السنوار على بعد عشرة امتار من خطاب الانتصار ..

lFDcS.png
حجم الخط

بقلم : حمدي فراج

انسحب جيش إسرائيل الذي لا يقهر من غزة فجأة و “على السكت” كما يقال بعد ستة اشهر من القتال المخجل المجرم المشين المعيب الذي لم يبق على أي من موبقات و فظائع البشرية في تاريخها السحيق و الحديث ، الا و قام بارتكابه ، آخرها مجزرة عمال الإغاثة الأجانب في المطبخ الدولي ، و أبقى على بضع مئات من جنوده للفصل بين شمالي القطاع و جنوبه . تبريرات هذا الانسحاب ، قد تنطلي على الجمهور الإسرائيلي ، ليس كله بالطبع ، ووفق المظاهرات واستطلاعات الرأي ، فإن غالبية هذا الجمهور ، ضاقت ذرعا بالحكومة والمعارضة و الجيش والمخابرات والحريديم و العِلْمان و بإسرائيل ذاتها .

من ضمن التبريرات إعادة التموضع ، الاستعداد لاجتياح رفح ، الراحة ، استعادة اللياقة . و بقدر ما أخطأ المخططون لهذه الحرب غير العادلة و أهدافها غير القابلة للتحقق ، معلنة و مستترة ، في ستة أشهر بدلا من شهرين ، و ما لاقوه من تشجيع شبه اجماعي محلي واقليمي و عالمي “كوكتيل” ، يخطيء هؤلاء مرة أخرى في قراءة الانسحاب من منظور التبريرات أعلاه .

الانسحاب العسكري يأتي بعد يوم او يومين من السماح بإدخال المساعدات (500 شاحنة في اليوم) وفتح المعبر الأكبر والاهم والاقرب للقطاع و بالتحديد شماله ، معبر بيت حانون “ايريز” لأول مرة ، لينتهي “التجويع” وينتهي معه قصف الجائعين و الشاحنات والانزالات الجوية و ربما البحرية .

خلال أيام ، ستشهد مفاوضات الهدنة انفراجة حتمية ، منسجمة و متناغمة مع الانسحاب العسكري و انتهاء الحصار الغذائي ، وهي بالتأكيد مفاصل المكالمة الهاتفية الأخيرة بين بايدن و نتنياهو التي يقال انها استمرت لخمسين دقيقة ، كان فيها تهديد نوعي من أمريكا لإسرائيل بقلب المواقف ، لن يسمح بايدن ان يمر وقت آخر على هذه المقتلة وهذا الوحل وهذا المعمعان ، يكاد الحزب الديمقراطي يخسر مواقعه كلها بسبب إسرائيل و بنيمينها النتنياهو ، لا ينفع الاستمرار في كل ذلك اكثر من ستة أشهر ، حتى لو كانت غزة بكين و رفح برلين كما قال سماحة السيد .

لقد التقط دونالد ترامب الرسالة ، ست ولايات ديمقراطية أصبحت تتأرجح كفيلة بأن تمنحه قيادة الدفة . لكن ، من قال ان هذا مقتصر على ترامب فقط ، أليست مطالب الانسحاب ووقف القتال و ادخال المساعدات و عودة النازحين هي مطالب حماس ممثلة لفصائل المقاومة في غزة و غير غزة ، أليس من حق حماس بدء الاستعدادات لاعلان النصر على إسرائيل التي لم تحقق هدفيها المعلنين في القضاء عليها و إعادة المحتجزين ، حيث بعد أربعة اشهر من القتال في خانيونس ، نجحت في استعادة جثة .

واذا كان تصريح نتنياهو الأخير انه يفصله عن النصر المؤكد والمطلق خطوة واحدة ، لا نعرف كم شهرا ستستغرق ، فإن الذي يفصل حماس عن الفوز في هذا السباق الطويل والعسير عشرة أمتار فقط ، لن يسمح السنوار بعدها لحكومة التكنوقراط و لا لغيرها اعتلاء المنصة لالقاء خطاب النصر ، فقد قيل ان عدم انتصار القوي “الذي لا يقهر” في الحرب تعني هزيمته ، و عدم انهزام الضعيف ، تعني انتصاره .