، ربما يصبح تاريخ 13 / 14 أبريل 2024 حدثا استدلاليا لطبيعة "الصفقات" بين من يدعون علانية خصومة حادة، تنتهي داخل غرف مغلقة بتفاهمات فريدة، ما حدث بين بلاد فارس والأمريكان، وهو كما كشفته وسائل إعلام متعددة اللغات، بينها الفارسية بلسان وزير الخارجية الإيرانية الذي نطقها بوضوح يحسد عليه، بأن بلاده أبلغت واشنطن، عبر تركيا (مرشحة لقناة اتصال مع دولة الكيان) قبل 72 ساعة، وحددت لها طبيعة الرد ونوعيته.
ولاحقا بدأت تتضح معالم صفقة حدثت قبل انطلاق الرد الإيراني مع واشنطن، وهو ما ردت عليه أمريكا فورا بالضغط على دولة الكيان ورئيس حكومتها الفاشية بعد الرد، بأنها لن تكون إلى جانبها في أي "عملية طائشة" ضد إيران، دون أن تضع خطوطا حمراء زمنيا لذلك.
الموقف الأمريكي السريع جاء لإدارة معركة سياسية بعد ما رأته "نصرا استراتيجيا" لها، بتأكيد أنها القوة الأكبر والمقررة في منطقة الشرق الأوسط والبحر الأحمر، ما يمنحها قدرة في فرض رؤيتها التي تتحرك نحو مشهد جديد.
ولكن، ورغم التظاهر بـ "الانصياع الإسرائيلي المؤقت" للطلب الأمريكي بعدم الرد الفوري، فذك لا يعني أبدا، وضعه جانبا الى زمن، بل يبقى خيارا يجب تنفيذه كجزء من قرار "الردع" الذي تعمل دولة الكيان على تأكيده لقوتها في المنطقة، وخاصة وهي تبحث على المشاركة الفعالة في المستقبل القريب، لصياغة علاقاتها التطبيعية، وخاصة العربية السعودية، الهدف المركزي لها منذ فترة، تعطلت بسبب حرب غزة، فبدون رد تأثيري ضد إيران لن تكون طريق الرياض مفتوحة أمام حركة التطبيع المستحدث، وقد يكون ثمنه المطلوب سعوديا مرتبط بالقضية الفلسطينية فوق "الممكن الإسرائيلي".
دولة الكيان الفاشي، تعلم يقينا، أن ترويج قدراتها الردعية في المنطقة، يرتبط ارتباطا وثيقا بالسلوك نحو بلاد فارس، وقدرتها على البروز كقوة فعل تنفيذية ضد أي خطر محتمل، ولذا ستعمل على الرد بطريقتها الخاصة، وبما لا يضعها في "صدام مباشر" مع الولايات المتحدة سيكون ثمنه فوق قدرتها الاستيعابية، لأنها تكون كسرت خطا أحمرا يمس المصالح الاستراتيجية الأمريكية في الصراع الدولي والإقليمي.
"التصعيد الإعلامي الإسرائيلي" حول ضرورة الرد على "الهجوم" الإيراني، رغم فشله العسكري الكامل، لكنه أصاب بعضا من "هيبتها" التي تتفاخر بها، أصبح القضية الأهم في الجدول السياسي داخل دولة الكيان، لم يختلف عليه موالاة ومعارضة، وحدود التباين تبدأ عند المس بالعلاقة مع واشنطن.
ويبدو أن التسريبات التي بدأت تتسلل إعلاميا حول طبيعة الرد الإسرائيلي والخيارات الممكنة، تدخل في سياق البحث عن "صفقة خاصة" مع الإدارة الأمريكية، يمكنها استخدامها لابتزاز إيران في قضايا إقليمية متعددة، بدلا من الضغط باتجاه محاصرة الرد ورفضه من حيث المبدأ.
دولة الكيان، وضعت الرد خيار لا بد منه، ولكنها تذهب نحو مساومة مركبة، تخدم مصالح أمريكا في الضغط على إيران، تحت التهديد الإسرائيلي، وبقاء القدرة على الانتقام دون أن تفتح حربا موسعة، ما يضعها في مواجهة مع دول غربية وليس أمريكا فقط، خاصة بعد الإشارة الى احتمالية قريبة جدا للرد العسكري المضاد.
حكومة الفاشية اليهودية تعمل من أجل من تمرير صفقتها مع واشنطن، ما يمنحها حركة الفعل المضاد عبر أشكال لا تقود الى حرب إقليمية بملامح دولية، تعزز مكانتها كرأس حربة عسكرية لا بد منها، ليس لطموح دولة الكيان فحسب، بل لخدمة الأبعاد الاستراتيجية للمعسكر الغربي الاستعماري، لتصويب معادلة الاهتزاز التي حدثت موضوعيا بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
الصفقة الإسرائيلية مع أمريكا لن تكون "سلسلة التنفيذ"، لكنها قد تكون "الخيار الأقل كلفة" على المصلحة الأمريكية العليا في منطقة الخليج والشرق الأوسط، استباقا لرسم المشهد القادم في ظل "صراع النفوذ المتسارع مع روسيا والصين".
هل تنجح "شهوانية إسرائيل العدوانية" في رد دون تكلفة تكسر به "الهيبة الإيرانية"، أم تسحب بلاد الفرس لمربع مواجهة غير محسوب النتائج لها..تلك هي المعادلة الأكثر تعقيدا ولكنها معادلة الضرورة.
ملاحظة: انتشرت حملة من التنكيت غير المسبوق بكل اللغات على "فعلة الفرس" ضد الكيان..لكن أن يقوم سفير دولة الفاشيين في مجلس الأمن باستخدام المسجد الأقصى لتبيان خطر ايران فتلك هي "أم المساخر"..طيب يا ابن اللي بتسماش هو في حدا بالدنيا دنس المسجد أكثر منكم..شيلة تشيلكم.
تنويه خاص: لا زال البعض الفلسطيني لم يتعلم من نتائج أفعاله بالانحياز الغبي لمحور الوهم..اذا الكلام عندكم ببلاش تذكروا أنه صار حقه دم عند شعب فلسطين وخاصة في قطاع غزة...وآخرتها مش حتطلعوا بخير لا مع محور الفرس ولا مع شعبكم.