة درساً للأندية التي تضع كل ثقلها على لاعبيها الشباب.
ويوصي خوسيه بيدروسا غالان، لاعبٌ سابقٌ وطبيبٌ نفسيّ مختصّ بالرياضة، بـ"الحاجة إلى تطوير أشكال الدعم والتوجيه والإدارة العاطفية حتّى يخلف اللاعب هوية غير مرتبطة حصراً بمسيرته الرياضية".
المصدر : وكالات